“لا داعي أن أذهب إلى القداس كل أحد. الأمر ليس مهما. لا شك أننا نسمع جميعاً قولاً مماثلاً من حين إلى آخر. فهل هذا صحيح؟ أم أن قداس الأحد ضروري من أجل الخلاص؟ في سبيل معرفة الجواب، لا بد أن نتساءل أولاً: “هل أخبرنا المسيح عما هو ضروري من أجل الخلاص؟” لقد فعل ذلك حقاً.
في إحدى المناسبات، وقف عالِم بالناموس وسأل يسوع: “يا معلم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟”. أجابه يسوع: “ماذا كُتب في الناموس؟” قال: “أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك وكل ذهنك؛ وقريبك كنفسك”. فقال له يسوع: “أجبتَ بالصواب. اعمل ذلك فتحيا” (لو 10: 25، 28).
الحب هو المفتاح إذاً. ولكن، كيف نحب الله؟ إليكم جواب المسيح الإله والإنسان: “إن أحبّني أحد يحفظ كلمتي” (يو 14، 21). ولكن، هل أعطى يسوع تعليمات بشأن القداس؟ أجل. في العشاء السري، مؤسس سر الافخارستيا، قال المسيح: “اصنعوا هذا لذكري” (لو 22، 19).
فما الذي نتذكره في القداس؟ هل نتذكر مجرد وجبة تناولها المسيح في الليلة قبل موته؟ كلا، بل أكثر من ذلك بكثير.
ما هو القداس؟
“القداس هو قبل كل شيء الذبيحة الأخيرة Kفي القداس، يخلّد المسيح بطريقة غير دموية التضحية التي قام بها على الصليب ببذل ذاته إلى الآب من أجل خلاص العالم من خلال خدمة الكهنة .
في القداس، نقدّم مجدداً جسد المسيح ودمه بشكل منفصل كما كانا على الجلجلة. نستعرض التضحية التي بذلها المسيح على الصليب، الحدث الذي خلصنا وفتح أبواب السماء التي كانت أغلقتها الخطيئة الأصلية.
ومثلما قدّم اليهود الحمل الطاهر وشاركوا في تناوله احتفالاً بالفصح، عمل الله الخلاصي الذي حررهم من العبودية في مصر لكي يسيروا نحو أرض الميعاد، هكذا نقدم نحن “حمل الله” ونشارك في تناوله للاحتفال بالفصح الجديد، عمل المسيح الخلاصي الذي حررنا من عبودية الخطيئة لنسير نحو السماوات التي وعدنا بها. في الحقيقة، تشكل كل ذبائح الكتاب المقدس، الحمل وكبش الفداء ومختلف الحيوانات الأخرى المذبوحة كتقدمة تعويضاً عن الخطايا، إشارات إلى ذبيحة القداس التي تعتبر، “اكتمالها وكمالها كلها”
إن معجزة الافخارستيا العظيمة لا تقتصر فقط على تحول الخبز والخمر إلى المسيح، بل تتجسد في تحولنا إلى “مسحاء آخرين” بواسطة الروح القدس المقيم فينا والذي يشجعنا على التعبير للعالم من خلال شخصياتنا الفريدة عن صلاح المسيح وحبّه.
نقرأ أيضاً: “ليجعل منا تقدمة أبدية لك…” لا يكفي أن نقدم المسيح إلى الآب في القداس. يجب أن نقدم أنفسنا على مذبح التضحية معه. نحن أيضاً يجب أن نضحي بأنفسنا تكفيراً عن خطايا العالم. وهذا ما تؤكده الكنيسة: “الكنيسة، عروس المسيح وخادمته، تؤدي معه دور الكاهن والضحية، وتقدمه للآب وفي الوقت عينه تبذل معه نفسها بالكامل”. تنعكس روعة القداس فيما يلي:
إن كل احتفال ليتورجي، لكونه عمل المسيح الكاهن وجسده الذي هو الكنيسة، يعتبر عملاً مقدساً يتخطى كل الأعمال الأخرى؛ ولا عمل آخر في الكنيسة يساوي فعاليته بالأسلوب عينه والدرجة عينها يسمى القداس “مصدر وقمة عبادة الكنيسة الجامعة والحياة المسيحية”.
بالتالي، عن الملاحظة التي غالباً ما تقال: “لا داعي أن أذهب إلى القداس. يمكنني أن أصلي إلى الله في غرفتي أو تحت شجرة!”، نجيب: “لا يمكنكم أن تقدموا تضحية الجلجلة، “مصدر وقمة” عبادة الكنيسة الجامعة والحياة المسيحية في غرفتكم أو في ظل شجرة”. القداس هو الهبة الإلهية الوحيدة التي يمكننا أن نقدمها لله الوليمة المقدسة، وليمة العهد
القداس هو ثانياً:…وليمة مقدسة يجدد فيها شعب الله من خلال شركة جسد الرب ودمه، العهد الجديد الذي أقامه الله مع الإنسان إلى الأبد بواسطة دم المسيح، وبالإيمان والرجاء يقترح ويستبق الوليمة الأخروية في ملكوت الآب عندما ننال الافخارستيا، نجدد عهد الحب مع يسوع.
هل قال المسيح شيئاً عن ضرورة نيل الافخارستيا؟ أجل، فعل: “إن لم تأكلوا جسد ابن البشر وتشربوا دمه، فلا حياة لكم في أنفسكم” (يو 6، 53). بمعنى آخر، إذا رفضنا عن قصد ومعرفة أن نشارك في الافخارستيا التي دعاها المسيح “الغذاء الفعلي… والشراب الفعلي”، لا يمكننا الحفاظ على حياة روحية. ومن دون الحياة الروحية، النعمة، لن نعيش أبداً في ملكوت الله؛ ونتجه نحو الهلاك الأبدي. هذا كلام معبر قاله ربنا. لكن القديس بولس يحذرنا قائلاً لنا أنه يجب أن نقترب من سر الافخارستيا باستحقاق:
“فأي إنسان أكل خبز الرب أو شرب كأسه وهو على خلاف الاستحقاق فهو مجرم إلى جسد الرب ودمه” (1 كور 11، 27).
…يجب أن نحرص دوماً على عدم تحول هذا اللقاء العظيم مع المسيح في الافخارستيا إلى مجرد عادة، وألا نناله عن غير استحقاق أي في حالة الخطيئة. يجب ألا نتصالح مع الله فقط قبل نيل سر الافخارستيا (من خلال الاعتراف السري إذا كنا في حالة الخطيئة المميتة)، وإنما كجزء من هذا السلام، يجب أن نتصالح مع قريبنا نظراً إلى أن الافخارستيا هو “علامة وحدة، ورابط حب”
كم مرة يجب أن نذهب إلى القداس؟
يجب أن نرى بوضوح أنه ينبغي علينا المشاركة في هبة القداس الرائعة وفي وليمته، الافخارستيا، في سبيل الخلاص. ولكن، كم مرة نذهب إلى القداس؟الجواب موجود في الوصية الثالثة: “احفظ يوم الرب”.
استناداً إلى تقليد نقله الرسل ويرقى إلى يوم قيامة المسيح، تحتفل الكنيسة بسر الفصح كل سابع يوم، أي ما يسمى بيوم الرب أو الأحد. في هذا اليوم، يجب أن يجتمع أتباع المسيح في مكان واحد لكيما يتمكنوا من خلال الاستماع إلى كلمة الله والمشاركة في الافخارستيا من تذكّر آلام الرب يسوع وقيامته ومجده…
من يستطيع القول بأنه كان يحفظ يوم الرب إذا لم يُقدم لله أثمن هدية في ذلك النهار؟ من يستطيع أن يدّعي أنه يحب الله إذا رفض تقديم “ذروة” الحياة المسيحية أقله في اليوم الذي طلب منا الله حفظه؟ وهل يوجد عمل أقدس من ذلك؟
علاوة على ذلك، إذا كان جسد المسيح طعاماً فعلياً وجسده شراباً فعلياً، أي القوت الضروري للحياة الروحية، فهل يجب أن نكتفي بالمشاركة في هذه الوليمة المقدسة مرة واحدة في الأسبوع (أو حتى مرة واحدة في السنة)؟ وهل نجرؤ على الدخول في هذه الشركة الجسدية مع ربنا من دون أن نتواصل معه يومياً في الصلاة؟
هل المشاركة في قداس الأحد وتلاوة بعض الصلوات صباحاً ومساءً والاعتراف ثلاث مرات سنوياً تعتبر حب الله من كل “قلبنا ونفسنا وعقلنا”؟ بالعودة إلى السؤال الأساسي: “هل قداس الأحد ضروري من أجل الخلاص؟”، لا بد أن نجيب: “أجل!” نظراً إلى ما تحدثنا عنه سابقاً.
من صفحة زاد للحياة الأبدية على فيسبوك
هل قداس الأحد ضروري؟