بعد مضيّ السّبت و”باكراً جدًّا” في أوّل الأسبوع، أي في ما سيسمّى لاحقًا “يوم الربّ” (راجع رؤيا 10:1)، تأتي إلى القبر ثلاث نساء: مريم المجدليّة ومريم أم يعقوب وسالومة. من أين لهنّ هذه الحماسة؟ من أين أتتهنَّ هذه الجرأة؟
إنَّ شجاعة هؤلاء النسوة تأتي من قوّة الحنان، من قوّة المحبّة عندهنَّ. الرسل كانوا خائفين… في حين استحقَّتِ النسوةُ حاملات الطِّيبِ أن يكنَّ أوّل من أُعلن له خبر القيامة: “قد قام. ليس هو ههنا” (مر6:16)، فأصبحن، بذلك، مبشِّرات (رسولات) الرُّسُل: “اذهبن وبشّرن الرسل بذلك”.
كيف أذوقُ قوّة القيامة منذ الآن، وقبل أن أموت، وقبل القيامة العامَّة؟ أنا أعيش في وسط القلق والمرض، أو في وسط الفقر، والعَوَز، واليأس، إنّي أحيا في وسط عدم الاستقرار في بلدي! أين يسوع القائم في كلِّ هذا؟ مَنْ يُدَحْرِجُ ليَ الحجرَ عن كلِّ هذا الضّعف والفساد؟
الدّنيا هي “وادي دموع” بحسب كاتب سفر المزامير، ولكن! يوجد تعزية، لا بل تعزيات نحصل عليها في هذا العالم: تعزية الله القائم فينا، تعزية الكنيسة، تعزية الإخوة، تعزية الكتب المقدَّسة، تعزية الإيمان والرّجاء، وخصوصاً تعزية المحبّة التي “لا تسقط أبدًا”. هذه التعزية الإلهيّة في داخلي تعطيني القوّة لأتخطَّى آلآم هذا الدّهر الحاضر، وحتى آلآم الموت.
من أين تأتي هذه التعزية؟ من سُكْنَى النعمة الإلهيّة فينا. والنعمة الإلهيَّة تستقرُّ فينا متى اقتنينا الروح القدس. هذه خبرة الكنيسة وقدِّيسيها.
من أراد أن يتعزّى في هذا الدهر الصعب فليسْعَ لاقتناء الطيب الروحي الذي ينسكب علينا من لدن الآب بالإبن.
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
عن “الكرمة”، العدد 16، الأحد 18 نيسان 2010