يحدثنا إنجيل اليوم عن عجيبة للسيد تُظهر مرة أخرى ان السبب الرئيسي في صنع يسوع للمعجزات هو انه كان يحب الناس: تحنن على رئيس المجمع فأقام له ابنته. ليست المعجزات في كتاب الله شيئًا ليبرهن عن شيء، وما اجترحها السيد لكي يعطي دليلا على ألوهيته لأنه هو القائل: “آمنوا بي بسبب الكلام الذي أكلمكم به”.
وان أضعف الإيمان ان نتبعه بسبب العجائب. ولكن أقوى الإيمان أن نتبعه بسبب الكلام، بسبب هذا العطاء الإلهي بكلمات لم ينطق بها انسان، وبسبب الحياة التي قضاها بيننا حبًّا حتى الموت. ولذلك تُسمّى العجائب في إنجيل يوحنا آيات لأن الإنجيلي يشير بها الى تعليم، يدلّ بها على مقاصد الإنجيل ولا يدل بها على جبروت.
المسيح ما كشف جبـروت الله كما كان اليهـود يفـعـلـون. انـه بيـّن قـوة اللـه بطريقـتـه هو وكانت قـوة اللـه الصليب. اي انه كشف ضعفًا يُستدل منه من بعد القيـامـة على انه كـان بالفعـل قـوة. فالله ينـزل الى البشـر ويحيـا معهم. هذه هي قوته. انه يستطيع ان يتخلّى عن مجـده ليكـون مخـفـيـا بيـن النـاس.
المسيـح تنـازل عن مجده وقوته وعف عن كل هذا ليموت. الموت شيء ضعيف. ثم تسطع قوته من هذا الشيء الضعيف لينتصر بالمجد.
في هذا الإطـار أقام الصبية من بين الأمـوات ودفعـهـا لأبـويهـا. ومـن وراء هـذه الحـادثـة ينظـر كل منـا الى ضعـفـه والى موته الـروحـي، الى سقـوطـه وتـدهـوره واهتـرائـه، وينظـر بـآن معـًا الى بهـاء المسيـح، لأن كلا منـا ميت والمسيح يقول لكل منا باسمـه: يا فـلان قـم.
وما ينبغي أن يؤمن به كل فرد منا هو ان المسيح، مع انه مخلّص العالم، وبالتالي منقذ كل الناس، فهو مخلّص كل فرد منا. المسيح مخلصي انا، بمعنى انه يبعث حياته في موتي وقوته في ضعفي. فان أدركت هذا أكون قد أدركت معنى إيماني.
هذه هي المسيحية: أن أدرك ضعفي وخطيئتي وأن أقبـل الى السيـد فأكشـف ضعـفي أمـامـه. إذ ذا أسمعـه يقـول لـي: يا بني قـم. تكفيـك نعـمـتـي لأن قـوتـي في الضعـف تكمل (رسالـة بـولس الثـانيـة الى أهـل كـورنثـوس ١٢: ٩). فأقوم بالمسيح من موت الى حياة ومن ضعف الى قوة.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 43، الاحد ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٣
ضعف الله