هو احد آباء القرن الرابع الميلادي. وصفه القديس غريغوريوس اللاهوتي ب” التقي الوديع المتواضع القلب الذي تتلألأ انوار الروح القدس على محياه”. وقال القديس يوحنا الذهبي الفم “ان مجرد التطلع اليه كان يبعث الفرح في النفس ويحرك الفضيلة”.
كان من ملاطيه في ارمينيا الصغرى. وكانت رياح الآريوسية الناكرة لألوهية الابن تنفخ في كل مكان. اختاره الآريوسيون على سبسطيا ظناً منهم انه حليفهم وما كان ذلك (358 م). أبدى الشعب هناك انقساماً وعصياناً فغادر الى حلب. وقد قيل، لجأ الى أحد الأديرة وتفرغ للصوم والصلاة ومطالعة الكتب المقدسة.
اختبر أسقفاً على انطاكية في العام 361 اثر الاطاحة بالآريوسي افدوكسيوس. الارثوذكس والآريوسيون معاً دعموه. هؤلاء لأنهم حسبوه حليفاً لهم، اسوة بأخوانهم، اريوسيي سبسطيا، واولئك لأنهم كانوا يعرفون فضيلته واستقامة رأيه. يوم تسلمه عصا الرعاية كان الامبراطور قسطنديوس الآريوسي حاضراً. لم يشأ ملاتيوس الخوض في امور العقيدة، لأنه جاء ليجمع لا ليفرق. جاء ليضمد الجراح لا ليكلاها. تحدث في عظته عن جمال الفضيلة وبشاعة الرذيلة وأكد اصلاح النفس والأخلاق. أحرجه الامبراطور بسؤاله تفسيراً للآية الكتابية: “الرب خلقني أول طريقه” (أمثال 22: 8). هذه الآية اعتاد الآريسيون الاستشهاد بها ،زوراً، لدعم قولهم بأن الابن مخلوق. جواب ملاتيوس كان واضحاً وصريحاً لا خوف فيه ولا تردد ولا مساومة. أعلن ايمانه بالثالوث القدوس، الهاً واحداً في ثلاثة أقانيم. الارثوذكس هللوا. الآريوسيون صعقوا. وفيما كان يتكلم اندفع صوبه رئيس شمامسته الآريوسي مقاطعاً. وضع يده على فمه وحاول اسكاته بالقوة. لم يسكت. تابع باشارة اليد. بعد شهر نفاه الأمبراطور الى ارمينيا.
عاد الى كرسيه في العام نفسه (361) بعدما تبو يوليانوس الجاحد العرش ،هذا كان مسيحياً ثم سقط، ماذا وجد؟ الارثوذكس في انطاكية انقسموا الى فريقين : الموالين والمعارضين. المعارضون قالوا انه آريوسي مبطن، الآريسيون هم الذين انتخبوه في سبسطيا، في كل حال. لذا اختار المعارضون اسقفاً آخر، بولينوس. الانشقاق الأنطاكي دام يومها خمساً وثمانين سنة. هلل يوليانوس لأن همه كان أولاً وأخيراً اضعاف المسيحية واستعادة الوثنية. واذ رأى، بعد مدة، ان ملاتيوس عثرة في طريقه نفاه الى ارمينيا من جديد.
عاد قديسنا من المنفى في 363 م اثر مقتل يوليانوس. استقبله الشعب الانطاكي كقديس حي. اكثرهم خلال غيابه حافظ على ولائه له. كثير من الاطفال تسمي على اسمه تبركاً ورسم الناس صورته على جدران بيوتهم. سعى ملاتيوس الى اعادة اللحمة مع بولينوس. عرض ان يتوليا معاً الى ان يتوفى الله احدهما ففشل. روما والاسكندرية اعترفا ببولينوس. قبل ملاتوس بالأمر الواقع وتعاطى مع بولينوس بروح الالفة والوحدة والسلام. سلك بوداعة وصبر. سلم أمره لله.
اهتم ملاتيوس بتنشئة جيل من المدافعين عن الايمان : ديودوروس الطرسوسي وفلافيانوس الانطاكي والبيذيوس اللاذقي كلهم تلاميذه. هو الذي عمد الذهبي الفم بعدما انتزعه من المعلم الوثني ليبانوس وسامه قارئاً فشماسا.
وعاد الاريوسيون الى الواجهة بقوة اثر تبؤ فالنس العرش (364). عانى ملاتيوس الكثير. أخيراً في العام 372 جرى نفيه الى ارمينيا من جديد وللمرة الثالثة. قيل ان الشعب الانطاكي يومها انهال على الضابط الذي تولى مرافقته الى المنفى بالحجارة فحماه ملاتيوس بجسده.
بقي ملاتيوس في منفاه الثالث ست سنوات. تسنى له عدة مرات ان يلتقي القديس باسيليوس الكبير. اضحى القديس باسيليوس من مناصريه وعمل على ازالة سوء التفاهم بين ملاتيوس وروما والاسكندرية.
عاد ملاتيوس الى انطاكية في العام 378 م. دعاه الامبرطور ثيودوسيوس الكبير (379-395) الى ترؤس مجمع مسكوني جديد (القسطنطينية 381 ). دعم تولية القديس غريغوريوس اللاهوتي وسامه على العاصمة المتملكة. وفيما كان المجمع يوالي جلساته مرض ملاتيوس ورقد. بكاه الآباء والمؤونون وبالغ الامبراطور في اكرامه. القديس يوحنا الذهبي الفم دعاه شهيداً وغريغوريوس اللاهوتي والمجمع الثاني دعوه قديساً. وروما اعترفت بقداسته بعد ان كانت قد قطعت الشركة معه. نقل جسده الى انطاكية وأودع قبر القديس بابيلا الشهيد. تعيد له الكنيستان اللاتينية والمارونية مثلنا في 12 شباط.
طروبارية للبار باللحن الرابع
لقد أظهرتْكَ أفعال الحق لرعيتك قانوناً للإيمان، وصورةً للوداعة، ومعلماً للامساك، أيها الأب رئيس الكهنة ملاتيوس، فلذلك أحرزتَ بالتواضع الرفعة وبالمسكنة الغنى ، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.
قنداق باللحن السادس
إن مكدونيوس العاصي جزعَ هارباً من مجاهرتكَ الروحية، يا مماثل الملائكة ملاتيوس، أيها الحربة النارية للمسيح إلهنا، الذابحة جميع الكفرَة الملحدين، لأجل ذلك نمدحكَ نحن عبيدكَ بشوقٍ، ونسارع متممين الخدمة الاستشفاعية التي لكَ، أيها الكوكب المنير الأشياء كلها
www.orthodoxonline.org