استوقفني إحصاء لنسبة عدد الفتيات غير المتزوجات ببعض الدول وكان عنوان الإحصاء – إما عن جهل موروث في استعمال الكلمة أم للفت النظر للموضوع : نسبة العنوسة. في كلا الأمرين ثمة عدم احترام للمرأة.
كلمة عانس بالمعنى الشعبي تُخْفِي تعييراً.
من أسوأ الأمثال التي سمعتها عن الفتاة هي نصيحة قدّمها راعٍ إلى راعٍ آخر يوم تقدم شاب لطلب يد ابنته وتمنع الأب عن القبول ، قال له : “إسمع نصيحتي، شيل هالقملة من ذقنك وحطها في ذقن غيرك.” النظرة الى المرأة في أي مجتمع متخلف هي نظرة عار.
أما بالمعنى اللغوي فكلمة عانس تعني تأخر الفتاة أو الشاب في الزواج، وفسر المعجم كلمة عانس بما يلي:
” عنَسَ يَعنُس ، عُنُوسةً وعِناسًا وعَنْسًا وعُنُوسًا ، فهو عانس :-
• عنَستِ البنتُ البكْرُ طالت عزوبتُها ، طال مُكْثُها في منزل أهلها بعد إدراكها سِنَّ الزَّواج دون أن تتزوَّج .
• عنَس الرَّجلُ : طالت عزوبتُه ولم يتزوّج .”
لن أتكلم عن عنوسة الشباب لأن المجتمع الذكوري لا يرى عيباً في الذكر. لم أسمع يوما أحداً ينادي رجلاً تأخر في الزواج أو لم يتزوج بعانس، بل ” عايش حياتو، عم يتمتع بالحياة…… ” أما بخصوص الفتاة فهي دائماً مكسر عصا لثقافة طالما اعتبرت المرأة عاراً وحملاً ثقيلاً على أهلها وعائلتها وعشيرتها.
من حدد سن الزواج ؟ ومن له الحق ان يقرر من هي عانس واستناداً إلى أي شرع ؟ من قال بوجوب الزواج أو عدمه ، ألانجاب أو عدمه ؟ من ربط السعادة للمرأة بالزواج أو الإنجاب ؟ ثمة كثير من العذارى أنجبن نفوساً وربيّن أجيالاً دون الزواج، أي بالتربية والفضيلة والتبني.
نعم، الحياة الطبيعية هي في الزواج والإنجاب والعائلة لاستمرارية الحياة. لكن ماذا لو صارت الحياة غير طبيعية؟
ماذا لو كُثُر الذكور وقل الرجال؟ ماذا لو هبط المستوى الأخلاقي في العالم وصار مقياس الرجولة بالترف وحياة الليل وتعدد العلاقات خارج الزواج ومحاولات تقليد حياة غريبة عن عاداتنا المشرقية والمسيحية ؟ ما هي خيارات الفتاة المحافظة ، المثقفة ، ابنة العائلة وإبنة الرب في هذه الفوضى؟ هل يجب أن تسمى عانساً أم امرأةً حرةً شريفة صاحبة أخلاق ومبادئ وتحترم أنوثتها مهما كان الثمن حتى لو حرمت نفسها من أهم حلم لكل امرأة وهو الأمومة.
بين زوجة عبدة وعزباء حرّة فلتحيا العزوبية.
بين بين امرأة متعلمة مثقفة حكيمة بدون زواج وامرأة جاهلة متزوجة فلتحيا ” العنوسة.”
بين امرأة تخاف الله في مجتمع قلّ فيه الرجال الذين يخافون الله فلتحيا ” العنوسة.”
المرأة ليست من ترتبط بذكر لتُنجب جهلاء بل من ترتبط برجل لتُنجب حكماء، وإن لم تُنجب فهي تربي وهذه هي الأمومة الحقّة. المرأة ليست من تُسلّي بل من تبني، تبني نفوساً حرة ثم مجتمعاً حراً يعرف الفضيلة ويحبها.
“العنوسة” شرف يوم يصير الزواج بلا شرف.
الأب ثيوذورس داود
14 كانون الاول 2015