هوذا أحد النسبة وفيه تُعرّفنا الكنيسة المقدسة عن نَسَب يسوع بالجسد، ولذلك نقرأ من إنجيل متى هذه اللائحة الكبيرة من الأسماء التي سبقت مجيء المخلّص.
لماذا هذه اللائحة الكبيرة من الأسماء التي سبقت مجيء المخلّص؟ يجيبنا الرسول في الرسالة التي تُقرأ اليوم أن النسل المقصود انما هو نسل المؤمنين. كان القصد من تلاوة قائمة أسماء الأبرار الذين انحدروا من إبراهيم الى ميلاد السيد أن تُبيّن الكنيسة ان المسيح كان في الجسد ذروة البرّ، وأن الله هيأ له من تحتضنه حتى يأتي من عذرية النفس البشرية، ويعلن بذلك أن كل إنسان مدعو الى الكمال والى الجلوس عن يمين الآب.
وفي إنجيل لوقا (٣: ٢٣-٣٨) أن السيد منسوب ليس فقط الى إبراهيم ولكن الى آدم، اي انه يأتي من الكون كله، من كل البشرية التي جاءت من الله في الخلق، ويجعلها فيه ويخلّصها. يحمل برّها ويحمل أمراضها وأوجاعها. لذلك نرى في لائحة الإنجيليّ لوقا أناسًا ليسوا في البرّ الكامل، نرى أناسًا ارتكبوا خطايا كقول النص مثلا بشيء من الخَفَر: “داود الملك وَلَدَ سليمان من التي كانت لأوريّا” اي من التي لم تكن له. يسوع حملَ في ذاته خطايا كل هؤلاء الناس ولكنه يلغيها في دمه، على رجاء القيامة فيه، القيامة التي هي عيد الأعياد ومحور إيماننا.
على رجاء القيامة كان هذا “العيد الصغير” كما سمّاه شعبنا. هذا العيد صورة مصغّرة عمّا سيكون فيما بعد بالفصح: السيد قُمّط هنا بأقماط وكُفّن هناك بكفن، وُلد هنا في مغارة ووُضع هناك في مغارة، كان هنا وحده وكان هناك وحده. انكشف بمولده هذا السر انه لم يكن مدينا لأحد من الناس في جسده. كان هو ابن الله. أتانا من الأزل من قلب الآب. وعندما أطلّ علينا أخذ جسدًا من العذراء “لا من مشيئة لحم ولا من مشيئة رجل” (يوحنا ١: ١٣) ولكن بالروح القدس.
إذا نظرنا الى هذا الميلاد كما سنعيّده بنعمة من عند الله، سوف نجعل حياتنا جديدة كالطفل الإلهي، نيّرة إذ اننا قادرون أن نجيء اليوم من الله بالطهارة والتوبة. هذا يعني أننا نجيء من فكر بتولي كالفكر الذي كانت عليه العذراء، أي اننا لا نجيء من أفكار هذا العالم، ومن قلق هذا العالم، ومن أنانيات هذا العالم، ولكننا نجيء فقط من الله. هكذا تكون نفوسنا عرائس في الله.
المؤمن ليس ابن رجل ولا ابن امرأة بل ابن الله. وهو يستطيع أن يصير ابنًا لله اذا كان لله وحده سلطان عليه، اذا كان غير متأثر بشهوات الناس وأغراض الناس لا بل واضعا نصب عينيه يسوع المولود من أجلنا ومن أجل خطايانا.
كل انسان يحمل حيوانية كثيرة، وستبقى الحيوانية فينا الى ان نموت. ولكن علينا ألا نجعلها متحكمة فينا وان نجعل الروح القدس حاكما على قلوبنا. سنجيء اذ ذاك من يسوع، من محبته للبشر. سنجيء من قوّته، من سلطانه، من تضحياته، من حبّه. سوف نأكل ونشرب ونتناسل وننام. هذه أشياء تخص هذا الجسد، ولكن من جرى إثر المسيح فإنما يكون في داخله مستقلا عن كل هذا. يأكل وهو حرّ من الطعام، يُنشئ عائلة تربط أعضاءها الرعاية والحنان والعطاء ولكنه ليس تابعا لأحد. نحن أتباع الله، أحرار بالله ولا نحاول التسلط على أحد ولا نخاف أحدا. نحن نجيء مع يسوع من قلب الله، ونظهر هكذا فقط بنور المسيح ليضيء نوره بنا حتى يمجّد الناسُ الآب والابن والروح القدس.
فليهبنا ربنا عيدًا طيبًا، حلوًا تكون فيه نفوسنا مجيدة، عطرة، قوية، هادئة، متطلعة الى المسيح، متكلّمة بإنجيله، صادقة بحقه كي نحيا.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: عبرانيين ٩:١١-١٠و ٣٢-٤٠
يا إخوة بالإيمان نزل إبراهيم في أرض الميعاد نزوله في أرض غريبة، وسكن في خيام مع إسحق ويعقوب الوارثين معه للموعد بعينه، لأنه انتظر المدينة ذات الأُسس التي اللهُ صانعُها وبارئُها. وماذا أقول أيـضا؟ إنه يضيـق بي الوقت إن أَخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيـل والأنبياء الذين بالإيمان هزموا الممالك وعملوا البِرّ
ونالوا المواعد وسـدّوا أفواه الأسـود وأطفأوا حدّة النار ونجَوا من حَدّ السيف وتقوّوا من ضعف وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب، وأَخذت نساء أمواتهن بالقيامة، وعُذّب آخرون بتوتير الأعضاء والضرب ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا على قيامة أفضل، وآخرون ذاقوا الهُزء والجَلْد والقيود ايضا والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف وساحوا في جلود غنم ومَعز وهم مُعوَزون مُضايَقون مجهودون (ولم يكن العالم مستحقّا لهم)، وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاء كلهم، مشهودا لهم بالإيمان، لم ينـالوا المواعد، لأن الله سبـق فنظر لنا شيئا أفضل، أن لا يَكمُلوا بدوننا.
الإنجيل: متى ١:١-٢٥
كتاب ميلاد يسوع المسيـح ابن داود ابن إبراهيم. فإبراهيم وَلدَ إسحق وإسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوتـه، ويهوذا ولد فارص وزارح من تامار، وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عميناداب وعمينـاداب ولـد نحشـون ونحشـون ولـد سلمـون وسلمون ولد بوعـز من راحاب وبوعـز ولد عـوبيد من راعوث وعوبيـد ولد يسّى ويسّى ولد داود الملك. وداود الملك ولد سليمان من التي كانت لأُريّا وسليمان ولـد رحبعـام ورحبعـام ولد أَبيـّا وأبيـّا ولد آسـا وآسا ولـد يوشافاط ويوشافاط ولد يورام ويورام ولد عُزّيّا وعزّيا ولد يوتام ويوتام ولـد آحاز وآحاز ولد حزقيّا وحزقيّا ولد منسّى ومنسّى ولد آمون وآمون ولد يوشيّا ويوشيّا ولد يَكُنْيا وإخوته في جلاء بابل. ومن بعد جلاء بابل يَكُنْيـا ولد شألتئيل وشألتئيل ولد زَرُبابل وزَرُبابل ولد أبيهود وأبيهود ولد ألياقيم وألياقيم ولد عازور وعازور ولد صادوق وصادوق ولـد آخيم وآخيم ولد ألِيهود وألِيهود ولـد ألِعازار وألِعـازر ولد متّان ومتّـان ولد يعقـوب ويعـقـوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح. فكل الأجيال من إبراهيم الى داود أربعة عشر جيلا، ومن داود الى جلاء بابل أربعة عشر جيلا، ومن جلاء بابل الى المسيح أربعة عشر جيلا. اما مولد يسوع المـسيح فكان هكذا: لـما خُطبت مريم أُمّه ليوسف، وُجدت من قبْل أن يـجتمعـا حُبلى من الـروح القـدس. وإذ كـان يوسف رجلُها صدّيقا ولم يُرِد ان يُشْهِرها، همّ بتخليتها سـرّا. وفيما هو مفتـكر في ذلك اذا بملاك الرب ظهر له في الحلم قائلا: يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم، فإن المولود فيها إنما هو من الروح القدس. وستـلد ابنا فتسمّيه يســوع، فإنه هو يُخلّص شعبه من خطاياهم (وكان هذا كله ليتمّ ما قيل من الرب بالنبيّ القائل: ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا ويُدعى عمّانوئيل الذي تفسيره اللهُ معنا). فلما نهض يوسف من النوم صنع كما أمره ملاك الرب، فأخذ امرأته ولم يعرفها حتى وَلدت ابنها البِكْر وسَمّاه يسوع.