تذكر الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل وجميع الرسائل نساء كثيرات تمتّعن بمواهب كثيرة قد يظنّ البعض أنّها حكر على الرجال.
على سبيل المثال لا الحصر: مريم ومرتا من قانا الجليل. مريم أحبّت أن تتعلّم من السيّد وتواضعت فجلست عند قدميه. مرتا أحبّت خدمته، حاملات الطيب تمتّعن بشجاعة فائقة عندما ذهبن صبحًا إلى القبر، المرأة الكنعانيّة والنازفة الدم والمرأة السامريّة أبدين إيمانًا عظيمًا تفوّقن به على إيمان معاصريهم من الرجال.
إذًا لا تفرّق الكنيسة بين رجل وامرأة. الربّ يسوع أعطى مثالًا بذلك وأكّده بولس الرسول في رسائله: «ليس يهوديّ ولا يونانيّ، ليس عبد ولا حرّ، ليس ذكر ولا أنثى، فأنتم كلّكم واحد في المسيح يسوع» (غلاطية ٢٨: ٣).
لم تنظر الكنيسة الأولى «بدونيّة» إلى المرأة. نظرت فقط إلى إيمانها، هل قال الأب زوسيما في نفسه عندما التقى القدّيسة مريم المصريّة «أنا كاهن وهي امرأة وأنا يمكنني أن أباركها وهي كامرأة لا يمكنها ذلك؟». ألم يطلب منها البركة وهي سجدت له طالبة الغفران؟
إذًا، مسيحيًّا، من غير المقبول أن نضع امرأة أو رجلًا في درجات عليا أو سفلى. هذا ليس في عقيدتنا الأرثوذكسيّة المقدّسة. نحن لا نكرّم الرجل أو المرأة، بل الروح القدّس الفاعل فيهما.
تمرّ الكنيسة بأيّام صعبة جدًّا جدًّا. الرعاة قليلون والقطيع تائه، خائف، جائع، مريض، منهمك، متروك… إنّه الوقت لتفعيل دور المرأة في الكنيسة والاستفادة من مواهبها الروحيّة والاجتماعيّة والنفسيّة والعلميّة التي أصبحت معروفة ومطلوبة اجتماعيًّا. لِمَ لا بشكل فعّال كنسيًّا؟
«لأنّه كما أنّ الجسد واحد وله أعضاء كثيرة وأنّ أعضاء الجسد على كثرتها إنّما هي جسد واحد كذلك المسيح أيضًا» (١كورنثوس ١٢: ١٢)، «فأنتم جسد المسيح وكلّ واحد منكم عضو فيه» (١كورنثوس ٢٧: ١٢).
عمل المرأة في الكنيسة يمكن أن يشمل على سبيل المثال وليس الحصر: العمل في مجالس الرعايا، تأمين هبات للمحتاجين، القيام بالتنشئة المسيحيّة، الترتيل، المحاضرات، المخيّمات، الاشتراك في المؤتمرات، القيام بدراسات وأبحاث، مؤاساة المرضى، تعزية المحزونين إلخ… وطبعًا الاهتمام بالكنيسة الصغيرة التي هي عائلتها إذا كانت متزوّجة. كثرت الأصوات اليوم في غير مكان من أجل أن تعيد الكنيسة دور الشمّاسات وتفعِّله، لأنّ الحاجة الروحيّة والنفسيّة والتعليميّة ماسّة وملحّة وضروريّة أكثر من أيّ وقت مضى.
يجب ألّا ننسى أنّ من حافظ على الإيمان في روسيا الشيوعيّة هنّ الجدّات عندما لم يكن من الممكن للكهنة التبشير والتعليم.
نرجو أن تكون الخميرة فاعلة في عجين البشريّة كلّها وللمرأة المؤمنة دورها في هذه الورشة.
Raiati Archives