...

المعموديّة للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم

«وكان يخرج إليه أهل بلد اليهوديّة وأورشليم فيعتمدون منه في نهر الأردنّ معترفين بخطاياهم» (مرقس ١: ٥). أرأيتم قوّة تأثير من عمّد المسيح؟ كيف جعل الشعب اليهوديّ يضطرب ويعترف بخطاياه؟ حقًّا كان المشهد عجيبًا عند اليهود إذ رأوا يوحنّا في هيئة إنسان، يجري أعمالًا عجيبة، يتكلّم بجسارة عظيمة. لم يتكلّم على الحروب ولا على القتال ولا على النصر والظفر الدنيويّين ولا على ويلات الجوع والوباء… بل تكلّم على السموات، على ملكوت الله، على العذاب، على الجحيم. كان سابق المسيح يستعمل جميع الوسائل الفعّالة ليحمل الشعب على احتقار الأشياء العالميّة الحاضرة، ويسمو بأفكاره إلى السماوات الآتية.

تحتفل الكنيسة باعتماد المسيح لتدعونا جميعًا إلى التوبة، على اختلاف طبقاتنا. فلا يجوز لنا أن نجمع بين التوبة والملذّات في آن واحد. وما يؤيّد هذا القول، طعام يوحنّا المعمدان ولباسه ومأواه. فإذا لم نستطع أن نحيا حياة قاسية كحياته، فالتوبة واجبة مع السكنى في المدن والقرى. لأنّنا بها نهيّئ أنفسنا للدينونة، كأنّها على الأبواب. وإن كانت الدينونة غير قريبة، فلا يجوز لنا التهاون بالتوبة، لأنّ لكلّ حياة بشريّة نهاية كما ينتهي العالم كلّه.

لنسمع قول رسول المسيح يؤكّد لنا أنّ الدينونة على الأبواب: «قد تناهى الليل واقترب النهار» (رومية ١٣: ١٢). «لأنّه في أقرب زمان يأتي الآتي ولا يبطئ» (عبرانيّين ١٧: ٣٧). فهذه أدلّة واضحة على مجيء الدينونة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المعموديّة

للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم