نشأتهم:
هم واحدة من آلاف الشيع البروتستانتية التي تسمي نفسها كنائس. تعود بدايتهم لعام ١٦٠٩ حين أختلف شخصان إنكليزيان، هما جون سميث وتوماس هلويز، مع ما يسمى كنيسة إنكلترا، التي بدورها كانت انشقت عن الكاثوليكية قبل ذلك الوقت بنحو٧٠ عام. كان خلافهما حول بعض العقائد الرئيسية كمعمودية الأطفال، السلطة الكنسية وعلاقتها بالدولة. فانفصلا عنها وأسسا ماعرف في ما بعد بالكنيسة المعمدانية.
كان سميث غير مقتنع بمعمودية طفولته. فرش نفسه بالماء مع آخرين عام ١٦٠٩معيدا تعميد نفسه. فكانت بدايتهم، رغم تشكيك سميث في صلاحية تعميد نفسه وفي إنشاء معمودية جديدة.
اضطهدت الكنيسة الإنكليزية هؤلاء المعارضين، فلجأ سميث إلى هولندا وأسس كنيسة معمدانية. بينما بقي توماس هلويز في إنكلترا واستطاع أن يؤسس أول كنيسة معمدانية هناك بعد سميث بنحو سنتين. بعد فترة عاد سميث إلى إنكلترا حيث بدأ الإثنان نشاطا كبيرا في نشر دعوتهما الجديدة التي وصلت أمريكا عام ١٦٣٩. رغم تبنيهم اللاهوت الكالفاني، أصدروا في لندن أول اعتراف إيمان خاص بهم عام ١٦٤٤. ومنذ بدايتها انقسمت هذه الشيعة الى قسمين، قسم بقيادة جون سميث آمن بحرية الاختياروقسم آخر آمن بالجبرية.وكانت هناك حركة أخرى، سُمّيت مجددي المعمودية، يرفضون معمودية الأطفال ويعمدون الداخلين إليهم.
قامت مبادئهم على تفسير الكتاب المقدس تفسيراَ حرفياَ. وبسبب مناداتهم بحرية الضمير تعددت عقائدهم، فمزج بعضهم الروحانيات بالماورائيات واعتقدوا بمذهب وحدة الوجود. بعضهم الآخر انحرف إلى حد إنكار عقيدة الثالوث ولاهوت المسيح في حين أنكر آخرون حقيقة جسده البشري. كما وقامت مبادئهم التنظيمية على فصل الكنيسة عن الدولة وعلى استقلال الكنائس المحلية.
حجج الإنجيلين المعمدانيين
هناك مقولة شائعة لدى كل شيع البروتستانت تقول: أن الشيطان بدأ بإدخال تغيرات على عقيدة الإيمان بالمسيح منذ القرن الرابع، وتحديدا مع الإمبراطور قسطنطين الكبير، الذي كان له فضل كبير في وقف اضطهاد الكنيسة والذي أدخل -حسب زعمهم- تعاليم جديدة على حقيقة الإنجيل. فابتعدت الكنيسة عن الروحانية والبساطة الإنجيلية. وبعضهم يقول ان الانحراف بدأ بعد موت الرسل مباشرة مستشهدين بتنبؤ بولس الرسول: “ولكن الروح يقول صريحا إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم” (١ثيموثاوس ٤: ١). متجاهلين أن هذا القول ينطبق على الإنجيلين المعمدانيين وغيرهم من الذين نشأوا في “الأزمنة الأخيرة”. أماإيمان الكنيسة الأرثوذكسية فهو ذاته كما كانت تعيشه في زمن الرسل، وكل الكتابات التي تركها آباؤها وقديسوها من القرن الأول الى القرن الرابع تشهد لذلك.
سنثبت هذا الأمر في كل عقائد الإيمان التي سنطرحها بالتفصيل في المقال لاحقا. السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن لكنيسة المسيح أن تنحرف عن الحق الرسولي؟ و هل الروح يقسم أم يجمع؟؟طبعا من المعروف أن شيعهم تتكاثر بشكل يتجاوز المعقول. فكل بروتستانتي لا يوافق على تعليم قسيسه يفتح كنيسة مستقله على حسابه.
نعلم من الكتاب المقدس بأن الروح القدس هو الذي يجمع تلاميذ المسيح ويوحدهم بفكره الواحد. فكيف يفسرون انقسامات شيعهم التي أصبحت بالآلاف. أليست ضد تعليم السيد المسيح وإرادة الله؟ “ولكنني أطلب إليكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولا واحدا ولايكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد” (١كورنثوس ١: ١٠).
العقائد المعمدانية الرئيسة
ليس للإنجيلين المعمدانيين هيئة كنسية عليا أو أسقف، بل استقلالية لكل كنيسة محلية؛ لا بالإدارة فقط، إنما في مواضيع الإيمان والعقيدة، التي يصوت عليها ضمن حدود كلمة الله حسب زعمهم.ويمكن لكل معمداني بأن يفسرها فرديا، كما يراه هو صحيحا. لهذا نجد اختلافات عديدة بين كل كنيسة وأخرى. فالعقيدة بالنسبة إليهم ليس لها أي أهمية في عملية الخلاص، فتحولت المسيحية عند بعض شيعهم إلى بعض المبادئ الأخلاقية والسلوك الحسن. أما عقيدة معرفة المسيح الحية، التي كشف لنا بها نفسه، وعملية جهاد الإنسان الروحي وانتزاع الخطيئة من النفس؛ ماعاد لها مكان في ناموسهم. ففقدوا كل علاقة مع التقليد الرسولي الواحد، الذي بنيت عليه الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية.
وجود أكثر من ٦٥ فئة معمدانية في العالم يجعل من الصعب تحديد عقائدهم بدقة، فاخترنا النقاط المشتركة بين فئاتهم.
- الكنيسة منظورة وغير منظورة. الأولى هي جماعة المؤمنين بيسوع والثانية هي الحقيقية وتتألف من الأعضاء المختارين والمتجددين.
- التسليم الكنسي أوتقليد الكنيسة. هو بشري وباطل والكتاب المقدس هو مصدر الإيمان الوحيد ويمكن لأي إنسان أن يفسره على طريقته.
- التبرير بالإيمان وحده. فالله يبرر الخاطئ بالإيمان ولاقيمة للأعمال الصالحة في ذلك.
- أسرار الكنيسة. ليست قنوات لعمل النعمة الإلهية وإنما هي فرائض ورموز ليست ضرورية للخلاص كما يرفضون سر الكهنوت معتبرين أن المسيح هو الكاهن الوحيد وأن جميع المؤمنين هم كهنوت ملوكي. فالمسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر لهذا يرفضون شفاعة والدة الإله والقديسين وأيقوناتهم وذخائرهم وذكرانيات الموتى وكل الطقوس الكنسية.
يتبع…
من حلقات نشرت على صفحة “المسيح إلهي روم ارثوذكس”
من كتاب” الإيمان الأرثوذكسي والإنجيلين المعمدانين”
للأب المتوحد: غريغوريوس (اسطفان)