قولة الرسول: “نحن عاملون مع الله”، ولكن الله هو المبادر في كل شيء صالح فيكم. أنتم تتقبلون نعمته، وهذه هي المشاركة. الرب لا يجبر على شيء. تتقبل انت الموهبة وتُثمرها. لذلك أوضح بولس بعد هذا: انتم حرْثُ الله (وهذا تشبيهٌ زراعيّ) وبناءُالله (وهذا تشبيهٌ بالعمارة). يرى كاتب الرسالة أنه على أساس الله بنّاء حكيم.
ثم يتوجّه الى كل مؤمن ليلفته الى مشاركة الله في البناء. ويُذكّره أن ليس من أساس إلا يسوع المسيح. اذًا لا نبني على دِينٍ آخر فلا نمزج عقيدتنا بعقيدة اخرى.
اذًا نسير على استقامة الرأي، وسيكون عملُنا بيّنًا في اليوم الأخير. كل سلوك لنا سيظهر في يوم الرب عند الدينونة، وهذا الفحص الذي يفحصنا الله به سمّاه بولسُ النار لأن النار تُفرّق المعادن عن الذهب. فإذا بقي عملك بالفحص ستنال أُجرةً، ولكن بالفحص يمكن أن تخسر.
وحتى يفهم أهل كورنثوس أنهم مضطرّون على فحص أنفسهم قال لهم: “انتم هيكلُ الله”، فالله لا يسكن في ما بعدُ هيكل اورشليم. جسد المسيح هو الهيكل وانتم جسد المسيح. الكنيسة هي انتم. وتصيرون هيكل الله بسُكنى الروح القدس فيكم، وهذا تأخذونه بالميرون الذي هو مسحة الروح على أن تحافظوا على هذه المسحة ولا تمحوها.
تستمرّ المسحة ويُقال لكم مسحاء. انت مختوم كالرسالة المختومة التي لا يقرأها إلا من أُرسلت اليه. مختوم اي انك خاصّ المسيح ولست تخصّ زعيما او أُسقفا. انت من أهل الذين يحبّون المسيح.
حذار عليك أن تُفسد هيكل الله ببيعه لغير المسيح، بتدمير أجزاء منه لأنه يصير خرابا ويتركه الروح القدس. هناك من يعيش بلا روح قدس. أخشى ان يتركك الروح وكأنك جثة هامدة. وانت تفسد الهيكل اذا اقتبلت أية فكرة لا يرضى عنها المسيح وخضعت لفكر هذه الدنيا. كذلك تُفسد الهيكل اذا ارتكبت الخطيئة عمدا وتركت الشيطان يسوس فكره في قلبك.
لمّا قال الرسول “انتم هيكلُ الله”، لم يقل هياكل الله لأننا جميعا واحد بالمسيح يسوع. المحبة تجعلنا هيكلا واحدا له. فإذا خضعت لبغضٍ واحد تخرج من انتمائك لهذا الهيكل.
الكنيسة واحدة لأنها آتية من المسيح، ولكن وحدتها لا تُحفظ الا بلُحمة أبنائها. اتحادٌ مع المسيح واتحادٌ مع الإخوة. وإن لم تحافظوا على هذا فيعني أنكم تعيشون في الكيد وفي الكبرياء والاستعلاء. واذا حافظتم على الوحدة في كل ظرف فاعلموا أن هذا آتٍ من المسيح وأنه هو حافظُكم في محبته لكم لكي لا تموتوا كل يوم بالخطيئة.
لقد قام المسيح من بين الأموات لكي لا يبقى أحدكم ميتا روحيا اليوم أو غدا.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 33، الأحد 14 آب 2011