في عيد القديس باسيليوس الكبير (٣٣٠-٣٤٩)، إليكم بعض مقاطع من مواعظه، ومنها ما قاله لمّا حلّت مجاعة كبرى في قيصرية سنة ٣٦٨:
أنت مثل الأرض أيها الإنسان
أَثمرْ مثلها لئلا تكون دون المادة. فإن الأرض لا تُثمر للذّتها الخاصة بل لخدمتك. أما أنت فبخلافها تؤول اليك منفعة إحسانك، لأن الأعمال الحسنة تُغني عاملها. إذا أَعطيت الجائع، عاد إليك ما أَعطيته أجرًا فأغناك. كالقمح يُبذر في الأرض فيعود نفعه على باذره، الخبز الذي تُطعمه للفقير يغلّ لك غلّة عظيمة. اعتبر انه أكثر مجدًا للإنسان أن يُدعى أبا الفقراء من ان يكون له الكثير من الذهب مكدّس في الصناديق. وأنتَ رضيت أَم أَبَيت، ستترك كل ثروتك على الأرض، أما مجد أعمالك الحسنة فيرافقك أمام الله.
الخيرات للجميع
بمَ تجيب الديّان العادل، يا مَن تُلبس الجدران ولا تُلبس نظيرك الإنسان؟ يا مَن تُزيّن جيادَك ولا ترمق بنظرةٍ واحدة أخاك الذي في الضيق؟ يا مَن تدع قمحك للفساد ولا تُطعم الجائعين؟ يا مَن تُخبّئ ذهبك ولا تُسْرعُ الى نصرة المظلوم؟
قد تقول: أيَّ إجحاف أَرتكبُ اذا احتفظتُ بما هو ملك لي؟ بحقّك، قل لي: ماذا لك؟ وممن أَخذتَه حتى تملكه طول حياتك؟ الخيرات للجميع… والأغنياء يعتبرون الخيرات العامة ملكًا خاصا لهم لأنهم استولوا عليها قبل الآخرين. لو كان كل إنسان يأخذ من أمواله ما يكفي لسدّ حاجاته، ويتركُ الفائض عنه لمن ينقصه الضروريّ، لما بقي على الأرض غنيّ او فقير. أنت يا من تلتهم كل شيء، أَتظنّ انك لا ترتكب إجحافًا بحق أحد، عندما تحرُم من الضروري هذا العدد الكبير من المحتاجين؟
من هو سارق الجماعة؟
من هو الإنسان الذي يُدعى سارقًا للجماعة؟ أليس من يخصص نفسه بما هو للجميع؟ ألا تكون سارقًا للجماعة أنت الذي يخصص نفسه بما أعطيه ليوزعه على الآخرين؟ إننا ندعو سارقًا من يسلب المسافزين ثيابهم. وهل يستحق غير هذا الاسم ذلك الذي لا يكسو محتاجًا ليس له غير العري لباسًا؟
وأنت؟
الخبز الذي تحفَظُه في المخبأ هو مُلكٌ للجائعين، والثوب الذي تُقفل عليه الخزانة هو مُلكٌ للعراة، والحذاء الذي يتلفُ عندك هو مُلكٌ للحفاة، والذهب الذي تدفنه هو مُلكٌ للمحتاجين. أنت تجحف بحق الذين تستطيع أن تسدّ حاجتهم ولا تفعل.