أ- مفهوم عام لعبارةبقايا (ذخائر) القديسين:
كلمة بقايا باللغة اليونانية وباللغة اللاتينية الكلاسيكية RELIQUIAE، في الأصل تعني أن أي شيء من بقايا الأموات، ولكنها مع الوقت أخذت معنى دينيًا إذ خصصت الكنيسة هذه اللفظة لبقايا القديسين وما يختص بهم: كالأجساد والأدوات التي استعملها القديس خلال حياته الأرضية وكل ما تبقى من الأدوات التي تألم بها وأدّت إلى استشهاده.
والبقايا هي جلد القديس، هيكله، ثيابه وكل شيء مادي استعمله حتَّى موته، وفي كثير من الأحيان الأواني المقدسة والأدوات التي كانت لها علاقة مع جسده.
ب- تقديس المادة:
لقد أتى الإله ليقدّس المادة ويطهرها ويرفعها عندما َقبِل أن يصير جسدًا. لأن جسدنا نحن البشر هو من مادة هذا العالم، ولكن هذه المادة بعكس ما يقوله بعض الفلاسفة اليونان القدماء، مثل أفلاطون، الذين يعتبرون الجسد كسجن للنفس والمادة بحدّ ذاتها فاسدة، أو كالهرطقة الغنوسية التي تؤكد أن المادة هي شرّ.
فهي بحد ذاتها جيدة، لأنَّها خليقة الله. لكننا يمكن أن نعتبرها قد فسدت بعد السقوط مع فساد طبيعة الانسان. ولكن هذا لايعني انها لا يمكن أن تتقدس من جديد، لأن المسيح قد أتى ليقدسها. لذلك عندما يتقدس الإنسان نفسًا وجسدًا، “أجسادكم هي أعضاء المسيح ( 1 كو 6: 15 ) وهيكل الروح القدس” ( 1 كو 6: 19 )، وهذه هي دعوتنا أن نتقدس بكليتنا.
نرى في معموديتنا عندما يقدّس الماء ويعاد إلى طبيعته الأصلية، انه يتجاوز طبيعته نفسها: فالمسيح بنزوله إلى الأردن، وباعتماده؛ حوّل الماء إلى قوة الفداء لكل البشر، وجعلها تحمل نعمة الفداء في العالم.
وفي المنظار نفسه، الإنسان المسيحي الذي يلتصق كليًا بالمسيح تتحول مادة جسده بنعمة المسيح فيمتلئ جسمه من الروح القدس ويكون انعكاسًا ونق ً لا لقوة المسيح في العالم، وجسده كّله يصير إلهيًا لأنه ملتصق بالاله المتجسّد.
لقد صار الإنسان عبدًا للقوات الشيطانية عندما صار عبدًا للعالم ومادّته. وتحرير الإنسان يبدأ بتحرير المادة، أي تطهيرها وفدائها، وباعادتها إلى وظيفتها الأصلية: وسيلة لحضور الله، وحماية ودفاعًا ضد الواقع الشيطاني المدمّر.
فالمادة، بالمنظار المسيحي للعالم، ليست محايدة أبدًا. لأنَّها إذا لم “تربط بالله” أي إذا لم ينظر إليها وتستعمل بمثابة وسيلة للشركة معه والحياة فيه، تصبح حاملة لما هو “شيطاني”، بل مكان وجوده بالذات.
وليس من قبيل الصدفة أن رفض الله والدين في عصرنا قد تبلور في المبدأ القائل بالمادية، وبأن المادة هي الحقيقة العلمية المطلقة، وأن لا بد من خوض حرب ضد الله باسم “المادية”، هذا الرفض لم يسبق له مثيل وهو مستمر في أجزاء تتسع باستمرار في عالمنا الذي يفترض أنَّه متحضر.
ولكن ليس من قبيل الصدفة أيضًا أن الدين الكاذب والروحانية الكاذبة غالبًا ما يقومان على رفض المادة، وتاليًا رفض العالم نفسه، وعلى جعل المادة مرادفة للشر أي التجديف على خليقة الله.
ورفض التدخل الإلهي في المادة كان من الأسباب التي أدّت بمحاربي الأيقونات إلى هرطقتهم واحتقار بقايا القديسين، فهم لم يرفضوا عقيدة التجسد من الناحية النظرية، بل على العكس فقد بنوا عقيدتهم بناءً عليها، أمّا من الناحية التطبيقية فرفضوا تقديس المادة بشكل عام وتأله الإنسان بشكل خاص، وبكلام آخر رفضوا قبول نتائج التجسد: تقديس الأشياء المنظورة، العالم المادي، وبالتالي لم يفهموا كل التدبير الخلاصي.
إن الكتاب المقدَّس والايمان المسيحي ينفردان باختبار المادة واظهار أنها صالحة في جوهرها، مع امكانية تحوّلها إلى اداة ناقلة لسقوط الإنسان وعبوديته للموت والخطيئة، ووسيلة يسرق بها الشيطان العالم من الله. ولكننا نستطيع “في المسيح” وبقوّته أن نحرّر المادة ونستعيدها كرمز لمجد الله ووجوده، وكسرّ لفعله وشركته مع الانسان.
إن التقديس سواء أكان تقديسًا للماء أو للخبز والخمر في سر الشكر لا يكون أبدًا معجزة ظاهرة و “مادية”، ولا تحويلاً يمكن أن تتفحصه حواسنا أو تبرهنه. فالواقع أنَّه في “هذا العالم” أي بحسب مقاييس هذا العالم وقوانينه “الموضوعية” لن يحصل شيء للماء، ولا للخبز والخمر.
كما أن فحص هذه المواد مخبريًا لن يؤدي إلى ملاحظة أي تغيير أو تحوّل فيها. وقد اعتبرت الكنيسة دائمًا أن انتظار تحوّل كهذا أو محاولة البحث عنه هما خطيئة وتجديف. فالمسيح لم يأت ليستبدل المادة “الطبيعية” بمادة “تفوق الطبيعة” بل ليستعيدها ويحققها باعتبارها وسيلة للشركة مع الله.
إن الماء المقدَّس في المعمودية والخبز والخمر المقدسين في سر الشكر تمّثل كامل الخليقة، لكنها تمّثلها كما ستكون في النهاية، أي عندما تتمّم في الله، ويملأ الله كل شيء بنفسه. فالتقديس إذًا، هو تجّلي تلك النهاية وظهورها، أي تلك الحقيقة النهائية التي من اجلها خلق العالم، فتحققت بالمسيح عن طريق تأنسّه وموته وقيامته وصعوده، ويعلنها الروح القدس في الكنيسة الآن، وستتم في الملكوت “الآتي”.
ولأن التقديس هو دائمًا تجّلي نهاية كل الأشياء فإنه لا يكون “نهاية بحدّ ذاته”. فالانسان يرى أن الخبز والخمر هما حقًا “جسد المسيح ودمه” لكي يحصل على شركة حقيقية مع الله. وليس في الكنيسة الأرثوذكسية عبادة للقرابين المقدسة ذاتها أو من اجل ذاتها، لأن تحقق سرّ الشكر يكمن في شركة الإنسان وتحوّله. ومن اجل هذا بالضبط، اعطي هذا السر.
والماء المقدّس حتَّى يظهر ويكون غفرانًا للخطايا وفداء وخلاصًا، أي حتَّى يكون ما هو مقصود لكل مادة أن تكون: وسيلة لغاية، أما الغاية فهي تأله الإنسان ومعرفته الله وشركته معه.
ج- تحوّل الجسد:
تقدّر الكنيسة الجسد الانساني تقديرًا كبيرًا. ويشهد على ذلك تجسّد المسيح، أي قاعدة خلاص الإنسان والعالم بأجمعه. ويوضح الرسول بولس: “ففيه يحلّ كمال الألوهة حلولاً جسديًا” (كول2: 9، انظر فيل 2: 5-11، عب 2: 13-18، اش 8 : 18، أع 8 : 9). قد اختبر التلاميذ ذلك على جبل التجّلي وبعد القيامة. فجسد الرب لم ينحلّ داخل القبر، بل أُنهض ولمسه الرسل حتَّى الجروح (مز 15: 9-10، لو 24: 39، يو 2: 21، 20: 27، أع 31-32، رؤ 5: 6).
في خليقة المسيح الجديدة يصير الجسد الانساني “عضو المسيح” و “هيكل الروح القدس” ( 1 كور6: 15-19)، ويُدعى الإنسان إلى تمجيد الله “بجسده” ( 1 كو6: 20 )، وإلى تقديمه “ذبيحه حية مقدسة مرضية عند الله” (رؤ12: 1) “لكي تظهر في أجسادنا حياة المسيح أيضًا ( 2 كو 4: 10). : فإنسان الخليقة الجديدة هو “ذرية الله” (أع 17: 18) ومساهم في مجد الله الذي يعكسه بجسده ( 2 كو 3: 18)
حرب الكنيسة إذًا ليست ضد الجسد بل ضد أهوائه. فإذا تحرّر انسان الخليقة الجديدة من اهوائه الفاسدة، صارت حوّاسه وكامل جسده نقية منيرة، وشعّ كل شيء حوله بمحبة الله ومجده.
د- تأله الجسد:
بشركة الروح القدس يتأله الإنسان بكليّته ( 1 تس 5: 23) أي بالروح وبالقوى (بالأفعال) وكذلك بالجسد.
من أهم نتائج التأله هو تقديس الجسد وتأّلهه. الجسد ليس سجنًا للنفس كما يعّلم افلاطون وليس له هدف ارضي فقط “أما الجسد فليس للزنى بل هو للرب والرب للجسد” ( 1 كور 6: 13). فكما قلنا سابقًا، الجسد يجب أن يكون جسدًا له وهيكل لله مقدس. اذا فالجسد يجب أن يتقدس بالكلية بالتأله، وبالتأله فقط يصل الجسد إلى كامل قيمته وليس في النظريات الانسانية الحديثة.
يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث عن تأله الجسد: “ان النفس التي أصبحت بتقديسها أهلاً لأن تكون شريكة في النعمة الالهية، تستمر بالضرورة بتقديس كامل هيكلها. لأنها حيث تكمن في هذا الهيكل و توجد في كاّفة أعضائه. لذلك فنعمة الروح القدس، عندما تسكن في النفس، تسكن أيضًا في هيكلها. ولكن طالما بقيت النفس في هذا الهيكل فان الروح القدس لا ينقل هيكلها بالكامل إلى مجده لأنَّهُ من الضروري أن تكون لها حريتها وأن تبدي رغباتها وتظهر ارادتها إلى أن تنتهي حياتها الأرضية. وعندما تنفصل النفس عن الجسد يتوقف الجهاد. فان انتصرت النفس وانفصلت عن الجسد حاملة اكليل عدم الفساد. حينئذ تسكن نعمة الروح القدس وتقدّس بالكلية هيكل هذه النفس. ولذلك نجد عظام القديسين وبقاياهم تفيض أشفية تداوي كل ضعف.
إن انفصال النفس عن الجسد يحرّر الاثنين معًا من حاجة كل منهما إلى الآخر ومن تأثير أحدهما على الاخر. وبذلك فإن النعمة الالهية تفضل في كليهما دون أي عائق حيث يصبح الاثنان بكليتهما لله تسكن فيهما النعمة الالهية بعد أن قضيا حياة لائقة بالالوهة عندما كانا معًا. أمّا عند الدينونة العامة فان الجسد أيضًا يكتسب عدم الفساد الذي منحه الله للنفس عند تقديسها.
القديس اثناسيوس يقول في ذلك أيضًا: “ان النعمة الالهية توجد في نفوس وأعضاء القديسين” (شرح المزمور 117). كذلك القديس مكاريوس يقول: “كما تمجد جسد المسيح عند التجلي على الجبل بالمجد الإلهي وبالنور الذي لا يغرب، كذلك تتمجد أجساد القديسين وتلمع. وكما أن المجد الكائن في جسد المسيح أشرق مضيئًا، كذلك أيضًا تفيض قدرة المسيح في ذلك اليوم وتشع خارج أجسادهم ” (الكلمة 15،38 ). وكلما كانت المساهمة في شركة الروح القدس أغنى كلما ازدادت قداسة الأجساد أيضًا. القديس يوحنا الذهبي الفم يقول: “بالموت لا تتغرب أجساد القديسين عن النعمة التي كانوا يحيون بها، بل تزداد بها” (في مديح أحد الشهداء).
هـ – نتائج التأله:
1- لمعان الوجه:
أول انسان لمع وجهه كان موسى (خروج 34: 29-35 )، ثم القديس أنطونيوس، سيسوى، موسى الحبشي و آخرون…
2- انتقال نعمة القديس باللمس:
هكذا نجد أن ما مسّ جسد القديس بولس لم يكن مقدسًا فحسب بل كان ينقل النعمة أيضًا إلى الآخرين (أع 19: 21 ). و القديس باسيليوس الكبير أيضًا يقول: “انّ الذي يلمس عظام الشهيد تنتقل إليه نعمة التقديس الموجودة فيها”.
3- افاضة الطيب:
تفوح من الذخائر المقدسة لبعض القديسين رائحة ذكية لا توصف. ونقرأ في استشهاد القديس بوليكاربوس (+ 156 ) أن جسده كان يفيض رائحة ذكية في حين استشهاده. “….كان الشهيد يقف في الوسط لا كلحم يحترق بل كخبز يشوى أو ذهب أو فضة، وضعت في البوتقة وكّنا نتنسّم رائحة كأّنها البخور أو عطور نادرة ثمينة”.
ونقرأ في السنكسار أن جسد العظيم في الشهداء القديس ديمتريوس المفيض الطيب، “كان ينضح بكثرة، إلى حد أن السكان المحليين وأشخاصًا آخرين قادمين من أمكنة بعيدة كانوا يأخذون منه دون أن ينضب، وبالأحرى أنَّه كان يزداد بشفاعة القديس. وكانت لهذا الطيب قوة العلاجات والأشفية العظمى” .
وكذلك حال عدد من القديسين، مثل القديس نكتاريوس أسقف اجينا، والقديس سيرافيم ساروفسكي. فيمانيا الذي أسس دير خيلانداريوس، والقديس اغناطيوس وغيرهم…..
إن”عبير المسيح” ( 2 كور 10: 2 ) ونعمة الروح القدس يحلان على القديسين ابان حياتهم الأرضية ويملآن اجسادهم. وهذه هي معمودية النار وختم موهبة الروح القدس، كما نقول في سر المسحة المقدسة. وتستمر المعمودية في القديسين فتجعلهم يحسون بحرارة لا يعبر عنها وبشذا غير معروف، وهما من ثمار الروح القدس ولهذا السبب يحضّر الميرون في الكنيسة من عناصر عطرية .
4- عدم فساد الذخائر المقدسة:
لدى الكنيسة الارثوذكسية العديد من بقايا القديسين التي لم ينل منها الفساد بالرغم من الزمن الطويل الذي مرّ عليها . نذكر مثلاً ذخائر القديس اسبيريدون من جزيرة “كركيرة” في اليونان. هناك يوجد جسده الذي يعود إلى القرن الرابع . ليس محنطًا أو ممنوعًا عنه الهواء بل موضوعًا في تابوت، مكشوف دون غطاء. وكذلك جسد القيسة ثيدورا، في اديرة “كييف” وغيرها من المناطق الروسية هناك أجساد ألف راهب لاتزال محفوظة بدون فساد، وكذلك في رومانيا مثلاً القديس يوحنا الجديد والقديس ديميتري سارابوف وغيرهم……
“أحيانًا عدم انحلال أجساد القديسين يعتبر مؤشرًا على قداستهم (وأحيانًا العكس صحيح). ولكن عدم انحلال الأجساد ليس قاعدة عامة توجب التطويب”.
5- العجائب التي تجري بواسطة البقايا المقدسية:
إن قدرة القديسين العجائبية لاتعود إلى قدرتهم الخاصة، بل إلى القوة الالهية الساكنة فيهم، اذ لهم ولله نفس القوة، وبحسب الواهب التي اعطاها الروح القدس لهم، تظهر فيهم العجائب المختلفة التي تجري على ايديهم المباركة. فمنهم من يشفي المرضى، ويقيم الموتى، ومنهم من كان متحررًا من سيطرة قوانين الطبيعة في حياته المتقدسة بحضور النعمة الالهية. فنرى منهم من يتنبأ، أو يتكلم بألسنة، أو يشاهد رؤى، ومنهم من تظهر في جسده سمات الرب يسوع وجراحاته… ومنهم من يشع من جسده نور عجائبي لدرجة تبهر الناظرين إليه، ومنهم من تبعث من جسده رائحة طيب ذكية، كالبخور، سواء قبل رقاده أو بعده. وكل هذا بفعل النعمة الالهية.
فالنعمة الالهية لا تفارق القديسين قبل رقادهم أو بعده. انها لاتقدس أرواحهم فقط، بل أجسادهم أيضًا.
فالقديسون هم أدوات النعمة الالهية الفاعلة فيهم. هم ليسوا على غرار آدم القديم، قبل الخطيئة، بل على صورة آدم الجديد يسوع المسيح، ومثاله. هم يفوقون آدم قداسة ومرتبة، لقد صاروا آلهة – كما اشتهى لآدم أن يصير – انما آلهة بالنعمة بملء حريتهم وحرية الله، وليس بالتجاوز على الله. لقد ملكوا الحياة الالهية، النعمة غير المخلوقة، القوى غير المخلوقة، فتجاوزوا الطبيعة بعجائبهم وذلك بمقدار ما يسمو الإنسان كأقنوم مخلوق (على صورة اقنوم يسوع) على الطبيعة كمادة غاشمة عمياء لا أقنوم لها.
“إن قدرة القديسين العجائبية، التي هي خاصة بجميع المعمودين، وانما في حالة كمون، هي قدرة غير مخلوقة والا كّفت عن أن تكون إلهية، وصارت مجرّد اعتلان طبيعي. فحين دهننا الكاهن بالميرون أخذنا الروح القدس كنعمة للحياة، وكمواهب يظهرها هو متى شاء للمنفعة ( 1كو 12: 13: 1-13)”.
وتذكر سير القديسين عددًا كبيرًا من العجائب التي حصلت بواسطة الذخائر المقدسة. ونقرأ في سيرة القديس نكتاريوس الحادثة التالية: “يوم رقاد القديس الطاهر أمسك أحد الأشخاص بيمينه، وكان عديم الإيمان والتقوى، إلا أن زوجته كانت امرأة ورعة فما أن أمسك بها حتَّى شعر أنها حارة وطرية. فتعجب كثيرًا ثم تاب وغدا، بنعمة القديس، مؤمنًا ورعًا”.
6- تمجيد الجسد في الحياة الحاضرة وبعد القيامة العامة:
يقول الأب رومانيدس في مقالته حول تمجيد الانسان: “لم يعد التمجيد محدودًا فقط في القلب، ظاهرًا كالأنبياء، بل ممتدًا إلى كل جسد من أجساد هؤلاء الممجدين ومستمرًا في القديسين بشكل دائم، فيلهمون بواسطة تمجدهم الثابت ويصبحون ذخائر مقدسة”.
ونقول أيضًا في خدمة الجناز أن جسد المسيحي هو “صورة مجد الله الذي لا يوصف” على الرغم من أنَّه “يحمل آثار الزلات”.
“إن عقيدة تكريم رفات القديسين (وكذلك تكريم الايقونات) مؤسسة على الإيمان بوجود ارتباط روحي ما بين الروح القدس ورفات هؤلاء القديسين التي لم يستطع الموت الجسدي أن يحّلها إلى التراب الذي أخذت منه. الرفات هذه بقيت تعيش مع النفس الحية إلى حدّ ما. هناك نعمة روحية في أجسادهم وحتى في أصغر بقايا أجسادهم. هذه النعمة الروحية حافظت وتحافظ على هذه الأجساد أن تبقى بعدم انحلال وتلف. بقايا أجساد القديسين هذه انما هي أجساد ممجدة قبل الأوان أي قبل القيامة العامة للأجساد الراقدة التي تنتظر هذا اليوم. انها تشبه جسد الرب عندما كان في القبر، والذي وان كان مائتًا بدون نفس حيّة ولكنه لم يكن مطروحًا من الروح الالهي، بل كان ينتظر القيامة”.
المصدر:www.orthodoxonline.org