جميلة هي الزينة التي تتحلى بها شوارعنا وطرقنا.
بهية هي الأضواء الملونة التي نراها في منازلنا وربما داخل بعض كنائسنا راسمة أسم المسيح القدوس.
ملهمة هي مغاور موحِية بمكان ولادة السيد ولو لم تكن من تراث كنيستنا الشرقية المقدسة.
خضراء هي الشجرة الآتية إلينا من شمال شرق أوروبا وبالتحديد من البلاد السكندنافية الباردة فانتصبت في منازلنا وتشبهت بها أشجار حدائقنا،
كل هذا جيد ونسأل الله أن تعيّدوا بالخير أنتم وعائلاتكم. ولكنني ألتفت هنا وهناك وأحدِّق بنظري لكي أجد صاحب العيد، ويا للأسف لا أجده في كثير من الأحيان…
أيها الأحباء،
عظيمة هي كل هذه الأشياء، لكن الخطر كامن في اننا نحن الذين نقيمها نُفقدها، دون أن نقصد أو أن ندري، معناها الحقيقي اذ انها تلهينا هي بذاتها عَمّن يعطيها معنى وجودها وهو الطفل الإلهي، المشرق للمشارق، الذي افتقدنا من علياء سمائه لكي يجعل أرضنا الباردة سماء ملتهبة بنار المحبة الإلهية التي أتانا بها كي ينقذنا نحن البشر الذين تغربنا عن محبته بابتعادنا عنه…
دونه، أي إذا لم يكن هو محور سعينا ومركز عيدنا، فالزينة تصبح بهرجة خارجية فقط والأضواء قابلة لأن تنطفئ سريعاً ويزول مع ضوئها اسم صاحب العيد من آفاق نظرنا، والمغارة تصبح من الآثار الخالية من ضيفها الإلهي اذ ان مريم أمه وخطيبها يوسف لن يجدا في قلوبنا، غير المبالية بالطفل الإلهي الذي ارتضى أن يسكنها، مكانا يأتيان اليه فيضعان فيه كنزاً للخلاص يفوق كل كنوز الأرض اذ هو فادي البشرية جمعاء. والشجرة المدعوة أن تصبح رمزاً للشباب الأبدي الذي تجدده نعمة الطفل الإلهي كالنسر، تصبح بدورها قابلة لأن تكون هَرِمَة قبل أوانها تنذر بهرم مبكِّر لنا نحن الذين نتوق إلى ديمومة الحياة.
لننتبه جيداً الى من يأتي إلينا لكي يحيينا، ولنتمسك به كأساس لحياتنا، ولنضعه أساساً لكل هذه المظاهر التي تأخذ حينئذ معناها الحقيقي اذ تساعدنا أن نسجد بالروح والحق للمفتقد أرضنا برحمته العظيمة، له الكرامة والسجود إلى الأبد، آمين.
المطران بولس (بندلي)
ميتروبوليت عكّار (+2008)