التلميذ: لاحظْتُ اليوم في صلاة السحر أنّ بعد قراءة الإنجيل رتّلْنا طروباريّات متعلّقة بالتوبة. لماذا صار تغييرٌ في هذه الخدمة؟
المرشد: اليوم دخلْنا في زمن التريودي، أي التهيئة للصوم الكبير. وابتداءً من هذا الأحد، الذي هو أحد الفرّيسيّ والعشّار، نبدّل قراءة المزمور الخمسين في صلاة السحر بترتيل ثلاث قطع، خاصّة بهذه الفترة، تدخل إلى أعماقنا لتذكّرَنا بأفعالِنا الخاطئة وتحثَّنا على التوبة. هل حفظْتَ شيئًا من هذه الطروباريّات؟
التلميذ: لقد دوّنْتُ الأولى، سأقرأها لكَ. «افتحْ لي أبواب التوبة يا واهب الحياة، فإنّ روحي تبتكر إلى هيكل قدسِكَ، آتيًا بهيكل جسدي، مدنّسًا بجملته، لكن بما أنَّكَ متعطّفٌ، نقِّني بتحنّن مراحمِك». لكنّي لم أفهم معانيها جيّدًا.
المرشد: يمكنك أن تتخيّل شخصًا يشبه العشّار، يعرف أنّه خاطئٌ، ويتضرّع إلى الله أن يفتحَ له أبواب التوبة. يتكلّم على «أبواب التوبة»، لأنّه يعلم أنّ لا دخول إلى الملكوت إلّا عبر التوبة، التي هي الرجوع إلى الله بعد هجراننا له. يطلب إلى «واهب الحياة» أن يعطيه حياةً جديدةً يعيشها معه. ثمّ يقول إلى الله «لأنّ روحي تبتكر إلى هيكل قدسك» أي أنّ روحه تبكّر في الصباح وتصلّي. ويتابع «آتيًا بهيكل جسدي مدنّسًا بجملته». هل تعلم ماذا يقصد بذلك؟
التلميذ: ربّما هو يعترف بأنّه إنسانٌ خاطئ؟
المرشد: بالضبط. هو كالإنسان الواقف أمام عرش الملك، وقفةً تملأها الرهبة من الحساب. إنّما اعترافه بالخطيئة هو خطوة أوّليّة وجدّيّة نحو التوبة. لكنّ هذا لا يحصل إلّا إذا كان هو راغبًا في تغيير جذريٍّ في ذهنه، ومريدًا الخلاص وواثقًا برحمة الله. لذلك يتابع قائلًا: «لكن بما أنّك متعطّفٌ، نقِّني بتحنّن مراحمك». هو إذًا لم ييأس بل عنده رجاء كبير بحنان الله، لذلك يطلب إليه أن ينقّيه أي أن ينزع عنه خطاياه ويمحوها إلى الأبد ويخلق فيه قلبًا محبًّا ووديعًا.
هل فهمْتَ الآن سبب ترتيل هذه القطع في التهيئة للصوم وخلاله؟
هذا الكلام موجّه إلى جميع الناس وبنوع رئيس إلى الكهنة المدعوّين إلى أن يتحلّوا بفضائل تيموثاوس من جهة، وأن يُطالعوا الكتاب المقدّس في عهديه ليعظوا منه، أي ليستلهموه حتّى تتطبّع عقولهم بكلماته لينقلوا فكر الله إلى الناس لا فكرهم الخاصّ ولا فكر الأدباء والشعراء. رجل الله يتكلّم بكلام الله فيتغذّى المؤمنون بالمعنى الإلهيّ.
المسؤول عن الإنجيل في الكنيسة يأخذ ممّن سبقه التعليم والقدوة. لا نكتفي بمدرسة اللاهوت لنتعلّم الإيمان إذ نحتاج إلى قدوة المعلّمين وطهارة سيرتهم. الأمر الثاني في اختيار تلاميذ اللاهوت أنّ من الأفضل أن ننتقي الذي يعرف الكتب المقدّسة قبل أن يدخل المعهد، وأن يكون مستعدًّا لقبول العذاب من
أجل المسيح، وأحيانًا يجيئه العذاب من أعضاء الكنيسة أنفسهم. وإصرار بولس على التعليم يجعلنا حريصين على أن يكون الكاهن مثقّفًا لاهوتيًّا وطاهر السيرة معًا. الطهارة وحدها لا تكفي، والعلم وحده
التواضع
للقدّيس سلوان الآثوسيّ
إنّ روح الإنسان المتواضع كالبحر، فإذا رمينا حجرًا في البحر، يتحرّك وجه الماء للحظة وبعدها يغرق الحجر في الأعماق. هكذا تُبتلع الآلام والأحزان في قلب الإنسان المتواضع وتُنسى، لأنّ قوّة العليّ معه.
إنّ السيّد لا يكشف نفسه للنفس المتكبّرة، فالمتكبّر حتى ولو قرأ الكتب كلّها، فلن يعرف أبدًا السيّد لأن كبرياءه لا يترك مكانًا لحلول نعمة الروح القدس فيه، والله لا يعرف إلاّ بالروح القدس.