عندما نكون في الكنيسة، ونكون قد تعمدنا، تأتينا في لحظة ما المعضلة التالية: أن افعل هذا او ذاك؟ تأتينا المعضلة من داخل نفسنا كسؤال. تأتنا هذه المعضلة في حالات فعل السوء، في حالات الحقد، والضعفات الروحانية والجسدية. يراودنا السؤال هل افعل ذلك او لا افعل. ولأننا لم نتعود أن نجاهد روحيا وان نحارب شهواتنا، ولاننا لا نعرف أن مشيئة الله هي حياتنا، نقوم باختيار القرار الخاطئ.
ونرنكب الخطيئة. خطيئة ماذا تعني؟ تعني انني قررت أن أرتكب عمل لا يعمله السيد المسيح. بمعنى أن السيد المسيح هو حياة، والعمل الذي لا يعمله السيد المسيح، بعملي له أرفض الحياة. إذا لم نوضح هذا في أنفسنا، لن نستطيع أن نفهم كم أساسية هي أضرار الخطيئة. الخطيئة ليست عصيان لقانون معين، هي تغيير للحياة. السيد المسيح هو الحياة. بارتكابنا الخطيئة ننكر الحياة. وذلك يعني ان الخطيئة هي الموت. طبعا لان الخطيئة ليس لها عواقب بيولوجية ونحن فقط ننظر الى العواقب البيولوجية، لذلك لا نفهم موتنا. والكثير من الأحيان لا نؤمن بكلام السيد المسيح، ولكن نؤمن بما نراه فقط. المسيح يتنازل لوضعنا، ويصنع العجائب الجسدية (كبراءة المخلع) ليؤمنوا البشر، وقبل المعجزة يغفر الخطايا. والله يغفر الخطايا أولا لتصل لنا الرسالة انها أثقل من الالام الجسدية. إذا بما اننا لا نرى عواقب الموت، الذي تجلبه الخطيئة للنفس، لا نستطيع ان نقدرها. وننظر اليه بإهمال شديد. ومن هنا تبدأ الأمور بالعمل بشكل خاطئ جدا.
كانت العلاقة بين الانسان والكنيسة هي علاقة حياة، كانت الكنيسة طريقة حياة. لذلك عندما أيا كان يرتكب خطيئة، كان ابيه الروحي يضع له قانونا “توجيهيا”. هذا القانون كان بأن لا يتقدم للمناولة لفترة معينة. مسيحي يعني الأنسان الذي يحتفل بالقيامة كل أحد والذي يذهب كل أحد ويشارك بالقداس الإلهي. وإذ لم يذهب لثلاث مرات بدون سبب، كان يقطع من جسد الكنيسة. من منا اليوم يهتم لهذه الأمور؟ ومن منا يأبه عندما يقول له أبيه الروحي بألا يتناول؟ وهل كان يتناول قبلا حتى لا يتناول لاحقا؟
نرى أن العلاقة الأساسية والتعبير كان: بتواجد الشروط لطريقة الحياة وهذه الطريقة يعبّر عنها بالاشتراك بالقداس والمناولة الإلهية. المسيح هو حياة. عندما نتناول ماذا نفعل؟ نحصل على حياة، لذلك الخطيئة تقطعنا عن الحياة وهذا يعبر عنه بالقانون الذي يضعه الأب الروحي بالحرمان من المناولة لفترة معينة. وهنا نتساءل هل يؤلمنا هذا؟ أو هل يشغلنا؟ بما أننا فاقدين كل مقومات الحياة المسيحية فانه مصيري ان لا يشغلنا. لا يتواجد المسيح كحياة، ولا توجد حياة للتناول. لا توجد قيامة للمسيح أيام الاحاد أغلب الأحيان. حتى لأولادنا لنقنعهم بالذهاب للكنيسة نقول لهم “انه يجب أن يذهبوا للكنيسة”. ماذا يعني يجب؟ ولماذا يجب؟ إذ لم نفهم معنى القيامة في حياتنا، لماذا نذهب الي الكنيسة؟ وسيراه، كما قلنا في البداية، في وجه آخر. ذاك الذي ينصح بالذهاب الى الكنيسة يوم الأحد.
ننظر مباشرة لخطيئتنا الآن. ولدينا قوة مضاعفة. في مرحلة أولي نندم، او بالأحرى نندم لفعلتنا. هل تؤمنون ان هذا يكفي؟ لماذا نتوب؟ لأن بسبب الخطيئة التي قمنا بها تولدت تأنيبا في ضميرنا. هذه المرحلة، هي مرحلة بدائية والتي ممكن ان تشوّه بسهولة. كيف يمكن أن تشوّه؟ تصبح توبة أنانية. ونبدأ بلعن أنفسنا، ونقول (أنا فعلت شيئا كهذا؟) ويصبح العبق ليس على الخطأ الذي فعلته وإنما على الأنا. وأخيرا التأنيبيات يعملون فقط للعن الذات. ولا يعملون كتوبة. نعمل على تأنيب اجسادنا التي تسبب بالخطيئة. وثم توبة والتي ليست بتوبة. حياة الإنسان مليئة بلحظات التوبة، والتي لم تقدم شيء لحياة الانسان. وبهذا المنطق نعتبر الخطيئة شيء يجب ان يتكرر. يوجد في قصة السيد المسيح وجهان، والذين يعبرون عن الصالح والخاطئ. سنتحدث عنهم لاحقا.
لنرى الآن ما هي التوبة؟ التوبة تعني فهمي أنني ذهبت من الحياة وأنا الان موجود في حالة موت. وماذا يجب أن أفعل؟ أن أعود إلى حيث تركت. أي الى بيت ابي. من هو أبي؟ السيد المسيح. لنذكر مثل الابن الضال. الاصحاح 15 من إنجيل لوقا البشير. إقراؤه عدة مرات. ففيه مثالان آخران. المثل مع الحمل الذي ضاع في الجبال ومثل الدرهم التي فقدته السيدة. والمقطع الثالث هو مثل الابن الضال. المثل يصف الطريقة الصحيحة للتوبة. أي العودة الي بيت الآب. إذا لم يفهمه أحد لن يستطيع ان يتوب توبة صحيحة، ولن يتغير من توبته. سوف نلوم أنفسنا العديد من المرات ولن يتغير شيء وسنبقى حيث نحن. ولكن التوبة تعني العودة الى حيث تركت. أعود إلى بيت أبي، واتعرف على أبي لأنه الحياة وأعود إليه، لإن العيش بعيدا عنه يعني الموت. وقلت سابقا ان هناك وجهان في قصة السيد المسيح يحددون الوضع.
الأول هو يهوذا والآخر هو بطرس. نتخيل أن يهوذا بلا مشاعر وبدون ضمير وببرودة أعصاب سلم السيد المسيح. ولكن لماذا انتحر؟ الاناس الذين بدون مشاعر لا ينتحرون. الشاعريون هم الذين ينتحرون، الشاعرية ممكن أن تكون أنانية. هذا الإنسان بدخوله بمنطق التوبة لعن نفسه وقال: ” ماذا فعلت؟ ل 30 من الفضة بعت الذي أكلت خبزا وملحا؟ ولماذا؟ هل ميزني عن الآخرين؟ وأنا ذهبت وسلمته؟”. وخُنق بأنانيته وبالتأنيب، والذنب الذي ولد هذا الفعل، وقيد إلى مأزق دون مخرج وهذا ادي الى كارثة انتحاره.
من الممكن أن بطرس فعل أفعالا أسوأ من أفعال يهوذا. يهوذا كان لديه ضعف وهدوء حاول أن يرضيه لكنه انتهى بمأساة. بطرس حلف أمام فتاة، رجل مسن، بالله لا أعرفه. شيء غير مقبول بالنسبة ليهودي أن يحلف. لنذكر الوصية حيث قال الله” لا تحلف باسم الله باطلا”. والآن أمام فتاه صغيرة – والتي تقول له “وانت من أصدقاؤه، أعرفك من لهجتك فانت جليلي” – يحلف ويلعن ويقول أنع لا يعرفه. بعد هذه الحادثة وجد نفسه في وضع تأنيب ضمير. ولكن تأنيب الضمير لم يدخلون في وضع الذنب الشخصي الذي لا مخرج منه. فهم أنه قان بخطيئة حياته. وعرف أنه إذا بقي أينما هو سوف تنحرف مسيرته، فقرر العودة لأبيه. الأول كان لديه ذنب وطريقه توبة والآخر كانت له توبة صحيحة وعودة. لان التوبة تعني هذا: العودة إلى حضن الآب، من هناك حيث تركت.
إذا لم نفهم هذا، لن نستطيع أن نتقدم في توبتنا. إنه مصيري منذ البداية، عندما تخطئ، يتولد داخلك شعور تأنيب. ويفهم أنك مذنب. وعندما هذا الشعر لم ينبت تأنيب وانما من أنانية في بعض الأحيان. لا يولد شيء ولن يتحول ليصبح توبة. أن افهم أن ما فعلته هو موت وخطأ والذي يضرني أنا ولا يضر الله. من الخطيئة التي تضر نفسي فقط ولا تضر الآخرين، هذا يعني أنها الأخطر.
يتبع…
ترجمة: إياد لدعة.
Μετάνοια και μετάνοιωμα