يُستَهلّ إنجيل اليوم بقول متّى إنّ يسوع فيما كان مجتازًا تبعه أعميان ودخلا البيت معه. هذا درس لنا. هل نفتّش عن يسوع؟ هل نتبعه؟ هل أقمنا علاقة حميميّة معه كتلك التي يقيمها العاشق والمعشوق؟ هذه هي المسيحيّة. ليست المسيحيّة أن نضيء شمعة فقط. هذا رمز وتكريم للأيقونة وللقدّيس. لكن، هذا كلّه تعبير.
الأصل والأعمق هو أن نُقيم علاقة مع السيّد.
أن نقرّ أوّلاً بأنّنا عميان، بأنّنا لا نُبصر، بأنّنا لم ننزل إلى أعماق الإنجيل، لم نأكل الإنجيل. قال الله لحزقيال النبيّ: خذ هذا الكتاب وكُلْه. هل أخذنا كلّ كلمة من هذا الكتاب وابتلعناها لنكون مثلها حتّى يعترف يسوع بنا.
هل أنت مسيحيّ فعليًّا؟ هل أقررتَ بأنّك غير مُبصر؟ وبأنّك تحتاج إلى نُور يضعه يسوع في عينيك حتّى تبصرَ خطاياك أوّلاً؟ من يعترف بخطاياه؟ من يقرّ بأنّه بالحقيقة كذّاب؟ أو بأنّه يحتال أو يرتكب هذا أو ذاك من الأمور؟
لا يستطيع أحد أن يقرّ بخطاياه إن لم يقابل فكره وأفعاله على الإنجيل. عندما يدخل الإنجيل قلبك يترك السيّئات التي كانت في القلب، يكشفها، يفضحها.
هذه قصّتنا مع الإنجيل، إنّ كلّ إنسان منّا يُفضَح وينتصب أمام الله عاريًا، خجلاً، يطلب إليه أن ينقّيه، وأن يجمّله.
الشيء الآخر في إنجيل اليوم أنّ يسوع شفى أخرس وهي حاسّة أخرى. هذا الذي لا ينطق لأنّ شيئًا يحول دون نطقه. يسوع يجعله يتكلّم، أي ينكشف ويتّصل بالآخرين بمحبّة. وبعد هذا يقول الكتاب إنّ السيّد كان يعلّم، يبشّر بالملكوت وكان يشفي كلّ مرض وسقم في الشعب.
الأمر المهمّ أن نلتمس من السيّد أن يشفي أمراضنا الروحيّة. هل تعلمون أنّ أيّ مرض جسديّ أقلّ سوءًا من كذبة يرتكبها إنسان، أو من احتيال، أو من بغض أو من ضغينة؟ المطلوب منّا، بالأقلّ، أن نقتنع بأنّ الخطيئة شرّ ومؤذية للنفس، ومُلطّخة للقلب البشريّ. السيّد لا يسكن هذا القلب، لا يستطيع أن يساكن الخطيئة ولذلك لا بدّ من طردها.
إن أردنا أن تشتعل قلوبنا بالحبّ الإلهيّ علينا أن نتبع يسوع. هو يدعونا إلى أن ننتقل من الديانة السطحيّة إلى ديانة عميقة أي إلى محبّته، ومعرفته والإخلاص له بحيث نتلألأ.
إذا أردنا أن نستضيء بنُور يسوع نحن بحاجة إلى معرفة وإلى بحث وإلى توبة لنرجع إلى السيّد، ونتمكّن من الاتّكاء على صدره، وأن نسمع نبضات قلبه حتّى يبوح لنا بكلمات تخصّ كلّ واحد منّا، ونناجيه كما يناجي الحبيب الحبيب.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: رومية ١٥: ١-٧
يا إخوة، يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل وهن الضعفاء ولا نرضي أنفسنا. فليُرضِ كلّ واحد منّا قريبه للخير لأجل البنيان، فإنّ المسيح لم يرضِ نفسه، ولكن كما كُتِب: تعييرات معيّريك وقعَت عليَّ، لأنّ كلّ ما كُتب من قبل إنّما كُتب لتعليمنا ليكون لنا الرجاء بالصبر وبتعزية الكتب. وليُعطكم إله الصبر والتعزية أن تكونوا متّفقي الآراء في ما بينكم بحسب المسيح يسوع، حتّى إنّكم بنفس واحدة وفم واحد تمجّدون الله أبا ربّنا يسوع المسيح. من أجل هذا فليتّخذ بعضكم بعضًا كما اتّخذكم المسيح لمجد الله.
الإنجيل: متّى ٩: ٢٧-٣٥
في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتاز، تبعه أعميان يصيحان ويقولان: ارحمنا يا ابن داود. فلمّا دخل البيت دنا إليه الأعميان، فقال لهما يسوع: هل تؤمنان بأنّي أقدر على أن أفعل ذلك؟ فقالا له: نعم يا ربّ. حينئذ لمس عينيهما. فانتهرهما يسوع قائلاً: أنظرا، لا يعلم أحد. فلمّا خرجا شهراه في تلك الأرض كلّها. وبعد خروجهما قدّموا إليه أخرس به شيطان. فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس. فتعجّب الجموع قائلين: لم يظهر قطّ مثل هذا في إسرائيل. أمّا الفرّيسيّون فقالوا: إنّه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. وكان يسوع يطوف المدن كلّها والقرى، يعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.