فيما كان السيّد قريبًا من آلامه، قال هذا المثَل المأساة. تحدّث عن ملك يقيم عرسًا لابنه. الملك هو الله الآب، وابنه هو يسوع المسيح، والعرس هو موت المسيح. هذا تمّ على تلّة الجلجلة واكتمل الخلاص وبدأ فرح الانسان برّبه، وفرح الانسان بإمكان تطهّره من الخطيئة وبإمكان صعوده إلى الله.
هذا هو العرس، ويؤيد هذا المعنى ما ورد في سفر الرؤيا: “طوبى للمدعوّين إلى عشاء عُرس الحمَل” (١٩: ٩). الحمَل هو المسيح المذبوح، والعشاء هو العشاء السرّي، القداس الإلهي. عُرس المسيح معنا يتجدد بدمه الذي نشربه من الكأس المقدسة.
لماذا قال يسوع هذا المثل؟ ليقول لنا ان أول المدعوّين الذين كان من المفروض ان يكونوا حاضرين رفضوا الدعوة، وأَعني بهم أُمّة اليهود التي لم يتحدّث الله الا اليها في القديم. وكان كلام الله دعوة لتتوب. أَرسل إليهم نبيّا وراء نبيّ، وجاء بكتاب من بعد كتاب، ولكنهم فضّلوا أنفسهم على الله. فإنهم كما قال الرسول بولس: “لم يخضعوا لبرّ الله، ولكنهم يطلبون أن يُقيموا برّ أنفسهم” (روميه 10: 3)، أي انهم ادّعوا أن رسالة الله إنما هي ملكٌ لهم يستأثرون به.
الأُمّة العبرانية كانت أول أُمّة تُدعى لكونها مؤمنة بالله الواحد، ولكنها رفضت الله إذ رفضت مسيحه. عندئذ ذهبت الكلمة إلى الأمم، إلى الوثنيين، بالبشارة. لذلك قال الملك لعبيده: “اذهبوا إلى مفارق الطرق وكل من وجدتموه فادْعوه إلى العرس”.
القضية ليست فقط قضية مدعوّين رفضوا وآخرين قبلوا الدعوة، ولكنها قضية كل انسان. المسيحي أيضًـا يعتذر عن الحضور لأنه يتعاطى تجارة أو اشترى أرضًـا أو لكونه قد تزوج كما جاء في الإنجيل في موضع آخر.
هذا المثل موجّه إلى كل منا. كل واحد سمّى نفسه مسيحيا هو مدعوّ دائما إلى عرس المسيح، كل نفس معمَّدة هي عروس ليسوع. القضية ان نترك كل شيء وأن ندخل إلى غرفة العرس مع المسيح.
“كيف دخلت إلى ههنا وليس عليك لباس العرس؟”. كل نفس عروس المسيح لأنه يدعوها. كيف تستقبله ولا تتهيأ؟ هل لها ان تنسى أنها عروس؟ أليس هذا امتهانا أو