في المساء عندما تستعدّ للنوم، إذ يسود السكون ولا أحد يزعجك، ابتدئ بمحاكمة الضمير، واعطِ الحساب عن الأفكار السيّئة التي خطرت لك أثناء النهار كلّه بالخداع، وتهيئة المكيدة للقريب والسماح للشهوات الرديئة بأن تجول في خاطرك. استعرض هذا كلّه وحكّم ضميرك بهذه الأفكار السيّئة لكي تقصيها وتقضي عليها وتقتصّ من نفسك الخاطئة. فإن كان من الواجب قصاص الأفكار الفاسدة حتّى لا تظهر الى عالم الوجود، فبالحريّ أن يتمّ انسحاق النفس لأجل الأعمال والكلمات الرديئة.
افعل ذلك يوميًّا، ولا تنم قبل أن تفكّر بالخطايا التي فعلتها أثناء النهار. لا شيء يزيل الخطيئة سوى إظهارها والحكم عليها بالتوبة والدموع. فهل حكمتَ على خطيئتك؟… قل لي لماذا تخجل وتتورّد وجنتاك عندما تعترف بالخطيئة؟ هل تعترف أنت أمام إنسان يوبّخك على ما فعلت ويذيع أعمالك؟ أنت تكشف جرحك للسيّد المحبّ البشر، للطبيب الشافي الذي يعلم بأعمالنا قبل حدوثها، أفلا يعلم إن كنتَ تقولها أو لا؟ هل يكون الذنب ثقيلاً إذا ندمتَ عليه؟ بالعكس إنّه يخفّ. الله يأمرك بالاعتراف لا ليقتصّ منك بل ليسامحك، لا ليعلم خطيئتك فإنّه يعرفها من دون اعترافك.
… اعترف بأنّك خطئت فهذا هو العمل الأوّل لإصلاحك، واحزن واسحق قلبك واذرف الدموع، فهل فعلت الزانية غير ذلك؟ إنّها ذرفت دموع التوبة واتّخذت لنفسها التوبة دليلاً وجاءت الى ينبوع الحقّ.