5- قمت لأفتح لحبيبي؛ ويدأي تقطران مُرًا، وأصابعي مُر قاطر، على مقبض القفل.
6- فتحت لحبيبي، لكن حبيبي تحَّول وعبر. نفسي خرجت على كلمته. طلبته فما وجدته؛ دعوته فما أجابني.
7- وجدني الحرس الطائف في المدينة. ضربونىجرحونى؛ حفظة الأسوار رفعوا إزاري (برقعى) عنى.
الكنيسة سفينة في بحر كلمة الله
يتوقع الذين يخططون للسفر في رحلة بحرية إلى الخارج الكثير من الرحلة المنتظرة، ويقدم البحارة صلاة عند بدء الرحلة ملتمسين من الله رحلة آمنة. ثم تتحرك السفينة إلى عرض البحر تحت قيادة القبطان. ويطلب البحارة في صلاتهم ريحًا متوسطة السرعة تدفع قلاع السفينة في الاِتجاه الذي يرغبه قبطان السفينة. لا يسبب البحر أي ضيق عندما تكون الريح في اِتجاه مناسب والبحر هادئًا والأمواج خفيفة. فتستمر المركب في إنسياب فوق الأمواج، ويتمنى البحارة ما سوف يجنونه من ثروة طائلة طالما تسير رحلتهم بهدوء قبل أن يظهر أي خطر.
أني استعمل هذه الأمثلة كمقدمة، لأن ما أعنيه واضح لكل مُنتبه لى.
يمثل البحر الشاسع الاتساع التأمل بعمق في كلمة الله، ونتوقع من هذه الرحلة ثروة كبيرة والكنيسة هي السفينة الحيّة التي تتوقع غنى قيادة الله المقدسة بكامل قوتها.
ولكن نص النشيد يعمل كقائد، ولا يلمس اليد التي تحرك دفة السفينة قبل أن يقدم جميع طاقم السفينة الصلاة إلى الله حتى نتنسم قوة الروح القدس علينا وتحرك أمواج أفكارنا. بهذه الطريقة يقود صلاتنا كما يقود القبطان الرحلة البحرية.
بعد ما عبرنا عرض البحر بالتأمل العميق، يمكن أن نتحرك في غنى المعرفة إذا حلّ الروح القدس من خلال الصلاة ودفع الشراع للأمام.
لنفتح لعريسنا باصابعناالمملؤه بالمّر (حياة الإماتة)
دعنا نبتدى بكلمات الوحى الإلهي التي نصها ما يأتي: “قمت لأفتح لحبيبي ويدأي تقطران مرّا وأصابعى مرّ قاطر على مقبض القفل” [5: 5]. لا يمكن لكلمة الله الحىّ أن يكون موجودًا بداخلنا (أعنى أن العريس النقي الغير منظور الذي يُوحّد النفس معه بطهارة وعدم فساد) إلاّ إذا نزعنا الشرّ من أجسادنا بإماتة أجسامنا على الأرض. وبهذه الطريقة نفتح الباب لكلمة الله حتى يدخل ويسكن مع أنفسنا. يتضح هذا من تعاليم الرسول المقدسة. كذلك من كلمات العروس: “قمت لأفتح لحبيبي” بجعل يدىّ ينابيع المرّ، ومنها تفيض الروائح الزكية العطرة، وتظهر أن أصابعى ممتلئة بالمرّ.
وتفتح العروس طريقًا لعريسها بالكلمات الآتية: “فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة” (رو 4:6).
لا تتم فينا معجزة القيامة من الأموات إلا إذا سبقها موتنا بإرادتنا. ويُرمز لهذا أي الموت الأرادى، بقطرات المرّ التي تقطر من يدّىْ العروس، أصابعها تمتلئ بهذا العطر. وتقول أن المرّ لم يأتِ إلى يديها من أي مصدر آخر. وإذا كان هذا صحيحا يصبح المرّ شيئًا طارئا. وغير إراديًا، فيقطر المرّ (قدرات نفسها العاملة) من يديها، ويعني هذا أمانة انفعالاتها الجسدية بإرادتها. لهذا السبب تمتلئ جميع أصابعها بالمرّ.
أصابع الفضيلة
يفسر النشيد كل عمل تقوم به الفضيلة باستعمال كلمة “أصابع”. ويمكننا فهم ذلك بالمعنى الآتي: “لقد اكتسبت قوة القيامة من الأموات بإماتة أعضاء جسدي على الأرض. وقد أخذت بحرية هذا الالتزام بالإماتة، وكأن المرّ الذي فاض من يدىّ ناتج عن إرادتى الحرة. لذلك يظهر نفس الاِتجاه باِستمرار في جميع أعمال الفضيلة التي تعرف بأسم “أصابع”.
أما هؤلاء الذين يمارسون الفضيلة فقد يكون بعضهم ميتًا بالنسبة لأحد الأهواء بينما حيّا بالنسبة لأهواءٍ أخرى. فنلاحظ أن البعض يميت حياة الافراط (الملذات) بينما لا يزالوا يمارسون الكبرياء أو اهواء أخرى مدمرة للنفس مثل حب المال والغضب والطمع وحب الظهور أو شيء آخر من هذا القبيل. فإذا ارتبطت هذه الاهواء الشريرة بالنفس، لايظهر المرّ في أصابع الشخص، لأن الأماتة والانفصال عن الشر لا تمتد إلى جميع نواحى حياته.
تنهض االنفس وتفتح للعريس، عندما تمتلئ الأصابع بما نطلق عليه المرّ. لذلك يظهر أن القديس العظيم بولس قد فهم تمامًا قول السيد المسيح: “الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” يوحنا24:12.علّم بولس هذه النظرية للكنيسة، فيتقدم الموت على الحياة، لأن الحياة لاتدخل إلى الشخص إلا بعد أن يمر في بوابة الموت.
لتحيا فينا الفضيلة وليمت الشر
حرية الإرادة:
لطبيعتنا وجهان: أحدهما شفاف سرِّي وخفيف والآخر سميك ومادي وثقيل. لذلك فحركة كل منهما لها نشاط معيّن لا يمكن أن يتبادلها مع الوجه الآخر. فالذكاء والنور هما من صفات النشاط الذي يرتفع إلى أعلا، بينما النشاط المادي ثقيل الوزن يميل إلى أسفل ويتم هناك. وبما أن طبيعة نوعّىْ النشاط هذه متعارضة ومتضادة في الاتجاة، فإن حركة أحدهما لا تعمل بكفاءة إلاّ إذا أبطأت الأخرى في حركتها. ولنا قدرتنا على الاختيار الحرّ بين هذين النشاطين، ويمكن لهذه القدرة تغيير النشاط الضعيف إلى نشاط قوى أوالعكس: فالإرادة هي التي تضمن انتصار النشاط التي تدعمه. لذلك يمدح الإنجيل (مت45:24) العبد الأمين الحكيم الذي أقامه سيده على خَدَمِةِ ليعطيهم الطعام في حينه. (ويمثل العبد، في رأيى إرادتنا الحرة). لقد مُدح لأنه حفظ منزل سيده بتحطيم أعدائه. ويُعتير تحطيم الأعداء غذاء وصحة لما هو صالح). وعلى جانب الآخر، فإن العبد الشرير الذي يصادق السكارى، يُدان لأنه يُسئ معاملة خُدّام بيت الله ويضربهم.
تنال الفضيلة ضربة قوية عندما ينتصر الشر. لذلك ننال الخير إذا تحمسنا لكلمة النبي، وهي، أن نبيد كل صانعي الشر الموجودين في الأرض، في الصباح الباكر، ونُبعد كل الأفكار الشريرة عن مدينة الله (المدينة هي النفس) (مز 8:101). فينتعش فينا النشاط الخيّر بعد إزالة الشرور من نفوسنا. بذلك يمكننا أن نعيش بعد الموت، لأن واحدًا مما بداخلنا يموت، بينما يعطى كلمة الله الحياة للآخر. كما يقول النبي “أنا أُميت وأُحيي” (تث39:32). لذلك عاش بولس بعدما مات، وتقوى في الضعف، واِستمر في جهاده وهو مربوط بالسلاسل،وكانت له ثروة في الفقر وكان غنيًا وهو لا يملك شيئًا، وكان حاملاً في جسده كل حين إماتة الرب يسوع المسيح (2 كو 10:4).
ولكن دعونا نرجع إلى مناقشتنا، وهي، أن النفس تقوم وترتفع من خلال الموت. (فإذا لم تمت فإنها تظل مائتة إلى الأبد وغير قادرة على الحياة. فبالموت تمر النفس إلى الحياة وترفض كل شيء يُسبب الموت). تؤكد العروس هذه التعاليم لنا: “قمت لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مرّا، وأصابعي مر قاطر على مقبض القفل“.
لم يخلق الإنسان ليموت
يرمز المرّ إلى الموت؛ كل من يعرف الكتاب المقدس لا يشك في ذلك. كيف إذن يتمكن الموت من أن يقوم؟ أظن أنه يجب أن نبحث عن فهم أوضح لهذا الموضوع. سوف نستجيب لأحسن قدراتنا وندرسه بترتيب منظم: خلق الله كل شيء بجمال رائع، كما يشهد بذلك سفر التكوين (تك 31:1). وكان الإنسان بين هذه الأشياء رائع الجمال، وفي الحقيقة زوده الله بجمال يفوق كل المخلوقات الأخرى. ماذا أروع من صورة الجمال الأبدي؟ فإذا كان شيء رائع الجمال وكان الإنسان بينها، وخُلق ليكون متفوقًا عليها، فبالتأكيد لم يكن الموت في داخله. فمن غير الممكن أن يكون الإنسان جميلاً بينما يحمل خاتم الموت الحزين بداخله. غير أن الإنسان كان على صورة بها الحياة الابدية وشبيها، ذا جمال صادق وجمال عظيم ومزينًا بهيئة الحياة البهية المنيرة.
حياة فردوسية أبدية
كانت جنة الله للإنسان، وكانت تعج بالحياة لوفرة ما كان بها من أشجار. وكانت وصايا الله هي قانون الحياة الذي وعد أن يبقى الإنسان حيّا إلى الأبد. وفي مركز الجنة زُرعت شجرة تفيض بالحياة: كم هو ضروري أن نفهم ماذا تعني هذه الشجرة التي كانت ثمرتها هي الحياة! وعلى الجانب الآخر كانت توجد شجرة تُسبب الموتُ وثمرتها تجلب الخير والشر. وكانت هي الأخرى موجودة في مركز الحنة. ولا يمكن أن تحتل هاتان الشجرتان نفس المكان في مركز الجنة: فإذا كانت أحداهما في المركز فلابد للأخرى أن تبتعد عنه. فمركز الدائرة هو النقطة التي تبعد بمسافات متساوية من المحيط. ولما كان للدائرة مركز واحد فلا يمكن أن يكون لها مركزان يحتلان نفس المكان. فإذا أخذنا نقطة أخرى كمركز للدائرة مكان المركز الموجود حاليًا فيلزم أن نعمل دائرة أخرى. لذلك فالمركز الأول لا يصلح أن يكون مركزًا للدائرة الثانية. ولكن يذكر الكتاب أن كلا من الشجرتين توجدان في مركز الجنة، وأن لكل منهما قوة معارضة للأخرى (تك 9:2،3:3). أعنى أن إحدى الشجرتين تعطى الحياة بينما ثمرة الأخرى تسبب الموت. يسمى القديس بولس الثمرة الأخيرة بالخطية، قائلاً: “لأن أجرة الخطية هي الموت” رومية 23:6
الدرس الذي يلزم أن نتعلمه هنا هو أن الحياة هة في مركز نباتات الله. أما الموت فلم يُزرع ولم يكن له جذور أو مكان خاص به، نتيجة لعقمة في الحياة لا يشترك في الخير وليس له جدوى أو ثمرة للأحياء. كانت شجرة الحياة في مركز جميع الأشياء التي زرعها الله، إلا أن طبيعة الموت هي أنهاء أو توقف الحياة. فشجرة الموت توجد في الجنة، وتُقدم لنا رمزيًا وتحمل ثمرتها صفات القوة المتعارضة.
يقول النص بوضوح أن الخير والشر ظهرا في نفس الوقت مُشيرًا إلى طبيعة الخطية. تسبق اللذة في الحقيقة كل شيء يُعمل من خلال الشر. لأن الخطية لاتوجد إلا وهي مرتبطة باللذة مثل خطيتى الغضب والشهوة. لأجل هذا تُسمى الثمرة “جميلة” نتيجة للحكم الخاطئ لهؤلاء الذين يجدون خيرهم في لذتهم. لذلك، نكشف أن الثمرة هي الشر لمرارة طعمها. وحسب المثل: “لأن شفتيّ المرأة الأجنبية تقطران عسلاً وحنكها أنعم من الزيت” أمثال3:5. فالعسل الذي يأتي من شفتيّ الشر ويرطب البلعوم لفترة ينقلب طعمه إلى مرارة بالنسة لهؤلاء الذين يذوقون حلاوته بنوايا شريرة.
دخول الموت إلى الإنسان
فصل الإنسان نفسه بعيدًا عن ثمار الأعمال الطيبة وامتلأ بالثمار المهلكة من خلال العصيان (اسم هذه الثمار هو الخطية التي تؤدى إلى الموت). ثم مات الإنسان مباشرة عن الحياة الطيبة، لأنه استبدل الحياة المقدسة بأخرى حيوانية دون تعقل. وعندما اختلط الموت بالطبيعة البشرية، انتقل بالوراثة إلى الأجيال المتعاقبة من الأبناء. لذلك أصبحت حياتنا موتًا، لأنه على أية حال، ماتت حياتنا في الحقيقة لأنها أصبحت محروقة من الأبدية. ولكن الشخص الذي يعلم أنه بين نوعين من الحياة يتمكن من أن يعبر من الحياة المائتة إلى الحياة الأبدية. ويمكنه أن يعمل هذا بواسطة إزاحة الأولى الرديئة، وهكذا يعطى انتصارًا للثانية. لذلك استبدل الإنسان بواسطة الموت الحياة الحقيقية وإختار لنفسه الحياة المائتة. ولكنه إذا يموت أي يتنكر لهذه الحياة المائتة الحيوانية فإنه يتمكن من العبور إلى الحياة الأبدية. وبدون شك لا يمكن لأي شخص أن يدخل حياة النعمة إلاّ إذا مات عن الخطية. ويفسر النص في سفر التكوين هذه الفكرة قائلاً كان هناك شجرتان عند مركز الجنة، واحدة منها موجودة بالطبيعة، والأخرى تلتها بعد فترة ومعها أمر بالمنع. يحدث تبادل الحياة والموت من خلال المشاركة أو عدمها بالنسبة إلى نفس الشيء. ويمكن تفسير ذلك كالآتي: الذي يعمل الشر يُعتبر ميتا بالنسبة للحياة الطيبة. أما الذي يعيش في الفضيلة ويعمل الخير فإنه يموت بالنسبة للشر لذلك تظهر يدَّىْ العروس ملأي بالمرّ، وبموتها عن كل الخطايا تقوم لتقيم مدخلاً للكلمة. والكلمة الذي يدخلها هو الحياة.
الحياة تحرك مستمر
ترتفع النفس التي تنظر إلى الله إلى سمو الأعالى كما لاحظنا من قبل. أنها لا تعرف كما يجب، حسب قول بولس (1 كو 2:8)، ولاتُدَّعى أنها قد فهمت، ولكنها تسعى إلى ما هو أعلا متقدمة إلى الأمام إلى ما هو قدام (في 13:3).
يُقدم النشيد كلمات العروس: “على مقبض القفل فتحت لحبيبي” ثم أضافت “لكن حبيبي تحول وعبر، نفسي خرجت على كلمته“[5: 5-6]. تُعلمنا العروس هنا أن الطريق الوحيد لفهم هذه القوة التي تفوق كل عقل أنها لا تبقى أبدًا في صورة جامدة، ولكن ترتفع عظمتها باِستمرار ولاتتوقف. وتُسمى العروس كلمة “أصابع” لكي ترمز بها إلى موت الشر في كل عمل من أعمال الحياة، وذلك لأنها كانت ممتلئة بالمرّ. كما أنها أظهرت اقتناعها الحر بالفضيلة بيديها اللتين كانتا تقطران مرّا. وقالت أن يديّها لمستا قفل الباب، أي أن عملها الطيب أقترب من المدخل الضيق، الذي أعطى كلمة الله مفاتيحه لبطرس (مت19:16). لذلك تمكنت العروس من فتح باب الملكوت: بيديها اللتان تعملان الأعمال الطيبة بواسطة مفاتيح الإيمان. لأنه بواسطة الأعمال والإيمان يُهئ كلمة الله مفاتيح الملكوت فينا.
عندما تمنت العروس مثل موسى، أن يُظهر لها وجه الله (خر33: 13-22) اختفي منها ذاك الذي أرادت أن تراه. فتقول “حبيبي تحول وعبر“، فعل هذا ليس ليرفض رغبة نفسها وإنما لكي يجذبها نحوه. أنها لبركة عظيمة أن تخرج لتلقى حبيبها حسب كلمته. “معونتى من عند الرب صانع السماوات والأرض. لايدع رجلك تزل. لاينعس حافظك” مز 2:212-3. يحرس الله ذهاب وإياب هؤلاء المستحقين، ويصبح خروجنا من حالتنا الراهنة هو دخولنا إلى الخير الذي لاينطق به. وتخرج النفس التي تتبع كلمة الله الذي يقول: “أنا هو الباب، إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى” يوحنا 10: 9. لم تتوقف أبدًا العروس عن الدخول والخروج وكانت تهدأ فقط بالتقدم نحو الذي يرشدها إلى الأمام وتسمو فكرتها عنه كلما عرفت عنه المزيد.
عبر وجه الله عن موسى بطريقة مشابهة، لذلك كانت نفس من أعطى الشريعة تتقدم في معرفة الله كلما تبعته سائرةً وراءه أثناء ارشاده.
من لا يعرف خطوات التقدم التي خطاها موسى أثناء خدمته؟ ارتفع موسى باِستمرار إلى السمو، ولم يبق جامدًا أثناء نموه. كانت خطوة موسى الأولى صحيحة عندما وضع عار المسيح أفضل من مملكة مصر، وفضَّل أن يشارك آلام ومعاناة شعب الله بدلاً من الأستمتاعبلذَّه الخطية المؤقت.
زاد غضب موسى عندما حارب المصريون اليهود، فقتل أحد الغرباء، وكافح من أجل الإسرائيليين.
يمكن أن نفهم بحق خطوات النمو هذه إذا اِعتبرنا هذه الأمثلة رمزية.
نضج موسى أثناء حياته الهادئة أثناء الصحراء، وامتلأ نورًا بما رآه في نار العليقة: ثم خلع حذاءه المصنوع من جلد حيوان ميت، والتهمت عصاه ثعابين المصريين، وخلص شعبه من الفرعون المستبد، واقتاده عمود السحاب، وشق البحر، واغرق جيش المستبد، وحوّل الماء المُرعذبًا، وضرب الصخرة ففاض منها الماء، وكان مُزودًا بغذاء ملائكي، وسمع الأبواق، وصعد موسى الجبل المشتعل، ولمس قمته، ودخل في السحاب وتحرك إلى وسط السحاب حيث كان الله، وتسلم الوصايا، وأصبح يلمع كالشمس يصعب الاقتراب منه.
حقًا من يستطيع أن يحصر كل خطوات موسى التي ارتفع بها إلى أعلا أو يُحصى عواطفه الدينية؟!
كان يرغب باِستمرار في الارتفاع بالرغم من عظمة وسمو مكانتة في الفضيلة وتجاربه العديدة في لقاءاته مع الله. توسل إلى الله أن يراه وجها لوجه، ولو أن الكتاب يذكر أن الله سمح لموسى أن يكلمة وجها لوجه. لم يكتف موسى بالعلاقة الحميمة والكلام مع الله كصديق، لم فإنه يتوقف عن طلب المزيد: “إذا كنت قد وجدت نعمة أمامك، أرنى وجهك بوضوح”. والذي وعد أن يمنح الطلب، أجاب: “فقال الرب لموسى هذا الأمر أيضًا الذي تكلمت عنه أفعله، لأنك وجدت نعمة في عينى وعرفتك باسمك” خروج17:33. اجتاز الرب بالقرب من موسى على المكان المقدس في الصخرة ورفع يده ولكن موسى رأي فقط خلف الله بصعوبة بعدما اجتاز.
يتضح لنا من ذلك أن الشخص الذي يرغب في رؤية الله يتمكن نت التأمل فيه بأن يتبعه باِستمرار فالتأمل بعمق في وجه الله يؤدي إلى رحلة لاتنتهي بالسير وراء الكلمة. وعندما تقوم النفس من الموت وتمتلئ بالمرّ تضع يدها على قفل الباب بواسطة العمل الصالح وبالرجاء للواحد المرغوب أن يدخل. ثم يمر العريس وتخرج العروس، فهي لاتبقى في نفس المكان الذي كانت فيه ولكنها تلمس كلمة الله الذي يقودها إلى الأمام.
لنخرج من طبيعتنا فنتعرف عليه
تؤكد الكلمات التي تلى ذلك ما فهمناه من الفقرة السابقة: لا يمكننا أن نفهم عظمة طبيعة الله ولكن يلزم أن نمر بكل التخيّلات. “خرجت” النفس عن طبيعتها حتى لا تمنع ما لها من عادات معرفة الحقيقة الغير منظورة، وأيضًا لا تتوقف في البحث عن الذي لا تجده، ولا تتوقف عن القول أن الطبيعة الإلهية لا يمكن التعبير عنها.
تقول العروس: “طلبته فما وجدته” [5: 6]. كيف يمكن أن نجد العريس بينما لا يكشف أي شيء عن نفسه؟ ليس له لون، هيئة، نوعية، كمية، مكان، مظهر، شاهد، أو شبيه بل أي شيء يكشفه يعلو على حدود فهمنا ويختفي من بحثنا. لذلك تقول العروس: “بحثت عنه بقدرات نفسي على التخيل والفهم، ولكنه يعلو عليها جميعًا ويبتعد عن تفكيرى عندما يقترب منه”.
كيف نُعّرف ذاك الذي يعلو دائمًا على أي شيء له اسم؟ لهذا السبب تفهم العروس المعنى المُراد من كل اسم كعلاقة للخير الغير مُدرك. إن معنى كل كلمة لا يؤدي كل الغرض المقصود، بل يوضح شيئًا أقل من الحق. لذلك تقول العروس: لقد ناديت بأقصى قدرتي، بهذه الأسماء التي تُشير إلى النعمة المتناهية في العظمة والتي لا يمكن التعبير عنها، وذلك لأن العريس أظهر نفسه أعظم من أي اسم. ومثال ذلك عندما كان داود ينادى الله أحيانا بعدد كبير من الأسماء وأشار إلى أنها أقل كثيرًا من مستوى الحق: “أما أنت يارب فإله رحيم ورءوف طويل الروح كثير الرحمة والحق، صخرتىوحصنىومنقذى، به أحتمى ترسى وقرن خلاصي وملجأي” مز 86: 15، 18: 2-3. ثم يعترف داود أن اسم الله لايُعرف في كل الأرض وبالرغم من ذلك يُنظر إليه بتعجب وتبجيل “إيها الرب ربنا ما أمجد اسمك في كل الأرض” مز 8: 1.
تكلم الله أيضًا إلى منوح الذي تنبأ عن ابنه. وعندما سأل عن اسم الله، أجاب منسى وقال أنه أعجب وأعظم من أن تحتويه الأذن البشرية (قضاه18:13). لذلك تنادى النفس الكلمة باقصى قدرتها، لكنها لاتقدر أن تعمل كما ترغب، لأن النفس تشتاق أكثر من قدرتها. لا ترغب النفس في ما هو غير قادرة على اِستقباله، مثل الله نفسه، ولكن اختيارها يتمشى مع رغبتها في. ولما كان ذاك الذي نُودى عليه الله غير ممكن الحصول عليه، فلذلك تقول العروس: “طلبته فما وجدته دعوته فما أجابنى“.
تكلمت العروس وكأنها تُشير إلى ضيقتها، ولكن يظهر لي أنه يلزم فحص كلماتها التي تحوى صعودها إلى مستوى أكثر ارتفاعًا. “وجدني الحرس الطائف في المدينة، ضربونىجرحونى، حفظة الأسوار رفعوا إزارى عنى“7:5.
تظهر هذه كأنها كلمات الألم وليس الفرح، وبالأخص عندما تقول “جرحونى حفظة الأسوار، رفعوا إزارى (برقعى) عنى“. وإذا فحصنا مع أني هذه الكلمات بدقة، يظهر أن العروس تفخر بمن تجده أعظم جمالاً. لذلك يمكن توضيح كلامها كالآتي: يشهد النشيد أن العروس قد تطهرت من كل ثوب عندما قالت: “قد خلعت ثوبى فكيف ألبسه قد غسلت رجلىّ فكيف أوسخهما؟!“3:5. والآن يقول النشيد أن برقعها رفُع عنها. وبرقع العروس هو غطاء للرأس والوجه كما في قصة رفقة (تك 65:24). كيف يكون للعروس التي خلعت ثوبها، حجابًا ينزعه عنها حفظة الأسوار؟ ألا يتضح من هذه الكلمات أن العروس قد تقدمت إلى مستوى أعلى؟ فبعد أن خلعت جلدها القديم وكل غطاء أصبحت أنقي من المرحلة السابقة. لايفهم أن العروس قد أزالت ما تغطى به جسمها، لأنه حتى بعد ما خلعت ثوبها وبرقعها وجدت أنها لا بد أن تنزع شيئًا آخر.
لذلك يوضح الارتفاع إلى الله أنه يوجد دائمًا شيئًا غيرمناسب في العروس. وبالمقارنة بنقاء العروس في المرحلة الحاضرة فإن هذا الجلد المنزوع يصبح ثوبًا لابد أن يُخلع بواسطة من يجدون العروس وهم الحّراس الذين يجوبون المدينة (أي روح المدينة). فهؤلاء الذين يحرسون الأسوار نزعوا برقع العروس بعد أن ضربوها وجرحوها. توجد فائدة لنزع برقع العروس: فعيونها أصبحت حرة بلا نقاب وتتمكن من النظر بدقة لترى محبوبها. ويشير نزع برقع بلاشك إلى عمل الروح القدس حسب كلام الرسول: “ولكن عندما يرجع إلى الرب يُرفع البرقع. وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرّية” (2 كو 16:3، 17).
لا يشك أي شخص قد اعتاد على التفكير المنطقي، في أنّ ما يُنتج الخير لابد أن يكون هو نفسه خيرًا: فإذا كان نزع البرقع عملاً خيّرا، كذلك يكون الضرب وما نتج عنه من جروح عملاً خيّرًا. ولكن يتضح من المعنى الظاهرى للنص أن الحادثة مؤلمة. لذلك فمن المفيد أن نبحث عن فائدة هذه الكلمات في الكتاب المقدس، أي، إذا كان لها هدف طيب.
ضربات شافية
كيف تنقذ الحكمة نفس الشاب من الموت؟ بماذا تنصحه الحكمة أن يعمل حتى لا يموت؟ دعونا نفحص كلام العروس، “إن ضربته بعصا لا يموت” أمثال 13:23. لأنك أن ضربته بعصا فإنك تنقذ نفسه من الموت. يقول النص في النشيد “ضربونى”، ويشير ذلك إلى البقاء حيًا في ضوء: “إن ضربته بعصا لايموت” ما لم يُضرب الشاب بعصا فإن نفسه لا تنجو من الموت. ويقول النبي إن الله يُحقق نفس النتائج عندما يُحيى بالقتل ويشفي بالضرب: “أنا أميت وأُحيى. سحقت و أني أشفي وليس من يدى مُخلص” تثنية39:32. ولذلك قال داود العظيم إن هذه العصا لاتسبب جروح بل راحة. “عصاك وعكازك هما يعزياننى” مز 4:23. بهذه الأعمال تُجهز المائدة المقدسة بكل التفاصيل الأخرى التي يذكرها (مز 23:5) زيت على الرأس وكأس خمر غير مخلوط الذي من يشربه يكون مُنتشيًا وواعيا في نفس الوقت، والرحمة التي تتبعه وحياة طويلة في بيت الرب. فإذا حَوَت هذه الضربة الطيبة هذه العناصر التي تكلم عنها النبي والأمثال فإنه من المفيد أن نضرب بهذه العصا التي ينتج عنها الوفير من الخير العميم.
من هم الحراس؟
دعونا الآن نراجع بعض الفقرات السابقة في النص التي لم نتكلم عنها مَرّ الكلمة على عروسه، ولكنها لم تعرف حبيبها. أنه لم يمر عليها ومكن يجرى إلى الأمام ويهجر عروسه، ولكنه أراد أن يجذبها لنفسه. وقالت العروس: “نفسي خرجت على كلمته“. أي أن نفسها خرجت من المكان الذي كانت فيه حيث وجدها حراس المدينة: “وجدني الحرس الطائف في المدينة، ضربوني جرحوني، حفظة الأسوار دفعوا برقعي عنى“. إذا لاقت العروس أية آلام خاصة للاجحيم أو بلص لكانت هذه خبرة مريرة لها (“السارق لا يأتي إلاّ ليسرق ويذبح ويهلك” يوحنا10:10 ولكن أن يجدها حراس المدينة فهذه في الحقيقة نعمة، لأن ما يجدونه لا يمكن أن يسرقه اللصوص. من هم هؤلاء الحراس؟ إنهم ليسوا إلاّ حراس إسرائيل (مز 4:121)، هؤلاء هم حراسنا على اليمين، وهم الذين نعتقد إنهم يحفظون نفوسنا من الشر ويحرسون دخولنا وخروجنا. الله هو حارس المدينة ويقول عنه المز: “إن لم يحفظ الرب المدينة فباطلاً يسهر الحارس” مز 1:127. هؤلاء الذين يشير إليهم النص كحراس للمدينة هم “الأرواح الخادمة المرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب 14:1).
يقول النص إن النفس هي مسكن الله. هنا يجد الله النفس الضالة كما يعثر الراعي الصالح على الخروف الضائع، فتتحرك جموع الملائكة لتحتفل بهذه المناسبة كما يقول السيد المسيح. ويشبه ذلك الدرهم الضائع الذي وجد بعد أن أوقدت صاحبته سراجًا، ففرح الأصدقاء والجيران (لو9:15). وأيضًا وُجد خادم الله داود كما قال المز: “وجدت داود عبدي، بدهن قدسي مسحته” مز 20:89. فأصبح داود ملكا لمن وجده كما يتضح من الآتي: “الذي تثبت يدي معه. أيضًا ذراعي تشدده. لا يرغمه عدو وابن الإثم لا يذله. وأسحق أعداءه أمام وجهه وأضرب مبغضيه” (مز 21:89-23). توجد عناصر أخرى تُضمن في هذه الفقرة من التمجيد.
ضربات الروح الشافية
لذلك، فإنه من الخير أن تجد الملائكة التي تجوب المدينة النفس. يشرح داود هذا بقوله: “ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم” (مز 7:34). تفتخر العروس عندما تقول: “ضربني الحراس” إذ تشيد بتقدمها إلى الأمام وإلى أعلى. وإذا قالت هذا عندما جُرحت، فيعني أن العصا المقدسة قد اخترقتها إلى الأعماق. لم تستقبل العروس العصا الروحية على سطح جسمها مكان الضرب ولكنها سببت جرحًا تفتخر به العروس. ومن هذه النتيجة تتضح أهمية النص. إن العصا المقدسة أو الروح القدس هو المؤدب المُعزى الذي تؤدى ضرباته إلى التئام الجروح وثماره تتكون من الخير الذي يسجله بولس المثابر القوى ومعلم الحياة الفضلى. وظهرت على بولس آثار الضربات والجروح، ولكنه فرح بهذه الجروح قائلاً: “لأني حامل في جسدي سمات الرب يسوع” غلاطية17:6. وأظهر بولس ضعفًا من شوكة في الجسد بواسطة الشيطان، فتضرع إلى الرب لكي يفارقه، فقال له “تكفيك نعمت لأن قوتى في الضعف تكمل”. ففرح بولس بالضعف لكي تحل عليه قوّة المسيح (2 كو 9:12). توضح هذه الكلمات الجرح الجميل الذي نزع برقع العروس وهكذا كشف جمال النفس الذي كان يخفيه الغطاء.
دعونا نسترجع معنى النص، فالنفس التي تتطلع إلى الله وتمتلئ بالرغبة في الجمال الخالى من الغش تتجدد فيها رغبة أخرى للعالى الذي لاحدود له ولا تشبع هذه الرغبة أبدًا. فلا تتوقف مثل هذه النفس عن الأمتداد إلى ما هو أمامها. يظهر أي شيء عظيم وعجيب كأنه تافه بالمقارنة بما يأتي بعده، لأن ما وجدته العروس اِتضح أنه أكثر جمالاً مما اكتشفته من قبل. لذلك كان بولس يموت كل يوم، لأنه في كل مرة كان يأخذ حياة جديدة، أي ميتا بالنسبة للماضى وناسيًا كل الأشياء الماضية 1 كو 13:15.
لم تجد العروس راحة في تقدمها في اِتجاه الكمال أثناء سعيها نحو عريسها. فقد عملت “حديقة تفاح” برائحة طيبة تفوح من فمها، وجهزت طعامًا لسيد الخليقة من ثمرها الخاص، وروّت حدائقها وأصبحت ينبوع ماء حي، وأظهرت نفسها جميلة بالكمال وبعيدة عن اللوم حسب النص. وباِستمرار تقدمها، اكتشفت العروس شيئًا أكثر عظمة وجلالا: فأثناء قيادة الكلمة لها، امتلأ رأسها بالندى، وقطرات الليل في خصلات شعرها. وغسلت أقدامها، وأزالت جلد الحيوان الميت، ونزلت قطرات المرّ من يديها. ثم وضعت يدها على قفل الباب، وفتحت الباب، وبحثت عن الذي لا يمكن احتوائه، ونادت على الذي لا يمكن الحصول عليه. ووجد حراس المدينة العروس، واِستقبلت ضربة من العصا وقلدت الصخرة التي يتكلم عنها النبي: “هوذا ضرب الصخرة فجرت المياه وفاضت الأودية” مز 20:78. لاحظ المستوى الذي وصلت إليه العروس في الارتفاع. لذلك اِستقبلت العروس ضربة تشبه ضربة موسى للصخرة حتى يفيض منها وتروى هؤلاء العطشى إلى كلمة الله (خر 6:17). بعد ذلك كشف الحراس جمال وجهها برفع إزارها. هذا هو المعنى الرمزي. غير أنه ليس هناك سبب للغيرة من أي شخص يستطيع أن يقدم تفسيرًا أفضل للنص من الذي يكشف الأسرار المخفية.
رؤية إشعياء ونشيد الأناشيد
قد يرى أي شخص العلاقة بين رؤية إشعياء (إش 1:6) ونشيد الأناشيد.
أني أتكلم عن رؤية إشعياء بعد ما مات الملك من مرض البرص. رأي إشعياء شخصا يجلس في بهاء على ربوه عالية، على عرش مرتفع إلا أنه لم يتمكن من التحقق من شكله وعظمته. (لقد كان يمكن لإشعياء أن يتكلم عن هذا إذا كان في إمكانه، كما وصف بالتفصيل أشياء أخرى مثل عدد أجنحة السيرافيم ومواصفاتها وحركتها). لكنة تكلم فقط غن الصوت الذي سمعه والعتبات العليا للأبواب التي ارتفعت نتيجة لتسابيح السيرافيم وأمتلأ البيت بالدخان. ولمس أحد السيرافيم فمه بقطعة جمر متقدة، فطهرت وشفتيه واِستقبلت أذناه كلمة الله. يشبه ذلك قول العروس أنها ضُربت وجرحت بواسطة حراس المدينة وأُزيح برقعها. وبدلاً من إزاحة البرقع أزيحت العتبات العليا حتى لا تعترض رؤية وفهم إشعياء، وذكر السرافيم بدلاً من الحرس، والعصا بدلاً من قطعة الفحم والحرارة المحرقة بدلاً من الضربة. ويوجد هدف واحد لكل من العروس وإشعياء وهو التطهير والتنقية. لم يتضرر النبي من قطعة الجمر المتقدة ولكنه أضاء وازداد بركة، كذلك العروس لم تُظهر تألمها من ضربة الحراس ولكنها كانت تفتخر بحريتها بعد إزاحة برقعها. ويسمى النشيد هذا البرقع الثوب الخفيف.
إزالة برقع خيبة الأمل
يوجد تفسير آخر لهذه الفقرة ينسجم مع ما سقناه في السابق. فبعد ما خرجت النفس حسب كلمة العريس، بحثت عنه ولكنها لم تجده. ونادت عليه وهو الذي لا يمكن أن يحتويه أي اسم. وأعلمها الحراس أنها تحب من لا يمكن الحصول عليه وذهبت وراء من لا يمكن الأمساك به. فضربوها وجرحوها وضايقوها. وزاد ضيقها لأن رغبتها في محبوبها وشوقها لرؤية جماله لم تتحقق. ولكن إزاحة برقعها (خيبة الأمل) أوضح للعروس أن الاشباع الحقيقي لرغبتها هو في اِستمرار تقدمها في البحث والارتفاع: وكلما تحققت رغبتها، تحفزها لتوليد رغبة أعلى نحو السمو الغير محدود والغير مُدرك. لذلك أُزيح برقع خيبة الأمل، وسوف ترى العروس جمال حبيبها الغير مُدرك خلال الأبدية كلها. وازدادت حرارة شوقها وأخبرت بنات أورشليم بخروج قلبها لأنها اِستقبلت سهم الله المختار بداخلها. فقد ضرب طرف سهم الإيمان قلبها وماتت بجرح سهم الحب. يقول يوحنا:”الله محبة” يوحنا8:4، له العظمة والقوة إلى الأبد آمين.
يتبع…..
القديس غريغوريوسالنيصي
www.orthodoxonline.org