...

كلمة الراعي استمرار التراث الرسوليّ

بولس في عودته الأخيرة من أوربا الى أورشليم ارتأى الا يمرّ بأفسس خشية أن يتأخر في آسيا الصغرى (تركيا الحالية) اذ كان يرغب أن يصل الى أورشليم يوم العنصرة (اليهوديّ). ففيما كان في ميليتس في البحر، استدعى قسوس أفسس. “فلما وصلوا اليه قال لهم: احذروا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه”. القسوس مُسَمّون هنا أساقفة.

من هذا النص لا نعرف إن كان القس في هذه الفترة دون الأسقف رتبة أَم أن هذا وحدة تسمية مع اختلاف الرتبتين. بعد العصر الرسولي بين اواخر القرن الأول وبدايات الثاني عند القديس إغناطيوس الأنطاكي لا نرى فرقا واضحا بين القس والأسقف مع أن مكانة الأسقف أخذت تبرز.

لاحظوا ان في عبارة “كنيسة الله” لفظة الله هي يهوه العبرية، والواضح في تعبير بولس أن يهوه اي الله هو الذي سكب دمه على الصليب. النص هنا يوحد بين الله والمسيح (الله هو الذي سكب دمه).

عندما يقول ان الله هو الذي سكب دمه يوضح بأعظم وضوح أُلوهية المسيح. هذا هو إيماننا الذي ينقله الينا الرسول بقوله ان الله نفسه هو الذي عُلّق على خشبة.

من هذه الرسالة نفهم بعد هذا أن الذين أُقيمـوا رؤساء على الرعيـة يُسمّيهم الرسول أساقفة وتعني المراقبين او الرقباء. والرقيب (المطران) في الكنيسة يراقب صحة التعليم أو أُرثوذكسيته. هذه هي وظيفته الأساسية، وأنت تنظر مبدئيا الى ما يقوله المطران لتعرف منه سلامة العقيدة. ومجموعة الأساقفة في الكنيسة المحلية (مثل الكرسي الأنطاكي)، المنعقد اجتماعهم في المجمع المقدس، هم بالتآزر فيما بينهم يُلقّنوننا الإيمان. فالإيمان يسهر على صحته وسلامته المطارنة مجتمعين في المجمع المقدس برئاسة البطريرك. هذا في الكنيسة المحلية، وفي الكنيسة العالمية مجموعة المجامع المقدسة الأرثوذكسية التعليم هي التي تراقب صحة التعليم في العالم كلّه.

الكنيسة فيها إشراف خلفاء الرسل وهم المطارنة المسؤولون عن حفظ الوديعة سالمة كما أتتنا من تلاميذ المسيح وخلفائهم جيلا بعد جيل.

أنت لا تؤسس كنيسة جديدة ولكنك تحيا من التراث الذي وصل سالمًا بالخلافة الرسولية، فإن من نرسمه مطرانا إنما نجعله حافظا للإيمان القويم، وإذا تثبّتنا أن عنده الإيمان القويم، نعلنه أسقفا على كنيسة الله. يجيئون واحدًا بعد واحد ولكن بالتعليم نفسه، فمن خالف هذا التعليم وشوّهه نعتبره مبتدعا اي آتيا بآرائه الخاصة وليس بالرأي الرسولي.

الإيمان واحد جيلا بعد جيل ولو اختلف أسلوب التعليم. “اومن بإله واحد آب…. ورب واحد يسوع المسيح …. وبالروح القدس”. وظيفة الكنيسة ان تحفظنا في هذا الإيمان. والأسقف هو الحامل الأساسي لهذا الإيمان.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: أعمال الرسل ١٦:٢٠-١٨ و٢٨-٣٦

في تلـك الأيام ارتأى بولس أن يتجاوز أفسس في البحـر لـئـلا يَعـرُض لـه أن يُبطئ في آسيـة لأنـه كان يعجل حتى يكـون في اورشليـم يـوم العنـصرة إن أمكنه. فـمـن ميليتُس بعـث الى أَفسس فاستـدعى قُسوس الكنيسـة، فلما وصلوا اليه قال لهم: احـذَروا لأنفسكـم ولجميـع الرعيـة التي أَقامكم الـروح القـدس فيها أساقـفـة لتـرعـوا كنيسـة الله التي اقتناها بدمه. فإني أَعْلم هذا أنّـه سيدخل بينكم بعـد ذهابي ذئـاب خاطفـة لا تُشفِـق على الرعية، ومنكم أنفسكم سيقوم رجال يتكـلّمـون بأمـور ملتـويـة ليجتـذبـوا التلاميذ وراءهـم. لذلك اسهروا متذكرين أَنّي مدة ثـلاث سنين لم أَكْفُفْ ليلا ونهارا أن أَنصح كل واحد بدموع. والآن أَستـودعكم يا إخوتي اللـهَ وكلـمـةَ نـعمتـه القـادرة أن تبـنيكـم وتمنحكم ميراثا مع جميع القديسين. إني لـم أَشتهِ فضةَ أحدٍ أو ذهبـه او لباسه. وانتم تعلـمـون أن حاجاتي وحاجات الذيـن معـي خدمَتْـها هـاتان اليَدان. في كـل شـيء بيّنتُ لكـم أنـه هكـذا ينبـغـي أن نتـعب لنسـاعـد الضعفاء وأن نتذكّـر كلام الرب يسوع. فإنه قال “إن العطاء هو مغبوط أكثر من الأخذ”. ولـما قال هذا جثا على ركبتـيـه مـع جـمـيـعـهـم وصلّى.

الإنجيل: يوحنا ١:١٧-١٣

في ذلـك الزمان رفع يسوع عينـيه الى السماء وقال: يا أبـتِ قد أتت الساعة، مجّـِدِ ابنَك ليُمـجّـدَك ابنـُك ايضا، كما أَعطيتَه سلطانا على كل بشـر ليُـعطي كل من أعطيـتـَه لـه حيـاة أبـديـة. وهذه هي الحيـاة الأبـدية أنْ يعرفوك انـت الإله الحـقيقيّ وحـدك والذي أرسلتـَه يــسوع المسيـح. أنـا قـد مـجّدتــك على الأرض، قـد أَتــممـتُ العــمـل الــذي أَعطيتني لأعمله. والآن مجِّـدْني انت يا أبتِ عنـدك بالـمجد الذي كـان لي عندك من قبل كون العـالم. قد أَعلـنـتُ اسمَـك للناس الـذيـن أَعطيتَهم لـي مـن العالم. هم كانـوا لك وأنت أَعطيتهـم لـي وقد حـفـظـوا كـلامـك. والآن قـد علـمـوا أن كل ما أعطيـتَـه لي هو منك، لأن الكلام الـذي أَعطيتـَه لي أَعطـيتُـه لهم، وهم قبلـوا وعـلِموا حقا أني منك خرجـتُ وآمنـوا أنك أَرسلتـني. أنا من أجلـهم أسـأل، لا أسأل من أجـل العـالـم بـل مـن اجـل الذيـن أعـطيـتـَـهم لي لأنهم لك.

كل شيء لي هـو لك وكل شيء لك هـو لي وأنا قد مُـجّــدت فـيهم. ولستُ انـا بـعـد في العـالـم، وهؤلاء هـم في العالم، وانا آتي اليـك. ايها الآب القـدوس احفـظهم باسمك الـذين أَعطيتهم لي ليكونوا واحدا كما نحن. حين كنتُ معهم في العالم كنـتُ أَحفظـهم باسمك. إن الـذين أَعطيتَـهم لي قد حفظـتُهم ولـم يَهلك منـهم أحد الا ابن الهلاك ليتـمّ الكتـاب. أما الآن فإني آتي اليك. وانا أتكلم بهذا فـي العالم ليـكون فرحي كاملا فيهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

استمرار التراث الرسوليّ