ليـس الإيمـان فقـط في القـلـب، انه ايضًا على اللسـان. “فكـل مـن يعتـرف بي قـدام النـاس أَعتـرف انا ايضًا به قـدام ابي الذي في السمـوات” (متى 10: 32). يقـابلـهـا ايضا قـول السيد: “من يُنكـرني قـدام النـاس أُنكـره انـا ايضًا قـدام أبـي الـذي فـي السمـوات” (متى 10: 33).
أَطـلـقـت الكـنيـسـة صفـة المـعـتـرف على من يُقـرّ بانتـمـائـه الى المسيـح تحـت التعـذيـب. واذا مـات يُسمـّى شهيـدًا. هـذا التطـابـق بيـن البـاطـن والظـاهـر يُعبـّر عنـه بـولـس فـي رسـالـة اليـوم: “إن اعتـرفـتَ بفمـك بالرب يسـوع وآمنـت بقـلبـك أن الله قـد أقـامـه مـن بيـن الأمـوات فإنـك تخـلُـص”.
شهادة الدم عندنا إلزامية فلا حق لك بالكفر. أنت تشهد حتى يُراق دمُك. لذلك تؤمن الكنيسة أن الشهداء لا يدعوهم الله الى الدينونة لكونهم اتّحدوا بالمسيح اتّحادًا كاملا.
قـد يظـنّ بعـض النـاس أن عـدد المسيحييـن يقـلّ بمـوت الكثيـرين عن طريق استشهادهم. العكس هو الذي حصل إذ الكثيـرون مـن الذين اهتـدوا لـيس بالبشـارة ولكـن برؤيتهم قتـل السلطات الرومـانيـة وغيـر الـرومانية للمسيحيين. مَن أحـبّ المسيـح حتـى المـوت كـان يـوحـي للـوثنييـن انـه يـؤمـن بـإلـهٍ حـيّ وأنـه ينـضمّ اليـه بالمـوت.
الـذين كـانـوا يمـوتـون فـي الشهـادة انمـا جـاؤوا اليـهـا بالتعـليـم، بالـبشـارة. آمنـوا حتـى مـاتـوا. جيلا بعد جيل كنـا نمـوت وفـي كـل البـلـدان. الاتحـاد السـوفيـاتـي قـتـل الألـوف المـؤلـفـة مـن الشهـداء بـدءًا بـ 250 مطرانًا وستـة آلاف كـاهـن. كذلـك هتلـر قتـل عددا مـن المسيحـيـيـن.
إذا أُلقي القبض على المسيحيّ بسبب من إيمانه لا يهرب من الاعتراف. ولكن يحق له أن يختفي. هذا ليس بنكران. اما اذا سأله المحقّق إن كان مسيحيا فلا بد له أن يعترف والرب وعد بتقويته في حالة الضعف او الشك.
طبيعيّ أن يُقتل المطران والكاهن اولاً ظنًّا من الظالمين أنهم يُبيدون الرعية هكذا. ولكن هذا الحساب لا يصحّ. تنتعش الرعية بموت القادة ويُدبّر الله كنيسته.
استعدادًا للشهادة اذا طُلبت نتمسّك بكل كلمة من كلمات يسوع لنتغذّى بها وتثبتنا حتى اذا برز مَن يضطهدنا يجدنا أقوياء، متأهبين للاعتراف بيسوع ربًّا ومخلّصًا.
“سحابة الشهود” كما يُسمّيهم الكتاب هم أساسنا في السماء وهم يشجّعوننا على الاقتداء بهم. انهم الأعظمون بيننا وإخوتنا الكبار الذين يُثبّتوننا بمحبة المسيح.
جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 28، الأحد 8 تموز 2012