أحد النسبة، أي الأحد الذي ينسب إنجيلُه السيّدَ المسيح إلى إبراهيم وإلى أولاد إبراهيم، ليقول إنّ القداسة الظاهرة في شعب الله، إنّما هيّأت لظهور ربّنا الكامل في جسد إنسان وجسد ابن الإنسان. الاجتماعات الروحيّة التي كشفها العهد القديم إنّما كانت ومضات لم تجتمع إلاّ في شخص يسوع، وتناثرت منه إلى من نسمّيهم قدّيسين وإلى المؤمنين، لأنّ كلّ قطرة برّ في الدنيا وفي تاريخ الدنيا إنّما جاءت من البارّ وحده، أعني يسوع الربّ.
كان هو النُّور قبل أن قال أبوه فليكن نُور وبقي هو وحده مجمع النُّور. ونلتقط نوره في العهد القديم بدءًا من إبراهيم، ونجمع في عقولنا وتأمّلاتنا كلّ أنوار الحياة الروحيّة فيه، أكان هذا في أمّة العهد القديم أم في أمم العالم جميعًا، الذين ظهرت أنوارهم قبله أو ظهرت بعده لأنّه هو ينبوعها.
نعرف أنّ يسوع كلّ شيء، وأنّ ما بدا هنا وهناك أتى معه وحده. لذلك وإن استضأنا بهذا أو ذاك من القدّيسين لا نزيد على الربّ يسوع نورًا آخر.
فإذا ما أقمنا اليوم عيد ميلاده إنّما لنعترف بأنّه الظهور الأوّل للنُّور في العالم. هكذا يكون لكم عيدًا إذا شعرتم أنّكم بإيمانكم به تعودون إلى النُّور الذي فقدتموه بالخطيئة. وإذا أقمتم العيد حقيقة لا تقليدًا فقط تكونون أشعتم حقيقة الله في الناس ويكون السيّد قد طلع من عيده الواحد إلى البشر جميعًَا بالمحبّة.
من هنا، هذا العيد فصح صغير أي عيد توبة، يوم انسلاخنا عن ظلمات سلوكنا للسير إلى وجه المخلّص. ليس في الكنيسة إلاّ الفصح على أن نعيشه حقيقة أي انقلابًا صادقًا عن الخطيئة إلى البرّ الذي سطع في السيّد. كان يبدو في إبراهيم وأولاد إبراهيم إلى أن تجلّى في جسد الربّ يسوع هنا على الأرض.
فلنجاهد لنقتبس طرفًا منه في العيد، على أن نزداد نورًا بالتوبة كلّ يوم فيأتي كلّ يوم ميلادًا جديدًا. ليكن المسيحيّون أضواء تتقابل ولكنّها تتجمّع مظهرة نُور السيّد الواحد. هذا سنجده في الصلاة في كلّ صلاة في كلّ يوم وعلى الأخصّ في القدّاس الإلهيّ. القدّاس الإلهيّ طرد للظلام من نفوسنا وأفكارنا، واستمرار تجنّد في سبيل المسيح. حتّى إنّ من مات ألا يرى أمامه إلاّ نورًا مسكوبًا عليه من كلّ جانب يأخذه إلى نُور الآب والاب والروح القدس.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: عبرانيّين ١١: ٩-١٠ و٣٢-٤٠
يا إخوة بالإيمان نزل إبراهيم في أرض الميعاد نزوله في أرض غريبة، وسكن في خيام مع إسحق ويعقوب الوارثين معه للموعد بعينه، لأنّه انتظر المدينة ذات الأسس التي الله صانعها وبارئها. وماذا أقول أيضًا؟ إنّه يضيق بي الوقت إن أخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان هزموا الممالك وعملوا البرّ، ونالوا المواعد وسدّوا أفواه الأسود وأطفأوا حدّة النار، ونجوا من حدّ السيف وتقوّوا من ضعف، وصاروا أشدّاء في الحرب وكسروا معسكرات الأجانب، وأخذت نساء أمواتهنّ بالقيامة، وعُذّب آخرون بتوتير الأعضاء والضرب ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا
على قيامة فضلى، وآخرون ذاقوا الهزء والجلد والقيود أيضًا والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف، وساحوا في جلود غنم ومَعز وهم مُعوَزون مُضايَقون مجهودون (ولم يكن العالم مستحقًّا لهم)، وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا المواعد، لأنّ الله سبق فنظر لنا شيئا أفضل أن لا يَكمُلوا بدوننا.
الإنجيل: متّى ١: ١-٢٥
كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم. فإبراهيم ولد إسحق وإسحق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته، ويهوذا ولد فارص وزارح من تامار، وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عميناداب وعميناداب ولد نحشون ونحشون ولد سلمون، وسلمون ولد بوعز من راحاب وبوعز ولد عوبيد من راعوث، وعوبيد ولد يسّى ويسّى ولد داود الملك. وداود الملك ولد سليمان من التي كانت لأوريّا وسليمان ولد رحبعام ورحبعام ولد أبيّا وأبيّا ولد آسا، وآسا ولد يوشافاط ويوشافاط ولد يورام ويورام ولد عُزّيّا، وعُزّيا ولد يوتام ويوتام ولد آحاز وآحاز ولد حزقيّا وحزقيّا ولد منسّى، ومنسّى ولد آمون وآمون ولد يوشيّا ويوشيّا ولد يَكُنْيا وإخوته في جلاء بابل. ومن بعد جلاء بابل يَكُنْيا ولد شألتئيل وشألتئيل ولد زَرُبابل وزَرُبابل ولد أبيهود، وأبيهود ولد ألياقيم وألياقيم ولد عازور وعازور ولد صادوق، وصادوق ولد آخيم وآخيم ولد ألِيهود وألِيهود ولد ألِعازار، وألِعازر ولد متّان ومتّان ولد يعقوب ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح. فكلّ الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً، ومن داود إلى جلاء بابل أربعة عشر جيلاً، ومن جلاء بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً. أمّا مولد يسوع المسيح فكان هكذا: لمّا خُطبت مريم أمّه ليوسف، وُجدت من قبل أن يجتمعا حُبلى من الروح القدس. وإذ كان يوسف رجلها صدّيقًا ولم يُرِد ان يُشْهِرها، همّ بتخليتها سرًّا. وفيما هو مفتكر في ذلك إذا بملاك الربّ ظهر له في الحُلم قائلاً: يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم، فإنّ المولود فيها إنّما هو من الروح القدس. وستلد ابنا فتسمّيه يسوع، فإنّه هو يخلّص شعبه من خطاياهم (وكان هذا كلّه ليتمّ ما قيل من الربّ بالنبيّ القائل: ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا ويُدعى عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا). فلمّا نهض يوسف من النوم، صنع كما أمره ملاك الربّ، فأخذ امرأته ولم يعرفها حتّى وَلدت ابنها البكر وسمّاه يسوع.