المطران إيليا طعمة
(عن موقع أبرشية عكار- مطرانية الوادي، 2 نيسان 2019)
يعترض البعض على هذه الممارسة، ويرى آخرون فيها تذلّلاً، بينما يلتمس منها بعض المؤمنين بركةً وتقديساً؛ أمّا الغالبيّة العظمى فهي على الحياد في موقفها.
قبل الخوض في النّقاش اللاهوتي لا بد لنا أن نذكر هنا أنّ الاعتراض السّابق يطال الممارسة نفسها التي شاعت في شرقنا منذ القديم أعني تقبيل يد الوالدين (والكاهن والد روحيّ) علامة عن الرّضى والعرفان بالجميل. لقد استبدل مجتمعنا اليوم -للأسف- الكثير من القيم الأخلاقية الرفيعة ويستبدل القسم المتبقي على مراحل!
تتجلّى المفارقة الكبرى حينما يقبّل رجل يد طفل بريء، لأنّه يرى فيه البراءة والنّقاء دون أن يُمَسّ قدره اجتماعياً؛ بينما في الغرب يقبّل الرّجل يد المرأة في حفل الاستقبال الرّسمي دون أن يُنقِص هذا الأمر من رجولته. أمّا الاعتراضات والسخرية فتطال هذه الممارسة عينها عندما يتعلق الأمر بالكاهن والأسقف!!!
دعني أقول هنا ومنذ البداية أنّ هذه الممارسة ليست عقيدة ولا هي فرضٌ واجب، لا بل إنّ كثيراً من الكهنة والأساقفة لا يبتغونها، وهي بالتأكيد لا تزيد في كهنوتهم الكامل المُستمَد من يسوع المسيح نفسه.
لا أشعر هنا أنّني بحاجة إلى أن أفنّد ما تقوم به يدَي الكاهن من أعمال تقديسيّة بدءاً من المعمودية وصولاً إلى القمّة في حمله جسد ودم الرّبّ الكريمَين، لأنّ من يفهم هذه الأسرار بكلّيتها هو حُكماً ليس من المعترضين، نظرياً على الأقل؛ ولكنّه من الواجب هنا الإجابة عن سؤال شائع يتعلّق بالخطيئة التي تطال الكاهن والأسقف كما تطال غيره، فكيف نقبّل يد كاهن “خاطئ” ؟!
من النّافل القول أنّ الاحترام والتقدير المقدَّم للكاهن لا يتعلّق بشخصه بل بالرّتبة الكهنوتية المكرّمة على كلّ حال، ولكن قد يكون تقديمك الاحترام له تقريعاً له في ضميره فتشفيه، وقد يستخدمك الرّبّ لهذه المهمة اذا كان بحاجة لها، والله أعلم. إذا قبّلت يده ذكّرته بأنّه كاهن العليّ فتنخس قلبه ويتوب. طبعاً لا أريد أن أغفل هنا عن التذكير بقول الرّبّ: لا تدينوا كي لا تدانوا ” (متى 7: 1)؛ فمن يجرؤ بعد هذا القول أن يصنّف الناس ويصفهم بالخطأة؟
أقول هذا لكي لا يُفسد المبتدعون تقليدنا وتراثنا المقدّسَين، وأمّا التّطبيق العمليّ فهو يقع تحت سلطان “حرّيّة مجد أبناء الله” (رومية 8: 21).