الخدمة اليومية كانت مهمَلة عند المسيحيين المتكلمين اليونانية في أورشليم في العهد الرسولي. هؤلاء كانوا من أصل يهودي ساكنين المدينة المقدسة ولا يعرفون لغتها أي الآرامية. غالبًا كان يقال لهم ما يقال في لبنان اليوم: أنت غريب.
والخدمة هذه تعني توزيع الإعاشة. هذه كانت لهم دون تلك التي كانت توزع على المسيحيين المنحدرين من أصل يهودي. كان هذا سلوكًا عُنصريًا. مشكلة اجتماعية ضخمة تطلّبت تدخّلاً من الرسل.
أفضى هذا الاهتمام الرسوليّ إلى إنشاء مؤسسة اجتماعية تُعنى بالفقراء، قائمة على سبعة رجال ذكَرهم سفْر الأعمال. هذا لا يعني انه كانت مجموعة تُعنى حصرًا بالفقراء لأن أولها وهو استفانس قيل عنه انه كان “ممتلئًا من الإيمان والروح القدس” ودلّ خطابُه العظيم بعد اختياره انه كان فهيمًا من الناحية اللاهوتية.
هذا يدلّنا على أن الرسل لم يوجدوا كتلة منصرفة حصرًا إلى الإغاثة والمال لأنهم كانوا يختارون دائمًا الممتلئين من الروح القدس. لذلك ما نراه أحيانًا في الكنيسة المعاصرة من ناس يهتمّون بالمال فقط ومن ناس مهتمّين بالرعاية فقط شيء مستحدث لا علاقة له بفكرنا الأصيل. في الإدارة الكنسيّة عندنا نجد موكلين الرعاية وهم الكهنة وموكلين أمر الفقراء وهم علمانيون. هذا التفريق بين من يهتم بالحياة الروحية فقط ومن يهتم بالإعاشة فقط جديد على التراث. “مَن عملَ وعلّمَ يدعى عظيمًا في ملكوت السموات”. أنت تبشّر المساكين كما طلب الرب وتُساعدهم ماديًا أيضًا. العطاء الروحي عندنا مقرون بأعمال الرحمة أي افتقاد المساكين. المرجوّ أن يكون كل خادم في كنيسة الرب مملوءًا من الروح القدس وموهوبًا لأمر العطاء. الكاهن إذا وعظ لا يكتفي بوعظه. يتّجه دائمًا إلى الفقراء ليُسعفهم فيحسّوا انه إلى جانبهم.
الملاحظ في هذا المقطع من سفْر الأعمال أن المُعَدّين للعمل الاجتماعي اختارهم الرسل بحيث أمكننا أن نقول ان التفريق الكامل بين العمل الاجتماعي والعمل الروحي غير وارد في الكنيسة. الموهوب اجتماعيًا ما لم يكن عنده مسحة من الروح القدس لا يؤخذ للخدمة. نحن لا نفرّق بين العطاء الروحيّ وتوزيع الأموال على المحتاجين. كل عطاء عندنا من الروح القدس.
ربما الذين اختارهم الرسل للعمل الاجتماعي صاروا أيضًا بهذا العمل شمامسة. قال هذا بعض من المفسّرين ولا سيما أن الرسل “وضعوا عليهم الأيدي”. هذه عبارة معروفة بأنها تدلّ على رسامة. مهما يكن من أمر، هؤلاء أتوا من إدارة الرسل وصلاتهم. نموّ الكنيسة مبنيّ على الصلاة الدائمة، وهي التي تجعل كلمة الله تستقرّ في قلوب المؤمنين، وبهذا المعنى نفهم ما قاله الكتاب أن الكنيسة تنمو.
بعد هذا الكلام قال سفر الأعمال أن عدد التلاميذ كان ينمو في أورشليم وأن الكثير من كهنة اليهود كان يطيع الإيمان ويدخل في الكنيسة.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: أعمال الرسل ١:٦-٧
في تلك الأيام لمّا تكاثر التلاميذ حدث تـذمّر مـن اليـونانيين على العبرانيين بأن أراملهم كنّ يـُهمَلن في الخدمة اليومية، فدعا الإثنا عشر جمهور التلاميـذ وقالـوا: لا يحسُن أن نترك نحن كلمة الله ونخدم الموائد، فانتخبوا ايها الإخوة منكم سبعة رجال مشهود لهم بالفضل ممتلئين من الروح القدس والحكمة فنُقيمهم على هذه الحاجة ونواظب نحن على الصلاة وخدمـة الكلمـة. فحَسُنَ الكلامُ لـدى جميع الجمهـور، فاختاروا استفانُس رجلا ممتلئا مـن الايمان والـروح القدس وفيلبس وبـروخورُس ونيكانور وتيمُـن وبَرمِنـاس ونيقـولاوس دخيلاً أنطاكيًا. وأقاموهم أمام الرسل فصلّوا ووضعوا عليهم الأيدي. وكانت كلمة الله تنمـو وعـدد التلاميذ يتكـاثر في أورشليم جدا. وكان جمع كثير من الكهنة يُطيعـون الإيمان.
الإنجيل: مرقس ٤٣:١٥-٨:١٦
في ذلك الزمان جاء يـوسف الذي من الرامة، مشيـرٌ تـقيّ، وكان هو أيـضا منتظرا ملكوت الله. فاجترأ ودخل على بيلاطس وطلب جسد يسوع. فاستغرب بـيلاطس أنـه قد مات هكذا سريعا، واستـدعى قائد المئة وسأله:هل له زمان قد
مات؟ ولما عرف من القائد، وهب الجسد ليوسف، فاشترى كتّانا وأنزله ولفّه في الكتان ووضعه في قبر كان منحوتا في صخرة ودحرج حجرًا عـلى باب القـبر. وكانت مريمُ المجدلية ومريمُ أُمّ يـوسي تـنظران أيـن وُضع. ولـما انـقضى السبتُ اشترت مريم المجدلية ومريم أُمّ يعقوب وسالومة حنوطًا ليأتين ويـدهنّه. وبكّرن جدا في أول الأسبـوع وأتين القبر وقد طلعت الشمس، وكـُنَّ يقُلن في ما بـينهن: من يدحرج لنا الحجر عـن باب القبـر؟ فتـطـلعن فرأين الحجر قد دُحرج لأنه كان عظيما جدا. فلما دخلن القبر رأين شابا جالسا عن اليمين لابـسا حلّة بـيـضاء فانذهلن. فقال لهنّ: لا تـنذهلن. أتـطلبن يسوع الناصري المصلوب؟ قد قام، ليس هو ههنا.هوذا الموضع الذي وضعـوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم الى الجليل، هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريـعا وفرَرن من القبر وقد أخذتهـن الرعدة والدهش، ولم يقُلن لأحد شيـئا لأنهنّ كنّ خائفات.