الكنيسة تحزن على كثير من أولادها لكونهم يَغيبون عنها يوم الأحد ويدخُلونها في بعض المواسم هم يختارونها، مثلا في جنّاز المسيح والفصح وربما في عيد الميلاد. الكنيسة أُمّك وتنتظر عودتك الى أحضانها، وهذا الحضن لا يهمّ بعض أولادها ولا يتأثّرون بدفئه.
ليس المجـال هنا لـنستمع الى شكاوى الناس ليُبرّروا غيابهم. الكاهن أحيانا عليه شكوى او بعضٌ من أعضاء مجـالس الرعيـة. ومـع أن مستوى الكهنة ارتفع بصورة محسوسة من حيث التقوى او من حيث العلم، لم يزدد عدد المصلّين إلا قليلا. يُقال لي أحيانا إن بعض أحبّائنا يذهبون الى الكنيسة القريبة من بيوتهم مع أنها غير أُرثوذكسية. سؤالي الى هؤلاء هو هذا: أأنتم منتمون أَم غير منتمين؟ وأنا واثق أنك إنْ سُقت سيارتك الى كنيسةٍ من كنائسنا لا يستغرق ذلك أكثر من دقائق.
أنت تستيقظ صباح الأحد كما في كل صبـاح. هـذا إيـقـاع الجـسم. ولكنـك تـستـرخـي. لماذا لا تـتكاسل فـي الذهاب الى عمـلك؟ أمّا عـملك لـلرب فتتّكل فيـه على الـرب حتى لا يُـحاسبـك كـأنّ لـك حقـّا في غُنجه. إن لم تسمع الى ما يقوله في القداس الإلهي، كـيف تـريـده أن يقتنع أنك تحبه؟ قد تظن أنه يُناجي ضميرك وأن هـذا يـكفيـه. هو يـريدك في “كل مواضع سيـادتـه” كما نـقـول له في القداس. ضميرك موضع واحد لحضوره. وكنيسته مـوضع اختاره لحضوره. انت لا تنتقي بين موضـع وموضع لأن ربك يريدك في كل مكان يحلّ فيه.
وإن أنت تنزّهت يوم الأحد، فكأنك قائل إن البحر او الجبل او استقبال صديق تُحرّك قلبك أكثر مما يُحرّكك كلامه. هل أجمل من المسيح او أقوى منه في قلبك؟ هل حديث الناس أحلى من العسل في فمك، والعسل كلمة الرب؟
كيف تحيا ولا تأكل هذه الكلمة؟ هل هناك أفضل منها ليُغذّيك؟ كيف تستغني عن الترتيل الإلهي؟ كيف تصل الى ذروة الحب وليس لك حديث مع الله؟ هل المشاوير والنزهات والتزلّج والمقاهي وكل تسليات هذا العالم أطيب عندك من الطعام الإلهيّ؟
جـرّب المحبة الإلهية لك أحدًا او أحدَيـن او ثـلاثـة. اعمـلْ هذا تـرَ أن هذه المحبـة أقوى من كـل رغبـاتـك. بـدّلْ حُـبّ دنـيـاك بـحـُبّ إلـهك لا تخـزَ، واذكـُرْ أنـك فـي الكـنيسة تجد جسد الرب ودمه، واسمَعْ هذا: “أنا هو الخبز الذي نزل من السماء… هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت، والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أَبذله من أجل حياة العالم”.
في الكنيسة تجد هذا. في غيابك عنها، ألا تَظهر كأنك قائل: أنا أحيا دون القرابين المقدّسة، ويسوع قائل عكس ما تقول؟ تعال وانظُرْ.
جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 17، الأحد 25 نيسان 2010