عندما يقول الرسول “نحن عاملون مع الله” لا يريد اننا نقوم بجزء من العمل والله بجزء. انها مشاركة ليس لنا فيها حصة الله غائب عنها. أراد بولس ان يعطي لعملنا صورتين واحدة من الفلاحة “أنتم حرث الله” وواحدة من بنيان البيوت “أنتم بناء الله”. والتشبيهان واحد.
ثم يذهب بـولس الى القول انه وضع الأساس ويؤكد انه المسيح. ولا تُعطى انت ان تأتي بأساس آخـر. وكل الذين - بصورة او بأخرى – نعتبـرهم في الكنيسـة هامين جدا ما كانوا يـرون انفسهم الا قائمين على الأساس الواحد الذي هو المسيـح. الآباء ومن بعدهم كبار اللاهـوتيين مفسـرون او ناقـلون للرسالـة ولكنهم لم يأتوا بأساس آخر اذ ليس من أساس آخر. من لا تستطيع ان ترد فكره الى السيد بطريقة او بأخرى ليس بشيء.
هذا لا يعني ان كلام التعليم عندنا هو تكرار لما قيل بحرفيته عند القدامى ولكنه يجب ان يكون مطابقا له في الجوهر او المضمون.
لم يقل الرسول انك تكرر حرف الإنجيل اذ لا يكون عند ذاك فكر يسوع في الكنيسة. أنت تؤيد ما قاله الكتاب بطريقتك وأسلوبك حسب ما يقتضي المقام او لتوصل جوهر الكتاب الى سامعيك او قارئيك. تلاوة الكتاب المقدس لها مكانتها في عباداتنا ولكن التفسير له ايضًا مكانته، من هنا اننا بعد القراءة نعظ اي نحاول تقديم الفكر الإلهي الى الفكر البشري، الى الناس الذين هم أمامنا في الكنيسة. هناك ضرورة لقراءة الكتب المقدسة كما هي لننضبط بكلمة الله كما جاءت وهناك ضرورة لتبليغها. فكما ان بولس نقل الى قرائه المسيحيين العهد القديم بلغتهم اي حسب تربيتهم نحن ننقل الى عقول معاصرينا معنى العهدين القديم والجديد حتى يستوعبوهما.
بفضل التفسير كل نص سابق لعصرك يحتاج الى ان يدخل الى العقول الحاضرة فتأخذ أنت بعين الاعتبار هذه العقول وتخاطبها بلغتها لتصل اليها الحقيقة الإلهية الثابتة.
أنت تأخذ نصًّا معتمدًا في الكنيسة اي إلهي المصدر وتحاول تبليغه الناس كما تعرفهم في ثقافتهم ومسائلهم لكي يصبح الكلام الأبدي في ذائقة الناس. تأخذ هذا الكلام وتمتحنه بالأساس الذي بين يديك اي تمتحن المؤقت بالأبدي فيبقى من المؤقت ما يوافق الأبدي ويندرج الأبدي بالمؤقت ليصلحه ويثبته في ما هو دائم.
الموهبة الروحية عند الواعظ العميق ان يبقى دائمًا مخلصًا للإيمان فلا يبتدع اي لا يأتي بفكر منحرف وان يخاطب العقول التي أمامه بحيث يؤهلها لقبول ما استلمنا من القديسين. على الواعظ كما على المعلّم ان يحرص على ان لا يعلّم آراءه ولكن فكر الرب.
هذا يتطلب الجمع بين الإخلاص لما استلمنا والأسلوب التربوي الذي يؤهل المتكلم ان يصل الى سامعيه.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: ١كورنثوس ٩:٣-١٧
يا إخوة، إنّا نحن عاملون مع الله وانتم حَرْثُ الله وبناء الله. انا بحسب نعمة الله المعطاة لي كبنّاء حكيم وضعتُ الأساس وآخر يبني عليه. فلينظرْ كل واحد كيف يبني عليه، اذ لا يستطيع أحد أن يضع اساسا غير الموضوع وهو يسوع المسيح. فإن كان أحد يبني على هذا الأساس ذهبا او فضة او حجارة ثمينة او خشبا او حشيشا او تبنا، فإنّ عمل كل واحد سيكون بيّنا لأن يوم الرب سيُظهره لأنه يُعلَن بالنار وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. فمَن بقي عمله الذي بناه على الأساس فسينال أجرة. ومن احترق عمله فسيخسر وسيَخْلُص هو ولكن كمن يمرّ في النار. أما تعلمون انكم هيكل الله وان روح الله ساكن فيكم؟ من يُفسد هيكل الله يُفسده الله لأن هيكل الله مقدَّس وهو أنتم.
الانجيل: متى ٢٢:١٤-٣٤
في ذلك الزمان اضطر يسوع تلاميذه ان يدخلوا السفينة ويسبقوه الى العبر حتى يصرف الجموع. ولما صرف الجموع صعد وحده الى الجبل ليصلّي. ولما كان المساء كان هناك وحده. وكانت السفينة في وسط البحر تكدّها الامواج لأن الريح كانت مضادة لها. وعند الهجعة الرابعة من الليل، مضى اليهم ماشيا على البحر. فلما رآه التلاميذ ماشيا على البحر، اضطربـوا وقالـوا انـه خيـال، ومن الخـوف صرخوا. فللوقت كلّمهـم يسوع قائلا: ثقوا انا هو لا تخافوا. فأجابه بطرس قائلا: يا رب إن كنتَ انت هو فمرني ان آتي اليك علـى المياه. فقال: تعال. فنزل بطرس من السفينة ومشى على المياه آتيا الى يسوع. فلما رأى شدة الريح خاف، وإذ بدأ يغرق صاح قائلا: يا رب نجّني. وللوقت مدّ يسوع يده وأمسك به وقال له: يـا قـليل الايـمان لمـاذا شكـكتَ؟ ولمـا دخـلا السفـيـنـة سكنـتِ الريـح. فجاء الذيـن كانـوا في السفينة وسجدوا له قائلين: بالحقيقة انت ابن الله. ولما عبروا جاؤوا الى أرض جنيسارت.