...

وهم الملحدين

 

تكتبُ قائلاً إنَّكَ التقيتَ إنسانًا لا يؤمنُ بالله، وهو ممتلئٌ بالاعتقاداتِ الباطلة. التقيتَ به، الصيفَ الماضي، في حماماتِ الاستشفاء. هذا اعترفَ أمامَكَ أنَّه ولا مرًّة آمنَ بالله، وهو من سنِّ الطفولةِ قد امتلأ من أفكاِر المبصِّرينَ بالكفِّ المضلَّة، وهذا ما زال يعملُه إلى اليوم. وقد أوضحَ بشدَّةٍ أنَّ المبصِّرَة الغجريَّةَ تعرفُ أكثرَ بكثيرٍ من كلِّ الدراساتِ العلميَّة. عدا عن ذلك فهو يخافُ العينَ الشريرة، لذلك يسيرُ في الطريق مطرقَ الرأس دائمًا. ويعتبرُ يومَ الثلاثاء يومَ شؤم، وفي هذا اليوم لا يعملُ ولا يخرجُ من البيت. كما يهربُ من الرقم ١٣ هربَه من الحريق. ذاتَ مرَّة، مازحَه أحدُهم وكتبَ على الطاولةِ أمامَه رقم ١٣ . فما كان منه إلاَّ أن قفزَ بحدَّةٍ رفعَ الكرسيَّ ليضربَ ﺑﻬا الذي مازحه. ومن ناحيةٍ أُخرى، هو في الظاهر سيِّدٌ متعلِّمٌ وغنيّ. ما الذي يدفعُكَ للاستغراب أيُّها الحبيب؟ ألعلَّ الإلحادَ والوهمَ يتَّفقانِ فيما بينهما؟ هذا أمرٌ طبيعيّ، فكِلاهما كذبة. وكلاهما يتأتَّيانِ من ذاكَ الذي دعاهُ الفمُ المباركُ كذَّابًا: “لأنَّه كذَّاب وأبو الكذب” (يو ٨: ٤٤). الحقيقةُ هي دائمًا على ما هي عليه، بينما الكذبُ هو مثل الحِرْباءةِ التي تظهرُ بألوانٍ مختلفة. هذه الصداقةُ بين الإلحادِ والوهم ليست أمرًا غريبًا، كما تظنّ، لا بل أمرٌ منطقيٌّ للغاية. يتلاءمانِ كما يُلائمُ الإطارُ اللوحة. كلُّ إلحادٍ يُحكِمُ عليه الوهمُ يطرتَه. والكِذبةُ تستضيفُ الأُخرى على الدوام. عندما رفضَ شاول الملكُ أن يُطيعَ الله ونبيَّه موئيل، ذهبَ إلى المنجِّمةِ أنذورا، ليسمعَ الحقيقة ويطلبَ نصيحتَها. كان فيليبس، ملكُ بلادِ الغال، يفتخرُ لأمرَين: الإلحادُ ومعرفةُ الحظِّ بواسطةِ التبصير في فنجانِ القهوة. ألم تقرأ في الكتاب المقدَّس كيفَ أنَّ بيلاطسَ وهيرودس، الكذِبتَين، تصادقا، عندَ الحُكم على الحقيقةِ بالموت؟ فصارَ بيلاطسُ وهيرودسُ صديَقين مع بعضِهما في ذلك اليوم لأنَّهما كانا من قبلُ في .(١٢ : عداوة” (لو ٢٣ واليوم، وباستمرار، تتصادقُ كذبتان عندما تواجهان معركة ضدَّ الحقيقة. لاحظ حماقة اليهودِ المُلحدين، عندما أرادوا بإصرارٍ أن يقتلوا المسيح: “ثمَّ جاءوا بيسوعَ من عند قيافا إلى داِر الولاية، وكان ٢٨ ). لأنَّهم يريدون أن يأكلوا الفصح! أن يقتلوا : صبح. ولم يدخلوا إلى داِر الولايةِ لكي لا يتنجسوا“(يو ١٨

إنسانًا بريًئا، هذا أمرٌ لا يُنجِّسُهم، ولكنْ إن دخلوا إلى المحكمةِ في يوم العيد، فبلى! الأمورُ ذاتُها تحصلُ اليومَ مع المُلحدينَ في روسيا، مع أولئكَ الذين ضربوا بالإيمانِ عرضَ الحائط، وسادَ الاعتقادُ الباطل. ولكنَّ هؤلاءِ البائسينَ الأشقياء، لم يشعروا بأنَّهم في ازدرائِهم بالإلهِ الحقيقيّ، سلَّموا ذواتِهم بالكُليَّةِ لسلطةِ معاندِه ٤٤ ). وهذا هو بالضبطِ ما لا يشعرُ : الكبير، لِذاكَ المنافق الخدَّاع الذي كان قاتل الإنسانِ منذُ البدء” (يو ٨ به صديقُكَ الذي التقيتَه، والذي رمى اللهَ جانبًا وأحلَّ مكانَه البدويَّة المُشعوذة.

المسيح قام

للقدِّيس نيقولاوس فيليميروفيتش

الذهبيّ الفم الصربيّ

 

دير رقاد والدة الإله – حمَطوره

© ٢٠١٠__

موقعمطرانية  طرابلسوالكورة

وهم الملحدين