من خلال المجامع المسكونية والمحلية أعلنت الكنيسة الصيغ التي تُعبر عن الحقيقة التي كشفها لنا الاله المتجسد. فلذلك قام كل مجمع مسكوني بتثبيت قرارات وصيغ المجمع المسكوني الذي سبقه. واقر الآباء بعدم تغيير أي قرار مجمعي بدون عقد مجمع.
المجمع المسكوني الرابع، او المجمع الخلقيدوني انعقد عام 451 في خلقيدونه. جاء انعقاده بعد عامين من انعقاد المجمع اللصوصي. المجمع المسكوني الرابع اهتم بتفسير طبيعة الاقنوم الثاني للثالوث المقدس. اقنوم الاله المتجسد أي السيد المسيح. عبر المجمع ان السيد المسيح إله كامل وانسان كامل، وان هاتان الطبيعتان متحدتين بلا تغيير وبلا اختلاط، بلا انفصام وبلا انقسام. هذا التعبير جاء من بعد كشف السيد المسيح لنا ذاته، وبعد خبرات الإباء القديسين الروحية.
الجماعات التي لم تؤمن بهذه الصيغة خرجت عن الكنيسة، وسُمِّيوا ذوات الطبيعة الوحيدة (المونوفيسيت)، ويشار إليهم أيضا كالجماعات اللاخلقيدونية. أما كل من آمن بان طبيعة السيد المسيح تتبع الصيغة التي عبر عنها المجمع فدُعيَ بالأرثوذكسي او الخلقيدونيّ.
كما كل المجامع، أهميتها تكمن في الهرطقة التي تواجهها. ولذلك المجمع المسكوني الرابع، هو ذات أهمية عند مواجهة متبعي هرطقة الطبيعة الوحيدة ( المونوفيسيت). حيث رغم رفضهم المجمع المقدس، يدعون انهم ليسوا بمؤمنين بالطبيعة الوحيدة للسيد المسيح. وانما يدعون انهم يتبعون صيغة المجمع المسكوني الرابع. لكن عند الطلب منهم ان يقبلوا المجمع المسكوني الرابع فالطلب يواجه بالرفض.
كما تمادت هذه الجماعات بضم كلمة ارثوذكسي الى اسمها، فنرى اليوم انهم يدعون أنفسهم بالسريان الأرثوذكس، الاقباط الأرثوذكس والارمن الأرثوذكس. كلمة ارثوذكس وَصفت كل من اتبع المجمع المسكوني الرابع وباقي المجامع التالية من بعده. ولم تأتي يوما كوصف لاتباع الهرطقة. لكنهم يريدون أن يسموا أرثوذكس رغم انهم لا يعترفوا بالمجامع المسكونية السبع. المخطوطات تشير لهم بالمونوفيسيت ولم تشر لهم ابدا بالأرثوذكس. كما ان القديسين أشاروا لهم بالمونوفيسيت.
أيضا هذه الجماعات تفقد الأرثوذكسية التي يدعونها لأنهم -بجانب الضلالة الأولى- واقعون في هرطقة الإثنية. فالأرثوذكسية هي للجميع ولكل الأمم مهما كان العرق او الجنس. اما تلك الجماعات فقد حصرت نفسها منذ مجمع خلقيدونية في جماعات اممية وعرقية. لعل ذلك ينبع من عدم حبهم للإمبراطورية الرومية. فكانوا دائما معارضين لها في الأمور الدينية حتى وصلوا الى مساعدة المحتلين العرب على احتلال بلادهم فقط لكيلا يكونوا تحت رحمة الإمبراطورية الرومية.
ختاما، معرفة مجريات المجمع المسكوني الرابع، والاطلاع على قراراته يساعدنا على فهم ايماننا الأرثوذكسي، من الناحية الخريستولوجية والكنسية. ونلاحظ أن أي خلل في احداها يؤثر على الأخرى وبذلك يؤثر على خلاصنا. الآباء حاولوا بدافع المحبة ان يوضحوا هذه الأمور وأن يبسطوا شرحها.، أمّا اللاخلقيدونيين كانوا ممتلئين أنانية وكراهية تم توليدها ضد الإمبراطورية الرومية، هذه المشاعر هي من حرفتهم عن الأرثوذكسية يومها، وتعمي ابصارهم حتى يومنا هذا.
إياد لدعة