يقول بولس الرسول الى تلميذه تيموثاوس: “اعكُفْ على القراءة والوعظ” (١ تيموثاوس ٤: ٣). يحث الرسول تلميذه على قراءة شخصية للكتاب ولا يرتضي فقط أن يستمع الى ما يُتلى في الكنائس.
فالكتاب المقدس جاء عنده لنطالعه شخصيا ونستدخله كياننا بالفهم والحب. لا يكفي تاليًا أن نستمع الى كلمة الله في الكنائس. يريد أن يقرأها كل واحد لنفسه وأن يسعى الى تفهّمها بما تيسّر له أن يسمع في الكنيسة.
ويقول بولس هذا لتلميذه المدعوّ الى أن يُعلّم. انت قادر أن تُعلّم دائمًا لأنك تقرأ على الدوام اذ بالقراءة تُجدّد فهمك وتُعمّقه. ولا يرتضي بولس أن تقرأ قليلا او من وقت الى آخر ما شئت وما حلا لك اذ يقول: “اعكف على القراءة” ثم يقول “اعكف على الوعظ” فإنك قادر عليه فقط إن قرأت. فالواعظ الذي لا يقرأ يتذكر ما قاله سابقًا ويُردّده. اما إذا قرأ دائمًا، فيُصبح الكتاب الإلهي عنده ينبوع فكر وينبوع حياة. فالكتاب الإلهي ليس فقط كلمات نُكرّرها ونجترّ معانيها. المعاني تفيض دائمًا أي تأتيك من مصدرين: من النص الإلهي بمعناه اللغوي الظاهر، وبالمعنى الذي يُلهمك إياه الروح القدس. النص حيّ لأن الكلمات حيّة بالروح القدس الذي فيها.
“اقرأ”، ولم يقل “اكتف بما قرأت” لأن الروح الإلهي يُلهمك دائمًا إذا أَطعته، وإذا قرأت تتقدّس ويزداد فهمُك. الكلمات الإلهية ليست جامدة فإنها كلمات الروح، وتصبح لذلك مجدّدة نفسك. هناك قلة من الناس استظهرت كتاب الله. هذا لا يكفي لأن الكلمة جديدة بإلهام الروح، وهي تجددك إن أنت قبلتها. كلمة الله ليست رصفًا من الكلام. انها ينبوع. لذلك تجدُ دائمًا، إن أنت تتقدّس، الجديد في كلمة الله. دائما تكتشف معنى جديدا لما كنت تظنّ نفسك عارفه. النص الإلهي يحتوي حياة أبدية اذ به تعرف المسيح الذي يقول بولس انه حياتنا. الكتاب حياة مخزونة في الكلمات المقروءة. فكلما قرأتها يفيض منها ينبوع تحيا انت به، واذا حييت تُجدّد الآخرين.
اقرأ لأن ربك يقول لك دائما أشياء جديدة. تطلع كل كلمة او آية بمعان ماٍ كانت مكشوفة لك في الماضي. ما كتبه عظماء الكتّاب والشعراء لا يكون لك جديدا. ما قاله الله جديد لأن الله جديد ويريد أن يجدّدك بكلامه. لذلك كثيرا ما أتتك الكلمات نفسها بحياة ما كنت تحسب لها حسابًا. فلا تضجر من قراءة مجدّدة لنصوص تظنّ أنك تعرفها لأن الكتاب المقدس ليس كتابا جامدًا. يحرّكه الله لك كلما رأى أن نفسك تطلبه. هذا يعني انك لن تفهم شيئًا مما تقرأ ما لم تكن تائبًا اي راغبًا في محبة الله وطاعتك.
اقرأ ولا تملّ ظانًّا أنك حفظت، فالكلمات إن استعدتَها تتجدّد فيك حيويتها.
اقرأ كل يوم لأنك تجوع الى الله كل يوم، ولا تتّكل على قراءتك الماضية فكثيرا ما تلحظ ان قراءة جديدة تأتيك بحياة جديدة.
المهم أن تُعاشر الرب. وكتابه مَحَلّ لعشرته. انت طالب الله اي طالب لكلمته وليس فقط لمشاعر فيك. انت تزداد محبتك للرب إن عرفت كلماته لأن الله في كلماته.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: رومية ٦: ١٨-٢٣
يـا إخوة، بعد أن أُعتقتم من الخطيئة أصبحتم عبيدًا للبرّ. أقول كلامًا بشريًا من أجل ضعف أجسادكم. فإنـكم كما جـعلتم أعضاءكم عبيدًا للنجاسة والإثـم للإثـم، كذلـك الآن اجعلوا أعضاءكم عبيدًا للبرّ للقـداسة. لأنكم حيـن كنـتم عبيـدًا للخطيـئـة كنـتـم أحـرارًا من البرّ. فأيّ ثـمر حـصل لكم مـن الأمور التي تـستحيـون مـنها الآن؟ فـإنـما عاقبتُها الموت. واما الآن فإذ قـد أُعـتـقتم من الخطيئة واستُعبدتم لله فـإن لكم ثمـركم لـلقداسة، والعاقبـة هي الحيـاة الأبدية، لأن أُجـرة الخطيئـة مـوت، ومـوهبة الله حياة أبدية في المسيح يسوع ربنا.
الانجيل: متى ٨: ٥-١٣
في ذلـك الزمان، دخـل يـسوع كفرنـاحوم فدنا اليه قائـد مـئـة وطلب اليه قائلا: يا رب إن فتايَ مُلقى في البيت مخلّعا يـُعذّب بـعذاب شديـد. فقال له يسوع: أنا آتـي وأشــفـيـه. فـأجـاب قـائـد المئـة قـائـلا: يـا رب لسـتُ مستحقا أن تدخلَ تحت سقفي، ولكن قُلْ كلمة لا غير فيبرأ فتاي. فإني أنا إنسان تحت سلطان ولي جند تحت يدي، أقول لهذا اذهب فيذهب، وللآخر ائت فيأتي، ولعبدي اعملْ هذا فيعمل. فلمّا سمع يسوع تعجّب وقال للذين يتبعونـه: الحق اقـول لكم إني لم أجد ايمانـا بمقـدار هذا ولا في إسرائيل. أقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغـارب ويتّكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقـوبَ في ملكـوت السماوات، واما بنـو الملكـوت فيُلـقون في الظلمة البرّانية. هناك يكون البكاء وصريف الأسنان. ثم قال لقائد المئة: اذهب وليكن لك كما آمنت. فشُفي فتاه في تلك الساعة.