رأس الكنيسة المحلية (الأبرشية) هو الأُسقف. والكنيسة المحلية هي الموصوفة كالكنيسة العالمية واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة. على هذا الأساس الرسوليّ تأتي كل كنيسة يرئسها أُسقف أرثوذكسي. بتطور الأزمنة أخذ أُسقف العاصمة يسمّى “ميتروبوليت” التي صارت “مطران” بالعربية عن طريق اللغة السريانية.
غير أن الميتروبوليت تسمية شرفية لأسقف العاصمة ولكنه -على صعيد الأسرار الإلهية- هو مجرّد أسقف. من سُمّي “رئيس أساقفة” أو “ميتروبوليت” أو “بطريركًا” يبقى في جوهر الأسرار أُسقفا. الميتروبوليت أو البطريرك ليسا مرتفعين دينيا عن الأُسقف الا من حيث الترتيب المجمعيّ.الميتروبوليت في القديم يرئس مجمع الأساقفة.
في منتصف القرن الخامس ظهر المتروبوليت الذي بقي -دينيا- أُسقفا ولكنه يرئس الأساقفة في النظام المجمعي. يتقدمهم ويكون الاول بين إخوة متساوين. جوهريا، الأساقفة مهما كانت مقاماتهم الإدارية هم أساقفة فقط. يجتمعون بإقامة رئيس أساقفة أو ميتروبوليت أو بطريرك.
البطريرك يرئس من لهم لقب أُسقف أو مطران أو رئيس أساقفة. على صعيد الأسرار، البطريرك مجرّد أُسقف، وليس من أحد دينيا فوق الأسقف. البطريركية ليست درجة، هي ترتيب تنتظم فيه حياة الجماعة.
في الوضع الحاضر عندنا صارت الميتروبوليتيّة مجرّد تسمية للأسقف. كل رئيس أبرشية في الكرسي الأنطاكي صار يسمّى “ميتروبوليت”. ليس هذا هو الوضع في الكنائس الأخرى.
الميتروبوليت القديم صار لقبه بطريركًا في أواسط القرن الخامس، وهو يرئس المجمع المقدس كله. ثم اندثر عندنا مقام المتروبوليت كرئيس لمجمع صغير يؤلّفه الأساقفة المحليّون. وصار كل رئيس كهنة في الكرسي الأنطاكي يدعى “ميتروبوليت” أو مطرانا. والمطارنة أصحاب الأبرشيات يؤلّفون مجمعا برئاسة البطريرك.
المجمع المقدّس هو اجتماع مطارنة كنيسة مستقلّة، فهناك، على سبيل المثال، المجمع القسطنطيني يرئسه بطريرك القسطنطينية، وعندنا المجمع الأنطاكي الذي ينعقد برئاسة البطريرك الأنطاكي.
البطريرك يرئس المجمع ويسعى الى التقارب الروحي بين الأبرشيات ويتّصل برؤساء الكنائس الأرثوذكسية المستقلة ويعبّر عن وحدة الكنيسة الأنطاكية تجاه كل الهيئات الدينية والمدنية. هذا لا يمنع أيّ مطران من الاتصال الشخصي بزملائه المطارنة الآخرين في كرسيّنا وخارج كرسيّنا أو أن يُراسل من يشاء في العالم وأن يشرح وجهة نظره في هذا الأمر او ذاك. البطريرك لا يقيّد حرية المطارنة بالتعبير عن فكرهم او أن يسافروا، ويمكن لأيّ مطران من عندنا أن يشرح لصديق له في كنيسة مستقلّة أُخرى مواقف كنيستنا او أن يناقشه في اللاهوت او أن ينشر في مجلة ارثوذكسية او غير أرثوذكسية او في مجلة علمية ويتحمّل مسوولية ما يكتب.
غير أن البطريرك اذا تحرّك خارج الكرسيّ الأنطاكي لا ينطق باسمه ولكنه يعبّر عن رأي المجمع. لا يقول: هذا موقف الكنيسة الأنطاكيّة الا اذا تسلّح بقرار من المجمع المقدس. هو لسان حال المجمع. البطريرك ينقل فكر إخوته.
هو حامل المجمع. مسؤوليته السَهَر على المجمعية وعلى وحدة الفكر الأنطاكي. والمطران يحمل الى المجمع أبرشيته لأنه غير مستقلّ عنها. المفروض أنه يتفاعل مع أهل الرأي في أبرشيته ويُكوّن رأيه بالمشاروة. ليس أحد منّا منفصلا عن التراث وتعاون الإخوة. الأسقف يحمل القديم والحاضر معا. لا يخالف التراث ولا التعبير الحيّ عن التراث في اليوم الذي يعيشه.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 52، الأحد23 كانون الأول2012