“الأرثوذكسية” كلمة قديمة جدا تعني استقامة الرأي اي الإيمان السليم، كما تعني ايضًا التمجيد الصحيح لأن إيمان آبائنا هو ألهمهم الصلوات المعبّرة عن الإيمان، فإذا قارنت العقيدة بصلواتنا والترتيل نرى أنهما واحد.
لماذا أصرّت الكنيسة على تخصيص أحد من آحاد الصوم للإيمان المستقيم؟ السبب أن عقيدتك اذا كانت منحرفة فالإمساك عن الطعام لا ينفعك شيئا. الإيمان هو بدء الحياة المسيحية وركنها واستمرارها. لذلك كانت الصلاة تسندك في جهاد الصوم لأنها مملوءة بالفكر الإلهي المأخوذ من الكتاب المقدس والكتاب يقوّم إيمانك.
لماذا نُصرّ على استقامة الرأي ليس فقط في هذا الأحد ولكن طيلة حياتنا؟ لأن هناك جماعات انحرفت عن الكنيسة منذ القرن الأول، والكارثة الكبرى أتت بالآريوسية التي كفّرها المجمع الأول وهي أنكرت أُلوهية المسيح. في الحقيقـة أن كل الهـرطقـات مشتـقـّة عن هذه.
اليوم الآريوسية يردّدها شهود يهوه الذين يُنكرون أُلوهية السيد، ولهذا السبب هم غير مسيحيين.
إنجيل اليوم يعبّر عن الإيمان الأرثوذكسي بقوله: “إنكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر” (اي المسيح). فإذا كان الرب يسوع هو الجسر القائم بين السماء والأرض يكون هذا تعبيرا على أنه الإله.
في الرسالة، بعد أن يبيّن كاتبها قداسة الناس في العهد القديم وعظمتهم الروحية، ينتهي المقطع بـ “لم ينالوا الموعد لأن الله سبق فنظر لنا شيئا أفضل أن لا يَكمُلوا بدوننا”. المعنى أن الكمال بيسوع، وكان على الأقدمين أن ينتظروه وينتظروا تلاميذه (اي نحن) ليصيروا معنا كنيسة واحدة لننال معا المجد الإلهي.
فإذا مشينا جميعًا في هذا الصوم على درس الإنجيل والقراءات الروحية والصلوات المملوءة من الكتاب الإلهي نقدر أن نتأهب للعيد. والقيامة نقومها كل يوم في الصيام اذا غلبنا الخطيئة وانتظرنا المخلّص آتيا الينا فنأكل جسده ونشرب دمه ونحيا بهما حتى ينقلنا الله اليه بالموت.
عيد الفصح، تاريخيا، سابق للصوم. نعرفه منذ القرن الأول، والصيام استغرق أربعة قرون ليتثبّت شيئا فشيئا. الفصح هو الإيمان بالمسيح ربًّا وإلهًا. يمدّ هو اذًا الإيمان المستقيم الذي نذكره الأحد الأول. كل الآحاد اللاحقة تحتوي بطريقة ما الإيمان المستقيم وتنتظر المسيح الآتي الينا والذي ننتظر مجيئه الأخير.
من يعطينا، في هذا اليوم، موهبة أن نكون ممتلئين في كل أحد من الصوم من قوة الفصح المنتشرة على كل أيام هذا الإمساك! من يعطينا ان نصبح فصحيين، قائمين على الفرح! نرجو أن نكون معا في هذه الأيام لنقدر ان نكون معا في الفصح المبارك.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 10، الأحد 4 آذار 2012
أحد الأرثوذكسية