...

كلمة الراعي وحدة العائلة

التفاتة الكل الى الكل، هذه هي الوحدة. ولكن يلتفت الى الآخرين من التفت الله اليه، من عرف نفسه ابنا لله حبيبا. ينشئ الآخر بالرعاية، بدوام اللطف لأنه ذاق لطف الله. ومن خلال رعايته لنا، نعرف الله راعيا. يجب أن تذوق المرأة أن زوجها مُحبّ لأن هذا يُحييها، ولكن الأهم من كل ذلك أن تكتشف أن محبته هذه آتية من إيمانه وان لها استمراره، فتعرف من خلال زوجها وجه الله.

واذا الرجل زادته امرأته أُنسًا، فليس لكي تزداد في الحياة راحته -هذا طيّب- ولكنه يعرف أن ما يتلقّاه انما من الله يتلقّاه، وأن هذا أُنس في الوجود كله، وأن الله يجب ان يكون مشكورا.

يقدر على العطاء من استطاع أن يتّصل برب العطاء. الأشياء المادية التي تجمعنا بالآخرين تذهب وتأتي الخيبات. فالنضارة تفنى والمال يفنى. كل وحدة سطحيّة كنا نقيمها تتلاشى بظهور العيوب والانكماش الذي يعود اليه الانسان من بعد اضطراب. العائلة دائما مهددة بالعواصف تهبّ في كل شخص فيها. أن نتّخذ الآخر في مسؤوليتنا، في فهمه والعودة اليه بلا كبرياء مجروح وبلا نفاد صبر من أدق الأمور لأنها تطلب نضجًا يكاد ان يكون مستحيلا.

ولكن الحيـاة الـزوجيـة هي هـذه أنـك لم تبـقَ وحـدك ولا تتـصرف من أجـل لذّتـك. لا تكـون الأشياء لأنك انت تقـرر ما يحلو لك، ولكنك تُرضي الآخـر، لا بمعنـى أنك تلبّي كـل رغباتـه، فـليـس فـي الأمـر غنـج، وأن تكتفي شـرّه بالسكوت، وأن تُساوم على الحـق فإنك تـريـده في الحق. ولكنـك تُـرضيـه بـدوام الانـتبـاه والتـنبيـه الى ما يـوافقـه. لا تقـره على ما لا يـوافـق الله، فأنت في البـيـت لسـت تاجـرا تتـوافـق حسـب عقـود. انت تعـطي بلا حساب فإنك على الآخر ساهـر. ليس بينكما سوق. ليس بيـنـكما شـروط، ليس بينكما مال، ولا تـذكـُران الحقـوق بل كلّ يذكُر واجبه هذا الذي تكلم الله عنه، ويحبّ واجبه ويؤديه حتى ينشأ الآخر في دلال الله.

كذا الأولاد نحبّهم. ليس فقـط حسب العـاطفـة الطبيـعيـة، ولكن لأنهـم صاروا رعيـة الله. هم أبنـاؤنـا، ولكنهم ليسـوا ملكًا لنـا. نعطيهـم للـرب، لمعرفته، لنموّهم في العمل الصالح. واذا أَحبـّونـا فلكي يحبـّوا الله من خلالنـا، ليكتشفوا من خلال البنوة أن لهم ربّا أبًا واحدا وهو الذي في السمـوات. نحتجـب في الأخيـر لتظـهـر أُبـوّة اللـه.

عنصر الوحدة في العائلة ليست العواطف وهي هشة. الله وحده عنصر الوحدة. فإذا اتّحد كل منا به ونما في تقواه، يستمدّ منه الوحدة ويضعها في العائلة. اتحاد كل انسان بالرب هو وحده سر اتحاده بالآخرين. من صار مع الرب روحا واحدا يكون مع الكل روحا واحدا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

الرسالة: ٢كورنثوس ٣١:١١-٩:١٢

يا إخـوة قد علم الله ابو ربنا يسوع المسيـح المبـارك الـى الأبد أنّي لا أكذب. كان بدمشق الحاكم تحت إمرة الملك الحـارث يحرس مدينـة الدمشقييـن لـيقبض علي. فدُلّيتُ من كـوّة فـي زنبيل من السور ونَجَـوتُ من يديه. انه لا يـوافـقـني أن أفتخر فآتي الى رؤى الـرب وإعلاناته. اني أعرف انسانـا في المسيح منذ اربـع عشـرة سنـة (أفي الجسد لست أعلـم، ام خارج الجسد لست أعلم، الله يعلم) اختُطف الى السماء الثالثة٠ واعرف أن هذا الانسان (أفي الجسد ام خارج الجسد لست أعلم الله يعلم)٠ اختطف الى الفردوس وسمـع كلمات سرية لا يحلّ لإنسان ان يـنطق بها. فمن جهـة هـذا أفتـخـر، واما من جهة نفسي فلا أفتخر الا بأوهاني. فإني لو أردتُ الافـتخار لم أكـن جاهـلا لأني أقـول الحـق، لكـني أتحـاشى لئلا يظـن بي احد فـوق ما يراني عليه او يسمعه مني. ولئلا أستكــبر بفرط الإعـلانات أُعطيتُ شوكة فـي الجسـد، ملاكَ الشيطان لـيلطـمني لئلا أستكبر. ولهذا طلبتُ الى الرب ثلاث مرات ان تفارقـني. فقال لي: تكـفيك نعمتـي، لأن قوّتي في الضعـف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحريّ بأوهاني لتستـقرَّ فـيّ قوة المسيح.

الإنجيل: لوقا ١٩:١٦-٣١

قال الرب: كان إنسان يلبس الأرجوان والبزّ ويتنعّم كل يوم تنعّمًا فاخرًا. وكان مسكينٌ اسمه لعازر مطروحًا عند بابه مصابًا بالقروح. وكان يشتهي أن يشبع من الفتات الذي يسقط من مائدة الغني، بل كانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. ثم مات المسكين فنقلته الملائكة الى حضن إبراهيم، ومات الغني أىضًا فدُفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب فرأى إبراهيم من بعيدٍ ولعازر في حضنه. فنادى قائلًا: با أبت إبراهيم ارحمني وأرسِلْ لعازر ليُغمّس طرف إصبعه في الماء ويبرّد لساني لأنّي معـذّب في هذا اللهـيب. فقال إبراهيـم: تذكـّرْ با ابنـي أنّك نلت خيراتك في حياتك ولعازر كذلك بلاياه، والآن فهو يتعزّى وأنت تتعذّب. وعلاوةً على هذا كلّه فبيننا وبينكم هوّة عظيمة قد أُثبتت حتى إنّ الذين يريدون أن يجتازوا من هنا إليكم لا يستطيعون ولا الذين هناك أن يعبُروا إلينا. فقال: أسألك إذن يا أبتِ أن ترسله الى بيت أبي، فإنّ لـي خمسـة إخـوةٍ حتى يشهـد لهـم لكـي لا يأتـوا هم ايضًا الى موضع العذاب هذا. فقال له إبراهيم: إنّ عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم. قال: لا يا أبت إبراهيم، بل اذا مضى اليهم واحدٌ من الأموات يتوبون. فقال له: إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء، فإنهم ولا إن قام واحدٌ من الأموات يصدّقونه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

وحدة العائلة