الرّعاية
مقاربة شفاء النّفوس
يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتي عمل الراعي تدريب الناس (مرافقتهم أو تربيتهم Pédagogie ) وإرشاد نفوسهم إلى الخلاص”.
النفس بالمعنى الكتابيّ هي الإنسان كلّه. الخلاص هو من الخطيئة والموت. يقول أيضًا القدّيس أنطونيوس الكبير “الآباء القدماء كانوا يذهبون إلى البريّة وعندما يصبحون أصحّاء (كاملين) يمسون أطبّاء، فيعودوا لكي يجعلوا الآخرين بدورهم أصحّاء كاملين” لذلك قيل:”أيّها الطبيب أشفِ نفسك أوّلا” (لوقا 4: 23).
كذلك القدّيس يوحنا كرونشتادت الروسيّ، كان يصف الطبيب الحكيم بقوله: “هو الطبيب الروحيّ الذي يكشف له المريض (النفسيّ) عن كلّ جراحاته بلا خجل… بثقة وامتنان”.
سقراط نفسه كان يُدعى “طبيباً للنفس”.
إنّ اللغة الطبيّة في استخدامها في الأدب الكنسيّ تقودك إلى مرتبة أعمق، هذا في اللاهوت الرعائيّ والشفاء الكامل.
الرعاية تأخذ بعين الاعتبار القواعد التراثيّة الآبائيّة القديمة، كما تعتبر أيضًا وتحترم تلك الحديثة والمعاصرة، ذلك من أجل المصالحة والشفاء. لاحظوا قول الإنجيل:
“كلّ كاتب متعلّم في ملكوت السموات يشبه رجلاً ربّ بيت يُخرج مِنْ كَنْزهِ ما هُوَ جديدٌ وما هُوَ عَتيق” (متى 13: 52)
والرسول بولس يقول أيضًا: “الله الذي صالحنا
لنفسه بيسوع المسيح… أعطانا نحن أيضًا (اليوم)
خدمة المصالحة” (2 كورنثوس 5: 18)
أخيراً وليس آخِراً، تعطى في الرعاية أهمّيّةٌ للإرشاد الروحيّ. الأب الروحيّ يتذكّر أنّ الربّ يسوع (مع تعاليمه) قد أتى لينقذنا من الخطيئة والموت. هنا تدخل أهمّيّة التوبة (التغيّر الكامل والتحوّل إلى الله) والاعتراف. في البداية الأب الروحيّ يُعطي نفسه بالكليّة أمام تلميذه، في جوّ من المحبّة الخالصة، وشيئاً فشيئاً يكشف له عيوبه وأخطاءه. إنْ كان المعترف يستغلّ بساطة الأب ومحبّته ويتصرّف بوقاحة ومراوغة، عندها ينسحب الأب بعد أن أراح ضميره بمبادرته الطيّبة.
لا شكّ في أنّ المحاولات عديدة في الإرشاد، في التعليم والعمل. لكن في النهاية النعمة الإلهيّة هي وحدها تمنح الشفاء التامّ.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما