معنى ختان السيد: الإله الحقيقي والإنسان الحقيقي
لقد برهن يسوع الإله أنه، بخضوعه للختان واتّخاذه اسماً بشرياً في إطار اليهودية التي وُلِد فيها، إنسان كامل حقيقي كما أنه إله حقيقي. فقد صار إنساناً في زمان ومكان محددين وإطار ديني محدد واتّبع تعاليم وفروض هذه الديانة في تحديد العلاقة بالله الخالق. فالختان يكشف أن المسيح لم يعد ابن الله وحسب بل هو ابن العذراء أيضاً من دون أن يترك حضن أبيه. وبهذا نحن نقترب إليه كسيّد وخالق ومخلّص لأنّه بيننا متّخذاً طبيعتنا سالكاً في طرقها بشكل يؤدي إلى الكمال. وبهذا هو يقدّم لنا الترياق حتى نكون بشراً حقيقيين أصيلين وكاملين.
الختان واتّخاذ الاسم
يذكر الإنجيلي لوقا “وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ” (21:2). والأمر نفسه يرِد لدى الإنجيلي متّى حين كلّم الملاك يوسف الخطيب طالباً إليه ألا يخاف بل ان يأخذ امرأته حيث يسمّي الملاك الصبي (متى 23:1). فمعنى الاسم “الله معنا” يتحقق في التجسد والخلاص بالتدبير.
اسم يسوع هو الرسالة الرئيسية في عيد الختان
ما يقدّمه لنا العيد بالحقيقة هو كشف هوية المسيح الحقيقية. فالمعنى العميق يكمن في أن نعمة التجسد تقدمنا إلى نعمة التدبير الخلاصي ويوحّدنا بمعرفة المخلّص وينيرنا بلمعان شخصه ومجده. لقد احتفلنا بحَدَث ميلاده وعرفنا أنه فائق الوصف ولكننا الآن مدعوون إلى الالتفات إلى الابن المولود من غير تردد أو خوف. العيد الحالي يدعونا إلى التعرف إليه من الاسم الذي اتخذه من أجلنا، فيسوع هو الذي عرّفنا بالله ليوفّق بيننا وبينه فنستوعبه وبذلك يمنحنا الخلاص الأبدي.
يورِد القديس أندراوس حواراً مع الملاك ليبيّن قوّة اسم يسوع. وفيه يقول الملاك أنّه أعطى الرعاة الشجاعة ليذهبوا ويمجدوا اسم يسوع، وأعطى يوسف القدرة ليقف إلى جانب والدة الإله ويعطي يسوع اسمه في اليوم الثامن مما يعطي هذا اليوم معنى فدائياً.
معنى اليوم الثامن وعلاقته بالختان
اليوم الثامن هو انتقال من الحالة الطفولية إلى الكمال الشخصي، إذ بحسب اليهودية يصير الطفل ولداً في هذا اليوم ويأخذ شخصية خاصة. فكمال الأيام السبعة هو اليوم الثامن حين يُعطى الطفل اسماً، وهذا ما يعطيه شخصيته ويجعله كائناً بشرياً محدداً باسمه.
من هنا أن الختان في اليوم الثامن يشير إلى الانتقال من حالة جسدية إلى حالة روحية. فعملية الختان الأسرارية تشير إلى رفض االحالة الجسدية التي يولَد فيها كل إنسان بينما التسمية تدخِله إلى حالة روحية تقود إلى الكمال. من هنا ضرورة استبدال الختان بالمعمودية التي تدخِل إلى الحياة الأبدية التي يمنحها المسيح. فالختان وَضِع بسبب وجود الوثنية ولكي يبيد عبادة الأوثان، وبعد إبادتها يُباد الختان نفسه.
فالمسيح هو ثامن مشرّع، وشريعته تدوم إلى الأبد. المشرعون السبعة هم آدم، نوح، إبراهيم، موسى، داود لأنه وضع شرائع التمجيد، عزرا لأنه جمع تثنية الاشتراع، ويوحنا المعمدان لأنه دعا إلى شريعة التوبة. وكلهم أعطوا شرائع مؤقتة بينما هو شريعته هي الثابتة والأبدية.
أعدها الأب أنطوان ملكي