يدعو الرب يسوع تلاميذه ليُظهروا أعمالهم الصالحة في سبيل الشهادة والبنيان الروحي لبعضنا البعض. السيد ليس مع إخفاء الصالحات، ولكنه طبعا ليس مع التظاهر. الصالح يبدو للعيان، ولكن لا نفتعل ظهوره. هو يظهر من نفسه.
فإذا رأى الآخرون أعمالنا الصالحة ينتقلون من هذه الرؤية الى أن النعمة أتت لنا بهذه الأفعال فلا يمجّدنا الناس ولكن يمجّدون الآب. وإذا افتخروا بعملنا الصالح وحسبوا انه من الله، لا نفتخر به ولكنا نشكر الله.
العمل الصالح يبدو من نفسه. لا يحتاج الى دعاية. المهم إذا شكرنا لأحد المؤمنين عملا خيرا ألاّ نستسلم لمديحه بل أن نرتفع توا الى أبي الصالحات الذي في السماوات ونشكره.
اما المقطع الذي يقول فيه السيد إني ما جئتُ لأَحُلّ الناموس والأنبياء فليس هو تأكيدا لدوام شريعة موسى المحتوية فرائض كحفظ السبت والإمساك عن بعض الأطعمة وما الى ذلك، إنما هي تأكيد على أن ناموس الفرائض هذا اذا زال إنما تبقى الشريعة الأخـلاقـية التي لا تـزول بـزوال مـرحـلة مـن الزمـان ولـكن طبعا تزول الفرائض (السبت، الختان مثلا) فلا يحفظ المسيحيّ وصية الامتناع عن العمل يوم السبت لأننا دخلنا في يوم القيامة، ولا يختن صبيانه لأنهم اتخذوا سر المعمودية.
ليس على المسيحيّ فريضة موروثة من العهد القديم كفريضة الذبائح او السبت او الختان. ليس عليه إلا وصية المحبة التي لا تفرض شكلا.
الايحاء الذي تعطيك المحبة يكشف لك كيف تسلك مع الله وكيف تسلك مع الإخوة. ليس هناك شكل. انت تقوم بالعمل الذي تفرضه عليك كلمة الله والضمير، وأشكال سلوكك تأتيك من هذا الإلهام الداخليّ الموافق لكلمة الله. تبقى في عقلك وقلبك الكلمة وتدلّك على تصرفاتك العملية في هذا الظرف او ذاك وفي يومياتك.
لا تأخذ امرا محددا في العهد القديم. لكن تستمد من المحبة ما يوحي لك ضميرك أن تقوم به. وهذا يتضمّن ألا تُهمل وصية تبدو لك صغيرة من أقوال الله. انت لا تفرّق بين كلمة الله وكلمة اخرى. انت تأخذ كل الكلام الإلهي وتتقبله على ضوء المحبة الإلهية التي نزلت عليك. انت لا تختار بين كلمة تُعجبك كثيرا وكلمة تُعجبك أقلّ. انت لا تحكُم بين كلمات الله. كلّها تُلزمك بكل ما تقول، وتعرف أن لك بكلمات إلهك خلاصا كاملا.
إذا آمنت بربك والتصقت به تؤمن بكل ما قال وتعرف أن لك بذلك بذلك خلاصا، وتعرف أنك تُغني حياتك بكلمات ربك.
تأخذ كل كلمة خرجت من فم الرب لأنه لم يتفوّه بها إلا لخلاصك. انت لا تُضيف كلمات من عندك. في موضوع خلاصك هو يتكلّم. والمشترك بينك وبين المؤمنين هو كلمة الله. كلمات البشر كلها إذا تراكمت لا تصير كلمة الله. فإذا سمعت الناس يتكلمون او يكتبون، عندك أصلا موهبة التمييز التي تجعلك تعرف في ما تسمع من كلمات او تقرأ ما هي كلمات الرب وما ليست كلمات الرب.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان (
الرسالة: تيطس ٨:٣-١٥
يا ولدي تيطـس، صادقة هي الكلمة وإيـاها أريدُ أن تُقـرّر حتى يهتمّ الذين آمنوا بالله في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمال الحسنة والنافعة. أمّا المباحثات الهذيانية والأنسـاب والخصـومات والمماحكات الناموسيـة فاجتنبها، فإنها غير نافـعـة وباطلة. ورجُل البدعـة بعد الإنـذار مرة وأُخرى أَعرض عنـه، عالما أن مَن هو كذلك قد اعتسف وهو في الخطيئـة يقضي بنفسه على نفسـه. ومتى أرسـلتُ اليك أرتيماس او تيخيكـوس فبادر أن تأتيَني الى نيكوبـولِس لأني قد عزمتُ أن أُشتّي هناك. أما زيناس معـلّم الناموس وأبلّوس فاجتهدْ فـي تشييعـهما متـأهبَيْـن لئـلا يُعـوزهـمـا شـيء. وليتعلّم ذوونا أن يقوموا بـالأعمال الصالحة للحاجات الضرورية حتى لا يكونوا غير مثمرين. يُسلّم عليك جميعُ الذين معي. سـلّم على الذين يـحبّوننـا فـي الإيـمان. النـعمة معكم أجمعين، آمين.
الإنجيل: متى ١٤:٥-١٩
قال الرب لتلاميذه: انتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة واقعة على جبل، ولا يوقَد سراج ويوضع تحت المكيال لكن على المنارة ليضيء لجميع الذين فـي البيت. هكذا فليضئ نـوركم قدّام النـاس ليـروا أعمالكم الصالحة ويُمـجـّدوا أباكم الـذي في السموات. لا تظنّوا أني أتيت لأحلّ الناموس والأنبياء. اني لم آتِ لأحُلّ لكن لأتمم. الحق أقول لكم انه الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يتم الكل. فكل مـن يحلّ واحدة من هذه الوصايا الصغار ويُعلّم الناس هكذا فإنه يُدعى صغيرا في ملكوت السموات. اما الذي يعمل ويُعـلّـم فهذا يُدعى عظيما في ملكوت السموات.