منذ عيد دخول السيّدة إلى الهيكل في ٢١ تشرين الثاني نبدأ بترتيل: المسيح ولد فمجّدوه. ننتظر المولود الجديد. ومنذ عيد القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ في ٢٠ كانون الأوّل يقوى اتّجاه الصلوات إلى العيد. وعشيّة الميلاد نقيم البارامون وهو الوقفة الروحيّة والإنشاديّة لاستقبال المخلص. الكنيسة تشدّنا إلى الفادي الآتي طفلاً لينمو بيننا كواحد منّا يقاسمنا أوضاعنا وشقاءنا وفي وسطها يقدّم لنا الفرح.
إنّ الكون كلّه والأزمنة السابقة كلّها كانت تنتظره وإنّ الفلسفة والديانات اليهوديّة والوثنيّة كانت ترجوه. وهذا يمكن أن نستدلّ عليه ليس فقط من قراءتنا الأنبياء وهذا ما نحن فاعلوه عشيّة العيد. ولكنّ النفوس المعذّبة كانت ترجوه. فهل يكون العيد لنا مجرّد ذكرى نقيمها مع أطفالنا بالهدايا والطعام والشراب والرموز المستوردة التي أخذنا نألفها، أم نصبح أعمق من ذلك فيصير القلب هو المذود والتوبة هي الرؤية والتجدّد هو القرار والالتزام.
غير أنّ أهمّيّة هذا العيد ليست في العيد عينه ولكن بمعناه. إنّه إطلالة الله علينا بموسم وبغير موسم. فالحياة فيها الحزن الشديد والإخفاق يتلو الإخفاق وفيها الخطايا الكثيرة. والكآبة الكبرى هي أنّ نفوسنا تتعهّد الصالح وربّما تعهّدت الكمال ومع ذلك ترى أنفسها تتسّكع أو تقع في الطريق. إنّ أحدًا منّا لا يصل إلى القامة الروحيّة التي يريدها لنفسه وقد لا يشتهي الأكثرون التقدّم في الصلاح وقد لا يتمنّى الأكثرون الكمال وربّما لا يتحرّك العديدون بفكرة المحبّة ولا يحلمون بتحقيق الفضيلة فيهم. منكبّون على المال والمجد واللذّات من هنا ومن هناك. يكتفون بيوميّاتهم وينظرون حولهم فإذا بالناس محدودون بشهوة الطعام وشهوة الجنس. ليس من ناريّ واحد ولا من طامح في القداسة. هم سعداء إذا لم يمرضوا ولم يموتوا وكأنّ المسيح لم يأتِ ولم يتكلّم ولم يمت ولم يقم من بين الأموات. إذا كانوا لا يغيّرون ما في أنفسهم فكأنّهم لم يقتنعوا بأنّ يسوع جاء ليغيّر ال