لا يجوز أن يفتخر القويّ على الضعيف، فكل قوة روحية عندنا هي من الله. ولا نعرف سر انحرام الضعيف من القوة. لا يحق للضعيف أن يكتفي بضعفه ويعزّي نفسه بقوله انا هكذا. عليه أن يسعى الى ما هو أحسن لأن موهبة الله لا تنزل علينا آليّا إنما تعمل فينا بمؤازرتنا.
في أية حال كنا عليها، نسعى لأن الترقّي ممكن في كل حال. ليس هناك ذروة نبلغها. هناك دائمًا ذروة أعلى حسب قول الرب “كونوا كاملين”. وان لم تكن هناك حالة كمال قصوى، فنحن مدعوّون إلى أن نتخطّى كل وضع نكون فيه إذ هناك دائمًا الأفضل. لم يضع الرب حدًّا للكمال في السعي، في دوام السعي إذ المُبتغى أن نبلغ الله الذي فوق كل سعي.
كلمة الرجاء التي يذكُرها الرسول في هذه الرسالة تعني أن هناك دومًا مستوى أعلى من الذي وصلنا اليه علينا دائمًا أن نطلبه لنتفوّق على الحال التي نحن عليها، اذ لا يجوز ان نتجمّد في الموضع الروحي الذي وصلنا إليه. الوضع الذي يطلبـه الـرب إلينا هو ليس فقط وضعا الى الأمام، الى المستقبل. انه قبل كل شيء، الوضع الذي يريدنا الله أن نسعى اليه.
وليس المعنى أن الأفضل وضع المستقبل ولكن المعنى أنـه الحالـة هي التي يـريـدنـا الرب أن نكـون عليها. وهذا يتطلّب كما تـوحي الـرسالـة “رجـاء وصبـرا”. والرجاء أن نعمل مع الرب، والصبـر أن نستـمـرّ على العمل معـه. فكـرة العهـد الجـديـد أننا شركاء الله في عمله فنُثمر النعمة التي يعطينـا. نحن لا نتلقّى النعمة وننتـظـر أن تثمـر من ذاتها اذ انها تثمر بقبولنا إياها اي بسكب ما فينا من قوى لنلبّي إيحاء الرب لنا فنكـون وإيـاه واحدًا في العمل. نحن بطاعتنا نقـدّم له مواهبنا، وهو يُثمرها، فيكون كل منا، اذ ذاك، شريكًا له. الله لا يغتصبنـا. ينتظـر تلبيتنـا نـداءه وأن نعمـل معـه. لا يعطّـل الله عقلنا ولا يجعل عقله مكان عقلنا. وإذا قلنا ان الرب يُلهمنا، نريد أنه يعمل من خلال إرادتنا.
نحن في الطبيعة شركـاء اللـه. نصبح هكذا بنعمتـه، اي نصبـح بها أقـوى مما كنا وأنجع. الله لا يلغينا. هو يمدّ بنعمته بشـرًا موجـودين. هو يريدنـا معـه. من المسيحية الإيمان بأننا شركاء الله. لقد تنـازل الله الينا في سر تجسّد ابنه ورفعنا حتى نُتمم خلاصنا معـه وبه. هو يخلّص ناسًا موجـودين ويريدهم أن يحفظـوا ذواتهم لا أن يلغـوا ذواتهم، ولكن لا ذات لهم خارجـا عن عطائـه. لا يريد الرب أن يعمل هو كل حياتنـا. يريد هذه آتية من حياته، ولكن يريد لنا وجـودًا ذاتيا وأن نتخذ بعضُنا بعضا. ليس أحـد مع الآخـر إن لم يكن مع الله. أنت لا تكون مع أخيـك ما لم تكـن اولاً مع ربك. معيّتك معه هي التي تجعل لك معيّة مع أخيك، وهو إذ ذاك يراك واحدًا معه.
إن تقوّيت انت به ُ. وحدك لست بشيء. معه تصبح ذاتك حقًّا. لا يمكنك أن تُكمل نفسك وحدك. إن لم تُرِدْه شريكًا لك لا تصل الى شيء. به انت قويّ.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
الرسالة: رومية ١:١٥-٧
يا إخوة، يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل وَهْنَ الضعفاء ولا نرضي أنفسنا. فليُرضِ كلّ واحد منا قريبه للخير لأجل البنيان، فإن المسيح لم يُرضِ نفسه، ولكن كما كُتِب: تعييرات مُعيّريك وقعَت عليَّ، لأن كل ما كُتب من قبل انّما كُتب لتعليمنا ليكون لنا الرجاء بالصبر وبتعزية الكتب. وليُعطكم إلهُ الصبر والتعزية أن تكونوا متّفقي الآراء فيما بينكم بحسب المسيح يسوع، حتى انكم بنفس واحدة وفم واحد تمجّدون الله أبا ربّنا يسوع المسيح. من اجل هذا فليتّخذ بعضُكم بعضًا كما اتّخذكم المسيح لمجد الله.
الإنجيل: متى ٢٧:٩-٣٥
في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتاز، تبعه أعميان يصيحان ويقولان: ارحمنا يا ابن داود. فلمّا دخل البيت دنا اليه الأعميان، فقال لهما يسوع: هل تؤمنان أني أقدر أن أفعل ذلك؟ فقالا له: نعم يا رب. حينئذ لمس أعينهما. فانتهرهما يسوع قائلا: انظرا، لا يعلم أحد. فلمّا خرجا شهراه في تلك الأرض كلّها. وبعد خروجهما قدّموا اليه أخرس به شيطان. فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس. فتعجّب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في اسرائيل. اما الفريسيون فقالوا: انه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. وكان يسوع يطوف المدن كلّها والقرى، يعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كلّ مرض وكلّ ضعف في الشعب.