اليوم نعيّد لعيد صاحبة الكنيسة وجميعنا ماثلون أمام عرش واحد وحيد قائم وهو العرش الذي يجلس عليه إلهنا. ولكن كما يقول الكتاب المقدس فإنّ الله يسكن في قدّيسيه*، ليس في الأماكن المقدسة فقط، بل في قلوب وعقول الذين تنقّوا بالجهاد والنعمة، في حياة القديسين وفي أجسادهم.
واليوم نعيّد لعيد من هي أقدس من كل القدّيسين وهي والدة الإله. هي قد رقدت رقاد الموت الأرضي ولكنها كما كانت حيّة حتى أعماق طبيعتها، هكذا بقيت حيّة، حيّة بروحها الصاعدة إلى عرش الله، حيّة بجسدها القائم الذي تقف به الآن تتشفـّع لأجلنا. إنها عرش النعمة، وقد سكن فيها الإله الحي، وكان في أحشائها كما على عرش مجده. فبأي ّامتنان وبأيّ تعجّب نتأمل فيها، التي هي ينبوع الحياة كما تدعوها الكنيسة ممجّدة إياها من خلال إحدى إيقوناتها، والتي حياتها الأرضية تنتهي وهي محاطة بمحبّة الجميع.
ولكن ما الذي تتركه لنا؟ وصية واحدة فقط ومثالاً عجيباً واحداً. الوصية هي تلك الكلمات التي قالتها للخدم في عرس قانا الجليل: “مهما قال لكم فافعلوه”. ففعلوا وصارت مياه التطهير في الأجران خمراً جيّدة لملكوت الله. هذه الوصية تتركها لكل منا قائلة: إفهم كلام المسيح، أصغِ إليه ولا تكن مجرّد مستمع بل نفـّذه، فعندها ستتحوّل كل الأرضيات إلى السماويات الخالدة المتجليّة الممجّدة. وقد تركت لنا مثالاً، فالإنجيل يقول إنها كانت تحفظ في قلبها كل كلمة عن المسيح وكل كلمة للمسيح ككنز، كأثمن شيء تمتلكه.
فلنتعلم نحن الإصغاء بكلّ هذه المحبّة وبكل هذا الورع إلى كل كلمة من كلام المخلّص. قيل في الإنجيل الكثير من الأشياء، ولكن قلب كلّ واحد منا يستجيب تارة إلى شيء وتارة إلى شيء آخر. وما قد استجاب إليه قلبي أو قلبك هو الكلام الذي قاله المسيح المخلّص لي ولك شخصياً. وهذه الكلمة يجب أن نحفظها كطريق للحياة، كنقطة تماسّ بيننا وبين الله، كعلامة القرابة له والتقرّب إليه.
وإذا عشنا هكذا وأصغينا بهذه الطريقة وحفظنا في قلوبنا كلام المسيح كما يتمّ بذر البذار في الأرض المحروثة، عندئذ يتحقق فينا ما قالته أليصابات لوالدة الإله عندما جاءت لزيارتها: “طوبى للتي آمنت أن يتمّ ما قيل لها من قبل الرب”. فليتحقق ذلك فينا أيضاً، ولتكن والدة الإله مثالاً لنا، ولنطبّق وصيتها الوحيدة، فحينئذ فقط سيكون تمجيدنا لها في هذه الكنيسة المقدّسة التي كُرّست مسكناً لها حقيقياً، لأننا سنسجد لله فيها ومن خلالها بالروح والحق. آمين.
المطران أنطوني (بلوم) سوروجسكي
عظة في عيد رقاد والدة الإله