“لمّا حان ملءُ الزمان”. هذه المقولة نفهمها بما قبلها وهو حديث عن الوارث الذي هو تحت أوصياء ووُكلاء. ولكن عند بلوغه الرشد ينتهي حُكم الأوصياء. ولكن بعد انتهاء زمن الوصاية جاء ملء الزمان. إذ ذاك أَرسَلَ اللهُ ابنه مولودًا من امرأةٍ، وبتنا مباشرة تحت أمر هذا الابن او تحت حُكمه، وبطلَ إذ ذاك حُكم الناموس الموسويّ وفرائضه.
أكّد بولس أننا صرنا أبناء. لذلك “أَرسل اللهُ روحَ ابنه الى قلوبكم صارخًا أَبّ Avva.” هنا بولس كتب بالحرف اليوناني العبارة الآرامية ثم فسّرها بكلمة الآب. “فلستَ بعدُ عبدًا بل أنت ابنٌ” بمعنى أن نظام الوصاية قد زال وصرتَ مثل الابن الوحيد حبيب الآب ولك المحبة التي للابن من الآب وهذا ما يفسّر أنك مُتَبنّى.
“فأنتَ وارثٌ لله” الذي لم يعُد يُعاملك كواحد من العهد القديم موضوع تحت وصاية. علاقتك مباشرة مع الله “بيسوع المسيح”. بنوّة هذا الأخير للآب جعلتك ابنًا. هذا الفصل من الرسالة الى أهل غلاطية اتخذناه لنفهم معنى الميلاد. في الكنيسة الأُولى كان هذا اليوم يُعَيَّد مع الظهور الإلهي (الغطاس)، ومعنى التذكارين ظهور الله بطريقة الميلاد وطريقة العماد.
ثم فصَلْنا التذكارين وأَبقينا ذكرى معمودية السيّد للسادس من كانون الثاني. لكن عندما نقرأ هذا المقطع من الرسالة الى أهل غلاطية، أخذنا نفهم ما لم يكن واضحًا في العيد المُشتَرك أي أننا صرنا أبناء ببنوّة يسوع المسيح.
وبُنوّتنا لله صارت تحمل معنى الدالّة للأولاد على أبيهم. يخاطب الطفل أباه وأمه بروح القُربى.
صحيح أن هذا العيد سمّاه آباؤنا “العيد الصغير”، وسمّوا الفصح “العيد الكبير” لكونه عيد الخلاص. ولكن التجسد الإلهي يُدشّن الخلاص. كذلك يظهر الخلاص في كل الأعياد السيدية والعجائب كما تعاليم يسوع تُظهر سرّ الخلاص.
المؤسف أن الميلاد التبس بعادات وثنية مِن أَكْل وشُرب قبل القداس او عشية القداس، ويكاد يتحوّل الى موسم دنيويّ، وآن الأوان لنعيشه كموسم كنسيّ مليء بالمعاني الإلهية نتجدّد فيه كل سنة.
هل نستقبل المسيحَ كما استقبلَتْه مريم والمذود والمغارة؟ هل تنفتح له القلوبُ الفقيرة اليه ونتلمّس دفء محبته؟ هل نقيم العيد في كنائسنا وليس فقط في بيوتنا؟
العيد ليس الزينة. انه مشاركة الفقراء حتى يعرفوا أن الله يحبّهم بواسطة إخوتهم الأكثر يُسرًا. المسيح كان فقيرًا يوم ولادته وبقي فقيرًا. إكرامًا له ومحبة سوف نفتقد المحتاجين لكي نسترضيه ونقترب من قلبه.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
الرسالة: غلاطية 4: 4-8
يا إخوة، لمّا حان ملءُ الزمان أَرسلَ اللهُ ابنَه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس ليفتديَ الذين تحت الناموس لننال التبنّي. وبما أنكم أبناء أرسلَ اللهُ روحَ ابنه الى قلوبكم صارخًا: يا أبّا، الآب. فلستَ بعدُ عبدًا بل أنتَ ابنٌ، وإذا كنتَ ابنًا فأنت وارثٌ لله بيسوع المسيح.
الإنجيل: متّى 2: 1-12
لمّا وُلدَ يسوع في بيتَ لحمَ اليهودية في أيام هيرودسَ الملك إذا مجوسٌ قد أقبلوا من المشرق الى أورشليم قائلين: أين المولود ملك اليهود؟ فإنّا رأينا نجمَه في المشرق فوافَينا لنسجد له. فلمّا سمعَ هيرودسُ الملك اضطرب هو وكل أُورشليم معه وجمع كلّ رؤساء الكهنة وكَتَبة الشعب واستخبرهم أين يولد المسيح. فقالوا له: في بيتَ لحمَ اليهودية، لأنّه هكذا قد كُتبَ بالنبي: وأنتِ يا بيتَ لحمَ أرضُ يهوذا لستِ بصُغرى في رؤساء يهوذا لأنه منكِ يخرج المُدَبّر الذي يرعى شعبي إسرائيل. حينئذ دعا هيرودسُ المجوسَ سرًّا وتَحقّق منهم زمنَ النجم الذي ظهر. ثم أَرسلهم الى بيت لحم قائلا: انطلقوا وابحثوا عن الصبيّ بتدقيق، ومتى وجدتموه فأَخبروني لكي آتي انا أيضًا وأَسجدَ له. فلمّا سمعوا من الملك ذهبوا. فإذا النجم الذي كانوا رأوه في المشرق يتقدّمهم حتى جاء ووقفَ فوق الموضع الذي كان فيه الصبي. فلما رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًّا، وأتوا الى البيت فوجدوا الصبيّ مع مريم أمّه، فخرّوا ساجدين له وفتحوا كنوزهم وقدّموا له هدايا من ذهبٍ ولُبانٍ ومُرٍّ. ثم أُوحي اليهم في الحُلم أن لا يرجعوا الى هيرودسَ، فانصرفوا في طريق أُخرى الى بلادهم
Raiati Archives