القدّيس هو المخصَّص لله، الذي يعيش حياته، من كلّ جوانبها، لمجد الله. يسوع المسيح الإله-الإنسان هو القدّيس وحده وينبوع القداسة. المفروز للمسيح، القدّيس في العالم، هو الذي يعكس في حياته قداسة المسيح. يتشفّع بالآخرين بمعنى أنَّه ينقل من خلاله نعمة المسيح وقوّة الروح القدس التي فيه إليهم. هي طاقة حراريّة إلهيّة تخترق الحواجز والمسافات وتذهب أبعد من القبر.
* * *
الروح القدس، روح الله الساكن في المسيح، هو مُنشِئُ القداسة في العالم. يكفي لنا أن نحيا بموجب وصايا الله وأن نجاهد من أجل ذلك عن طريق قراءة الإنجيل والصلاة والعمل حتى تفعل فينا نعمة الروح وتقدِّسنا.
* * *
القدّيسون أناس غير كاملين على الأرض. قال الرَّبُّ: “كونوا كاملين كما أنِّي أنا كامل”. وقال القدّيس غريغوريوس اللاهوتي: “الكمال هو أن نسعى إلى الكمال ”
القدّيس هو الذي يعيش في هذا العالم وعيناه متَّجهتان إلى فوق. يحيا في وطنه الأرضيّ بإخلاص له، بصبر، بألم، لكن، أيضًا، بفرح لأنَّه يتوقَّع على الدوام الالتحاق بموطنه الحقيقي الذي في السماوات مع الرَّبِّ يسوع (فيلبي 20:3 )
يحيا القديس في هذه الدنيا بروح الله وليس بروح هذا العالم الفاسد. يتحمّل المشقّات، لكنَّ الروح القدس الذي فيه يشفع به “بأنَّاتٍ لا توصَف” مشكِّلاً في ذاته عربوناً للحياة الأبديّة. الحياة الأرضيَّة هي له مجرّد مقدِّمَة للحياة الحقيقيَّة الأبديَّة التي يعيشها مسبَقاً هنا على الأرض عبر معرفة الرَّبّ يسوع والجهاد في اتِّباع وصاياه.
* * *
الكنيسة نشأت ونمت وازدهرت بفضل الشُّهداء القدِّيسين . فلا تخافوا أيُّها الأحبّاء المؤمنون، “أيُّها القطيع الصغير”، مهما أصابكم من محنٍ وحتّى من اضطهادات. يكفي أن تظلّوا ملتَصِقين بالرَّبِّ يسوع وبكنيسته، عاشقين له، فهو قادر عن طريق قدّيسيه أن يخلّصكم ويخلّص العالم أجمع. آمين.
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
/عن “الكرمة”، العدد 25، الأحد 19 حزيران2011