الإنسانُ يتجدَّدُ من الداخل، والجِدَّةُ هي في رؤيةِ وجهِ الله. لا يمكنُكَ أن ترى وجهَ ربِّكَ إِنْ لم تَرَهُ على وجهِ الإخوة.
ذلك من عمل النِّعمة. كيف يتجدَّدُ الإنسان؟ كيف يتغيَّر؟ وحدَهُ اللهُ يستطيعُ أن يغيِّرَكَ. هي التَّوبةُ الى الله بالمعنى العميق. الكلمة الأصليَّة “Métania” تعني تغيير الذٍّهن. طبعاً، لا بدَّ أن يشارِكَ الإنسانُ في هذه العمليَّة، أن يكون قابلاً لها. في كلّ الأحوال، إن أَرَدْتَ أن تجِدَ معنًى لحياتِك إِجْتَهِدْ دوماً أن تملأها من حضور الله.
لا يكفي الشُّرْبُ والسُّكْرُ والمخدِّرات وحتى تغيير الجوّ، كما ينصح الأطبَّاء، لكي يرتاح الإنسان من أتعابه. هناك عنصرٌ يفوقُ الطَّبيعة من شأنه أن يريحَ الطَّبيعة. إنَّـه، بعبارة أُخرى، الأبديَّة عندما تَسْتَفِيقُ فيكَ بشكلٍ عجيب. كلُّ ذلك يقتضي، أوَّلاً، أن تتخلَّى عن شهواتِكَ، عندها يصير المسيحُ يعمل فينا ويجدِّدُنا.
لا تستطيع أن تصيرَ إنساناً جديداً إن كنتَ بعدُ غارِقاً في الزِّنى، في الطَّمع، في الغضب وفي الكَذِب، على سبيل المثال. وكيفَ تحارِبُ مثلَ هذه الخِصال السيِّئة؟ يمكنُكَ ذلك إنْ أَحْسَسْتَ أنَّ اللهَ يحبُّك. عندها، تحدِّثُهُ، تتضرَّعُ إليه في صلاتك وفي تأمُّلاتِكَ الإنجيليَّة وفي أعمالِكَ الصَّالِـحَة. تَغَلَّبْ على خطيئةٍ واحِدَةٍ فَتَكُرُّ
المسبَحَة وتَسْهُلُ عليكَ مواجهةَ الخطايا الأُخرى. “أُهْرُبْ من الزِّنى” يقول الرَّسول (1 كور 6: 18)، فتَسْهُلَ عليكَ، بعدها، مقاومةُ الطَّمع، وتُعطي مجَّاناً، وإذا أحببتَ اللهَ وأَذْكَيْتَ هذا الوِدَّ بصلاتِكَ ومطالعاتِكَ عندها لا تعودُ تخافُ ولا تعودُ تكذِب. شيئاً فشيئاً تُسِلِّمُ نفسَك للمسيح الَّذي سوفَ يَعولُكَ في كلِّ شيء.
* * *
مرَّةً أُخرى أقولُ لكم لا تَتَوَخَّوْا التغيير الَّذي يأتي فقط من الخارج، بل قولوا مع رجاء بطريركنا الجديد:
“كلُّنا رجاءٌ أَنَّ ما تمرَّ به بلادُنا الحبيبة سيعبُرُ عنها”.
بادِرُوا أنتم فيخلُصَ الناسُ حولَكُم. هناك من يحلُم، وهم كثيرون في أيَّامِنا، أنَّ إنقاذَ العالم يتمُّ عن طريق تغيير الأحوالِ السِّياسيَّة والاقتصاديَّة. هذا صحيح، لكنَّه لا يكفي، لأنَّ أي تبديلٍ خارجيٍّ إجتماعيٍّ يبقى سطحيًّا ومؤقَّتاً ما لم يرافِقْهُ تبديلٌ في القلوب.
أَعْطِ قلبَكَ أَوَّلاً للرَّبِّ وهو يُعطيكَ كلَّ شيءٍ آخَر مع سلامِه.
+أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما