...

كلمة الراعي الأطفال الشهداء

تعيّد الكنيسة المقدسة اليوم للأربعة عشر ألف ولد الذين قتلهم هيرودوس حسبما جاء في الإنجيل عن الحديث الذي جرى بين الملك والمجوس: لما عرف هيرودوس من المجوس العلماء أن “الملك” يولد في اليهودية في جنوب فلسطين، اضطرب لأنه اعتقد أن هناك منافسًا له في الحُكم. الأسرة التي كان ينتمي اليها هيرودوس لم تكن في الأصل أُسرة يهودية وليس لها حُكم شرعي. لذلك كان من الطبيعي ان ينتظر منافسًا له. وتصوّر هو ان المجوس لهم مهمة روحية لأنهم اهتدوا بواسطة النجم الذي ظهر في يوم ميلاد المخلّص.

بالتالي أَرسل هيرودس العسكر ليقتلوا أطفال مدينة بيت لحم وجوارها من أولاد سنتين فما دون حتى يُقتل يسوع من بينهم. لذلك اعتبرت الكنيسة ان هؤلاء الأطفال هم شهداء ليسوع إذ انهم قدّموا حياتهم من أجله.

ومنذ بضع سنوات أخذنا نحتفل بأولادنا في الكنيسة حتى يعيّدوا في ٢٩ كانون الاول لشفعائهم الأبطال الذين من بيت لحم، وحتى يقولوا هم أيضًا بدورهم انهم يريدون أن يكونوا ليسوع.

عندنا أشياء مهمة في الإيمان المسيحي تتعلق بالأطفال: أولا أن الإله نفسه صار طفلا من أجلنا. كان يمكن للإله أن يأتي عن طريق أعجوبة، او أن يحلّ في جسد إنسان بالغ، لكنه أراد أن يحلّ في حشا امرأة وأن ينمو منها هكذا طورًا بعد طور حتى يقدّس جميع الأجيال، حتى يُبارك الانسان في كل طور من أطوار عمره. إذًا عندنا قدسية للطفولة. نحن نُقدّس الطفولة كما نُقدّس كل سنّ في الإنسان لأن المسيح مرّ بهذه السنّ. من هنا العناية الفائقة بأطفالنا حسب قول السيد: “دَعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات” (إنجيل لوقا ١٨: ١٦).

هذا معناه كبير لأن الإنسان يقترب بقلبه الى الله وليس فقط بعقله، والطفل له قلب وله إحساس، ويستطيع الطفل أن يحب يسوع، من أجل ذلك نحن نعمّد الأطفال. نحن نعتبر أن الطفل يستطيع ان يتّحد بالرب قبل أن يفهم أصول الإيمان. الاتحاد بالرب يأتي من الرب لا من الإنسان. الله هو الذي يحتضن الطفل، ولأن الله يحتضن الطفل نعمّد الطفل. المعمودية هي عهد بين الله والانسان، وهذا العهد تم على الصليب بدم يسوع.

في الماضي عند اليهود كانت تجري عملية جراحية لصبيانهم. وبدم الطفل الذي له ثمانية أيام من العمر، كان الولد العبراني يدخل بميثاق مع الرب كما دخل ابراهيم. نحن في العهد الجديد أبطلنا الختانة، أبطلنا كل الطقوس اليهودية القديمة. العهد بين الله والانسان صار بدم يسوع، لا حاجة لنا الى دم انسان. تقدّم الله من البشرية واحتنضها. هذا هو العهد. هذا العهد بدم يسوع نجدّده لكل انسان عن طريق المعمودية: يموت الطفل مع يسوع عندما نُغرقه في الماء، ويعيش مع يسوع عندما نرفعه من الماء، وهكذا يتمثل بالسيد.

ثم اننا نأتي بأطفالنا الى جرن المعمودية لكي نشهد أمام الكنيسة اننا نريد تنشئتهم في الإيمان المسيحي، لنشهد بهذا أننا نريد تعليمهم والكنيسة هي مكان التعليم. ولكن الشيء الأساسي في تدريبنا لأطفالنا هي القدوة، المثل الصالح في البيت. اذا كان الأهل يمارسون الصلاة، يتعلم أولادهم ان يصلّوا. اذًا هناك عناية ورعاية ومحبة واحتضان وانتباه وسهَر على الأولاد.

الأطفال جعلهم هيرودوس شهودًا للمسيح. نحن بالرضا وبالمحبة نريد ان يكون أطفالنا شاهدين لمحبة المسيح لهم ومنتعشين بيسوع ومفتخرين بمسيحيّتهم. الجماعة المسيحية شجاعة، محبة بعد أن أَحبها يسوع.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

 

الرسالة: غلاطية: ١١:١-١٩

يا إخوة أُعْلمكم ان الإنجيل الـذي بشرتُ به ليس بحسب الإنسان، لأني لـم أتسلمه وأتعـلّمه من إنسان بـل بإعـلان يسـوع المـسيـح. فإنكـم قد سمعـتـم بسيرتي قديما في ملّة اليهود أني كنت اضطهد كنيسـة الله بإفـراط وأدمرها، وأزيد تـقـدمـا في

مـلـّة اليهـود على كثيرين من أترابي في جنسـي بكوني أوفـر منـهم غيرة على تقـليدات آبائي. فلـمّا ارتضى الله الذي أفرزني من جوف امّي ودعاني بنعمته ان يعلن ابنه فيّ لأبشّـر بين الأمم، لساعتي لم أصغِ إلى لحم ودم ولا صعدتُ إلى اورشليم إلى الرسل الذين قبلي بل انطـلقـت إلى ديار العـرب وبعد ذلـك رجعـت إلى دمشـق. ثم بعـد ثلاث سنـين صعدت إلى اورشليم لأزور بطـرس فأقمت عنده خمسة عشر يوما. ولـم أرَ غيره من الـرسل سـوى يعـقـوب أخي الـرب.

 

الإنجيل: متى: ١٣:٢-٢٣

لما انصرف الـمجوس اذا بملاك الـرب ظهر ليوسف في الحلـم قائلا: قم فخـذ الصبي وأمه واهـرب إلى مصر وكن هنـاك حتى اقـول لـك فان هيرودس مزمع ان يطـلب الصبي ليهلكـه. فقام وأخذ الصبي وامـه ليلا وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس ليتم الـمـقول من الرب بالنبي القائـل: من مصر دعوتُ ابني. حينئذ لـما رأى هيـرودس ان الـمجـوس سخـروا بـه غضب جدا وأرسل فقتـل كل صبيان بيت لحم وجميع تخومها من ابن سنتين فما دون على حسب الزمان الذي تحققـه من الـمجوس. حينئذ تـمّ ما قالـه ارمياء النبي القائـل: صوت سُمع في الرامـة، نَوح وبكاء وعويل كثير، راحيـل تبكي على أولادها وقد أبت ان تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين. فلما مات هيرودس اذا بملاك الـرب ظهر ليوسف في الحلـم في مصر قائلا: قـم فخـذ الصبي وأمه واذهب إلى ارض اسرائيـل فقـد مـات طالبو نفس الصبي. فقام واخذ الصبي وأمه وجاء إلى أرض اسرائيل. ولـما سع ان ارشيـلاوس قد ملـك على اليهـوديـة مكان هيرودس ابيـه خاف ان يذهـب إلى هنـاك وأوحي اليـه في الحلم فانصرف إلى نواحي الجليـل وأتى وسكـن في مدينـة تدعى ناصرة ليتـم الـمـقول بالأنبياء انـه يدعى ناصريا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

الأطفال الشهداء