“كان يخاطبهم بالكلمة” أي بنفسه وما من حديث في الإنجيل وكتبنا والعبادات الا عنه. كل شيء في كلامنا يأتي منه ويعود إليه. طوبى لذلك الإنسان الذي لا يزيد حرفًا على كلام يسوع. لك الحق ان تسمع إلى كلمات من البشر، من أدباءهم ومفكريهم، ولكن لا تحتفظ منها الا بما كان يوافق كلام يسوع.
وما يفرضه علينا هذا أن نخاطب الناس نحن أيضًا بكلمات المخلّص. ما كان ضده لا نستمع إليه ولا نردّده. وما كان منه نحفظه حفظا جيدا لخلاصنا. أن تحفظ كلام السيد ولا تناقضه، هذا أقل ما يُطلب منك. أن تقضي كل حياتك لتدقق في ما تعتقد به، لتدقق في ما تسمع في هذه الدنيا وتقرأ، هذا هو المطلوب الأساسي منك. تمتص الإنجيل امتصاصا لتطرد عن ذهنك وكلامك ما يخالطه، هذا هو واجبك الأول.
إن لم تصر أنت إنجيل المسيح، لا تقدر أن تفهم شيئا من الأناجيل. هذا الكتاب وُجد لتصبحه. ليس عند يسوع كتابان: الإنجيل وأنت.
لكون المسيح خاطب الناس بالكلمة وحدها، أي ليس بغير كلام الله، فليس عندك أنت كلام آخر. ينتج من هذا أن أعظم مسعى عقليّ عندك أن تستوعب هذا الكلام لتصيره، حتـى إذا صرته يقرأك الناس فتصير أنت إنجيلهم. ذلك إنك، إن أدركت قمة الحب، يستغني بك الناس عن الكتب المقدسة.
أما أنت فاقرأ ما استطعتَ منها، لأنك، إن لم تُقبل عليها، ترى نفسك منكبّا على كلامك البشري، وأحيانا يكون فيه الكثير من التفه. إذا استطعت ان تصبح في شخصك إنجيلا للمسيح، يقرأونك ويكتفون.
ما يعنيه هذا هو ان تلزم نفسك بمطالعة الكتاب الإلهي كل يوم في وقت تحدده لنفسك، فلا تقصّر فترة القراءة لأن في ذلك اقتناعا عندك انك تحتاج الى هذا الكتاب.
روّض نفسك إلى حاجتها إلى كتاب الله حتى لا تظن انه يُستعاض عنه بكتاب آخر أيا كانت قيمته. لا يتكلّم عن الرب أحد بأعظم مما قاله عن نفسه. لذلك لا تعوّض الكتب، بما فيها كتب الآباء والقديسين، عما قاله الله عن نفسه.
وهذا يعني ان تصبح أليف الكتاب بقراءته كل يوم لأنه الخبز السماوي. ما من كتاب عظيم في العالم يمكن ان يكون عندك بدل الإنجيل. ما قاله الآباء استلذاذ بالإنجيل وليس الإنجيل. الإنجيل لا تتركه أبدًا.
جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 10، الاحد 8 آذار 2015