نعمة الروح القدس تعطينا مواهب مختلفة يذكر الرسول أوّلها وهي موهبة النبوّة. هذه لا تعني كما يظن الكثيرون موهبة الكلام على المستقبل. هذا جانب منها. انها تعني إيصال كلمة الله عن الحاضر اولاً اي تُبدي ما يطلبه الرب من الكنيسة الآن.
الرب يعطي قوة الخدمـة للقادر على الخدمـة وهي أولاً إعانـة الفقـراء. ثم هناك من وَهبه اللهُ التعليم وفي عصر الرسل هو تعليم الإيمان كاملا اي في كل أقسامه. هو يختلف عن الوعظ الذي يستند الى ما يُقـرأ من الكتـب المقدسـة ولا سيما نصوص العهـد الجديد. اما في الوقت الذي كُتبت فيه هذه الرسالة، فالأناجيل لم تكن قد دُوّنت، ولذلك كان يستند الوعظ على كتُب العهد القديم وربما على ما كتبه بولس قبل رسالته هذه مثل الرسالتين الى أهل كورنثوس. ونحسب أن ما قرأه أهل كورنثوس من بولس وزّعـوه على كنـائس اخرى. هذا كـان طبعًا على أساس أن ما استلمته إحدى الكنائس خصيصًا لها كانت تشعر أن عليها ان توزّعـه على كنـائس اخرى. وهكذا بمرور الوقت، صارت كل كنيسة في القداس الإلهي تقرأ على المؤمنين ليس فقط ما استلمته هي على وجه التخصيص ولكن تقرأ ما أَخذَتْه عن كنائس اخرى. فما من شك مثلا أن كنيسة كورنثوس التي استلمت من الرسول رسالتين وزّعتهما على الكنائس المجاورة. وهكذا باتت كل كنيسة تقـرأ ما استلمته هي من الرسول ومن تلك التي استلمتها كنائس اخرى وهذا كان يتم بالتـوزيع.
الواضح أن بولس تكلم عن مواهب مختلفة. فالخدمة (الاجتماعية) موهبة، والوعظ موهبة اخرى. وغالبا ما كانت كل كنيسة تحصل على المواهب التي استلمتها كنيسة اخرى. فالخدمة لم تكن محصورة في كنيسة واحدة، وما كان الوعظ محصورا، ولا الصدقة محصورة، ولا الإدارة. كلها مواهب وزّعها الروح القدس على كل الكنائس. ولكن في كل كنيسة من وهبه الله موهبة التعليم ومن وهبه مشاركة الفقراء. وتكون هكذا هذه الكنيسة تمتاز بقوة التعليم وتلك بموهبة العطاء. ومع الوقت صارت كل مواهب الروح القدس تنزل على كل كنيسة، فتظهر هكذا مثلا كنيسة الاسكندرية مُحبة للفقراء وكنيسة القسطنطينية قوية بالتعليم. “الروح يهُبّ حيث يشاء” ويوزّع المواهب كما يشاء.
كل المواهب تأتينا من المحبـة ويهـب الـروح القدس هذه الموهبـة لهذا وتلك الموهبـة لذاك كما يرى هو. والروح الإلهي فعّال في هذا بطريقة وفي ذاك بطريقة. والطرُق مجتمعة تكشف عمل الروح في هذه الكنيسة او تلك.
ما يؤكده بولس بعد كلامه عن المواهب أن المهم أن نكون “حارّين بالروح (اي بالروح القدس الساكن فينا)، عابدين الرب” بقلوب طاهرة لا بالشكل الظاهر، مجتهدين، “صابرين، مواظبين على الصلاة، “مؤاسين القديسين (اي الفقراء) في احتياجاتهم”. هكذا كان بولس ينعت الفقراء بالقديسين لأنهم أَعطوا نفوسهم للرب. وكان يهمّه جدا إضافة الغرباء الذين يجب ان يشعروا انهم إخوة.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: رومية ٦:١٢-١٤
يا إخوة اذ لنا مواهب مختلفة باختلاف النعمة المعطاة لنا فمن وُهب النبوّة فليتنبأ بحسب النسبة الى الإيمان٠ ومن وُهب الخدمة فليلازم الخدمة، والمعلّم التعليم، والواعظ الوعظ، والمتصدّق البساطة، والمدبّر الاجتهاد، والراحم البشاشة. ولتكن المحبة بلا رياء. كونوا ماقتين للشر وملتصقين بالخير، محبّين بعضُكم بعضا حبا أَخويا، مبادرين بعضُكم بعضا بالإكرام، غير متكاسلين في الاجتهاد، حارّين بالروح، عابدين للرب، فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة، مؤاسين القديسين في احتياجاتهم، عاكفين على ضيافة الغرباء. باركوا الذينيضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا.
الإنجيل: متى ١:٩-٨
في ذلك الزمان دخل يسوع السفينة واجتاز وجاء الى مدينته. فاذا بمخلّع ملقًى على سرير قدّموه اليه. فلما رأى يسوع إيمانهم، قال للمخلّع: ثق يا بنيّ، مغفورة لك خطاياك. فقال قوم من الكتبة في أنفسهم: هذا يُجدّف. فعلم يسوع أفكارهم فقال: لماذا تفكّرون بالشر في قلوبكم؟ ما الأيسر، أن يقال مغفورة لك خطاياك، أَم أن يقال قم فامشِ؟ ولكن لكي تعلموا أن ابن البشر له سلطان على الارض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمخلّع: قم احمل سريرك واذهب الى بيتك. فقام ومضى الى بيته. فلما نظر الجموع تعجّبوا ومجّدوا الله الذي أَعطى الناس سلطانا كهذا.