هذا هو العنوان الرّسميّ لهذا العيد السيّديّ، بحسب شهادة الكنيسة وخبرة آبائها القدّيسين عبر العصور.
لماذا تطلق الكنيسة هذا الاسمَ على العيد، ولا تكتفي بكلمة “الغطاس” الشعبيّة المعبِّرة والحلوة جدّاً؟!
هذا لكي تُبرز أوّلاً الصورة الإلهيّة الحقيقيّة، صورةَ الثالوث القدّوس، وهي العقيدة الأساسيّة في إيماننا المسيحيّ.
لا ينفي هذا الأمر أبداً صورةَ ابن الله المتألّم، الحبيب عند الله أبيه وعندنا أيضًا، إذ “غطس” في المياه مشيرًا إلى موته من أجل خلاص البشر.
جاءَ في إنجيل متى: “فلمّا اعتمد يسوع، صعد للوقت من الماء، وإذا السمواتُ قد انفتحَتْ له، فرأى روحَ الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه، وصوتٌ من السماء قائلاً: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررتُ” (متى 3: 16-17).
“انفتحت السموات”، أي كلّ ما هو فوق، حتى لا يعتقد أحدٌ أنّ هناك شيئاً باقياً يَعلُوه. لماذا يقول متّى “انفتحَتْ”، بينما يَذكر مرقس أنّها “انشقَّتْ”؟ (مر1: 10). يفسّر القديس غريغوريوس بالاماس هكذا: “السرّ مزدوجٌ: انفتحت أيْ كانت مقفلةً قبلاً بسبب الخطيئةِ ومعصيةِ آدم… عندما قال له الله أنت تُرابٌ وإلى التراب تعود” (تك 3: 19). من جهة ثانية انشقّت لأن قوّة الروح وطاقته الإلهيّة (é نزلَتْ كلُّها على المسيح بالجسد. هذه القوّة لم تَسَعْها السموات، لذا انشقّت، فصدَقَ القولُ “السموات غير نقيّة في عينيه” (أيوب 15: 15).
السموات، أي الملائكة، غير نقيّة أمام إله السموات. رغم استنارتها، تبقى منقوصةً من الطهارة الكاملة. وحدَها طبيعتُنا في المسيح تحوي الطهارة الكاملة، التي هي كامنة في قوّة الروح وطاقته الإلهيّة . من هنا نفهم كيف أنّ الظهور الإلهيّ “عيد الغطاس” يعنينا جميعاً: إنّه ظهورُ الله فينا بهذه القوّة الروحيّة القادرة على تأليه طبيعتنا الحقيرة. هل تَعقِلُ أيّها المعمَّد، الاِبنُ الحبيب لله، أنّك تملكُ مثل هذه القوّة في داخلك؟ أم أنّك لا تريد أن تُميتَ أعضاءَ الخطيئة في داخلك وتَنعمَ بفرح القيامة؟ تذكّر قولَ الرّسول: “أوَتَجهلون أنّنا، وقد اعتمدنا جميعاً في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا لموته، فدُفِنّا معه بالمعموديّة للموت، حتّى كما أُقيم المسيحُ مِنَ الأمواتِ بِمَجدِ الآب، هكذا نسلك نحن أيضًا في جِدّة الحياة” (رومية 6: 3-4).
أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
عن “الكرمة”، العدد1، الأحد 5 كانون الثاني 2014
الظهور الإلهيّ