هذا الموضوع دقيقٌ وهامٌّ، دقيقٌ لأنَّه ما زال يُعْتَبَرُ في المجتمع -بشكل عامٍّ- شَوَاذًا، وكثيرًا ما يُمَارَسُ في الخَفَاءِ، وهو هامٌّ لأنَّه ينتشِرُ أكثر فأكثر في مجتمعِنا.
ما هي النَّظرة المسيحيَّة لمثل هذا الموضوع، وبالأخصّ لمثل هؤلاء الأشخاص الَّذين يمارسونه أو على الأقلّ يَمِيلُون إليه؟
ليس لنا المجال هنا أن نستعرِضَ الموضوعَ بإسهاب، لذا نكتفي بالتَّوجيهات العامَّة الأساسيَّة.
لا شكَّ أنَّ البيئة السُّلوكِيَّة تلعَبَ دورًا هامًّا في خَلْقِ وتَزْكِيَةِ مثل هذا الميل الجِنْسِيّ.
في العهد القديم لدينا إقصاءٌ لمثل هذه الممارسة، راجِع قصَّة لوط (تكوين 19: 4-8) وكذلك (سفر اللاويين 18: 22 و20: 13). أمّا المرجع المهمّ في العهد الجديد فهو لدى الرَّسول بولس حيث يُشَدِّدُ على أنَّ مثل هؤلاء (المثليين) لا يَرِثُونَ ملكوت السَّماوات، راجع (رومية 1: 24 16-27) و(1كورنثوس 6: 9).
نتعلَّم من هذين المرجَعَيْنِ أنَّ أسباب هذه الممارسة (الـشاذَّة بحسب إيماننا) تعود أساسًا إلى أهواء الإنسان وشهواته الجسديَّة.
* * *
الخُطُوات العِلاجِيَّة ترتَكِزُ على الإرشاد وعلم النَّفس إلى جانب النَّاحية الرُّوحيَّة السُّلوكيَّة. لا بدَّ لنا أن نذكِّر المراهق أنَّ اللهَ خلقَنَا على صورته ومثاله، خلقنا ذكرًا وأُنْثَى (متَّى 19: 4-6). وأنَّ الممارسة المِثليَّة تُخَالِفُ الـمَسَارَ الطَّبيعيَّ للحياة الزَّوجيَّة الَّتي أرادها الله للإنسان.
أمَّا النَّاحية السُّلوكيَّة كعلاجٍ فهي تستندُ إلى عدم التَّكرار في الممارسة، وإلى تَذَكُّرِ كلِّ ما يثيرُ القلقَ والنُّفورَ من هذه الممارسة وصولاً إلى إيقافها كُلِّيًّا، وذلك بالتَّعاون مع الطَّبيب النَّفسيّ وإعطاء بعض الأدوية (إن احتاج الأمر لذلك). كما لا بُدَّ من جلساتٍ إرشادِيَّة لتدريبِ هؤلاء الأشخاص كي يَسْلُكُوا طُرُقاً مناسِبَة تُحَوِّلُ الممارسة الشَّاذَّة إلى ممارسة سَوِيَّة، وهذا يَتَطَلَّبُ تعاونًا وثيقًا ومستمِرًّا بين المرشِدِ الرُّوحيِّ والطَّبيب النَّفسيّ.
* * *
هذه التَّوْعِيَة يَصْعُبُ الوصول إليها عند الإنسان البالِغ والَّذي تَأَصَّلَتْ فيه هذه الممارسة المِثليَّة للجنس، لكنَّها ممكِنَة وغير مستحيلة، هنا الموضوع يتطلَّبُ صبرًا طويلًا ومحبَّةً كبيرةً دون الإستسلام لتبرير السُّلوك على أساس مفاهيم وِرَاثِيَّة أو بيولوجِيَّة. قناعتنا أنَّ الإنسان الـمُتَسَلِّحَ بإيمانه المسيحيِّ وبصلاتِه ومطالعتِه لكلمة الله، يستطيعُ أن يضبطَ نفسَه وأهواءَه على الأقلّ، وأكثر من ذلك يستطيعُ بإرادته وبمعونة الله ، أن يستفيقَ من كَبْوَتِهِ ويعودَ إلى الممارسة الصَّحيحة، ولو عانى في البداية من الألم وغصب النَّفس.
إِنْ وَعَى الشَّخصُ أنَّه استسلَمَ وقتًا ما لشهوات الجسد، وحَزِنَ حُزْنًا عميقًا لوضعِه، ليس بسبب نَبْذِ المجتمعِ له وحسب، إِنَّمَا لأسبابٍ داخِلِيَّة إيمانِيَّة وأَخلاقِيَّة ومحبَّةً بالرَّبِّ، عندها يحمِلُ صليبَهُ ويَعْبُرُ بنعمةِ الله إلى ميناءِ الخلاص.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما