...

كلمة الراعي الصليب

لـمــاذا نُصرّ على الصليـب؟ على رسم إشارة الصليب؟ لأننـا نعيـش في نطاقـين: النطـاق النـفسي والنطـاق الجسدي، وكلاهـما يعبُد الـرب. يعبُـدانـه معـًا.

هكذا الـمـصافحــة بين شخصين حيـث اليـد تتحـرك لأن القـلب اختـلـج. هكذا القبـلـة. هـذه ليست اصطنـاعيـة. الـمــصافحـة رمـز، إشـارة تحتــوي معـنـاهـا وتنـقـله.

بالـروح عينـها نتقدم الى الـمـناولـة الإلهيـة وذراعانـا مضمـومتان على الصدر بشكـل صليب. والشمّاس يطـوي الـزنـار الذي يتمـنطـق بـه، يطـويـه بشكـل صليـب على صدره ليـدل على انـه مصلـوب مع الـمـسيـح ومُبيـد الخطيئــة. اما في الـمــعـموديـة فيُعطى الولد صليبا يُعـلّـق في عنـقه لكي يذكُـر على الـدوام ان مخلّصـه حـيّ.

ينبغي ان نتصل بالـلـه بالقـلب كلـما صلَّبـنـا وجوهـنـا لا أن تـأتي علامة الصليـب آلـيّة. نحـن لسنـا في عالـم السحر حيـث الاعتـقاد أن الساحـر اذا قـام ببعـض إشـارات يـأتـي بنـتـيجـة معـيـّنــة. إشارة الصـليـب عنـدنـا مصحــوبـة بذكر الـمخـلّص او الثالــوث جـمـلـةً.

في الاتجاه نفسه ظهر إكرام الصليب كأداة توضع في الكنـائس او أماكـن اخرى منـذ القرن الثـالث. في القرن السادس نرى الـمـصلوب مرسومـا على الصليـب. ولكن في البـدء نجد يسوع لابسا حلـة ملـوكيـة ومفـتـوح العـينين لكـونـه غـالـب الـمـوت. في العالـم الارثوذكسي لا نعـرف الصليـب عـاريـا. الـمخلّـص مـرسوم دائما، الأمر الذي يجعـل الصليب عنـدنـا أيقـونـة لـها شكـل خاص. ويُستعمـل لـلبركـة ولتقـديـس المــــاء يـوم الظـهـور الالـهي.

أقدم شهادة عن إشارة الصليـب هي مـن القرن الثاني الـمـيلادي. انها ممـارسـة منـذ العصـور الاولى ولـم نبتـدعها ابتـداعا. وحتى الانشقاق سنـة ١٠٥٤ وبُعيده، كان العالـم الـمـسيحي يمارسها على الطـريقـة التي نحتـفـظ بهـا نحن (ثـلاثـة اصابع مضمومـة والاشارة مـن الجبين الى الصدر الى الكـتـف اليمـنى اولا). وعنـدما يرسمـها الكـاهـن على الشعـب يُنــزل يـده مـن فوق الى أسفـل ثم ينـتقـل الى جهـة اليسار قبـل اليمين ليـأتي الـرسـم على يمـين الـمـؤمنين. هذه العلامة يرافقها دائما ذكْر الثالـوث الـمـقدس: باسـم الآب (او الـمجد للآب) والابـن والـروح القـدس او قـدوس الـلـه، او ايّ دعاء يتضمـن معـنى السجود، اذ نشيـر بذلـك الى ان الثالـوث الإلـهي منـذ الأزل صمّـم مـوت الابـن على الصليـب “فالمسيـح ذبيـحٌ قبْـل إنشـاء العـالـم”.

اما الإكرام في العبـادات فيـوما الاربعـاء والجمـعـة مـن كل اسبـوع مركّـزان على “الصليـب الكـريم المحيـي” ربمـا لكـونهما يـومي صيام بـل اول صيـام ظهـر في المسيـحيـة. كذلـك نصوم في ١٤ أيلـول يوم عيد ارتفاع الصليب لأن الصيام نـوع مـن مشاركتنـا آلام السيـد.

الى جانب هذا الـعيد لنـا عيدان آخران. في اول آب عنـدنـا تـزييـح الصليـب اذ كانت الأمـراض تكـثـر في آب في القسطـنطـينـيـة فكـان يُطـاف بـيـن اول آب و١٥ منـه بعـود الصليب في شـوارعها لتقـديس الأمكـنــة ورفع الأمـراض، ثـم يـوضع في مكـان لكي يـراه الشعـب ويسجد لــه. ثـم فـي الأحـد الثـالـث مـن الصوم نعـيّـد فيـه لـلصليـب حتى يشتـدّ حبّـنـا لـلسيـد ولا تتـراخى عـزيمتـنـا بسبـبٍ مـن تـعـب الصـوم.

هكذا نشهـد بالرمـوز والعبـادة لسـر الخـلاص.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).

الرسالة: غلاطية ١٦:٢-٢٠

يا إخوة، اذ نعلم ان الإنسان لا يُبـرَّر بأعمال الناموس بل انما بالإيمان بيسوع المسيح، آمنَّا نحن أيضا بيسوع المسيـح لكي نُبـرَّر بالإيمان بالمسيـح لا بأعمال النـاموس اذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحد مـن ذوي الجسد. فإن كنّـا ونحن طالبـون التبرير بالـمسيـح وُجدنا نحن ايضا خطـأة،أفَيكون المسيـح اذًا خادما للخطيئـة؟ حاشى. فإني إنْ عدتُ أبني ما قد هدمتُ

أَجعـلُ نفسي متعـديـا، لأني بالناموس مـتُّ للناموس لكي أَحيا لله. مع المسيح صلبتُ فأحيـا، لا أنا، بل الـمسيـح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحيـاه في إيمـانِ ابـنِ اللهِ الذي أَحبّني وبذل نفسه عني.

 

الإنجيل: مرقس ٣٤:٨-١:٩

قال الرب: من أراد ان يتبعني فليكفُر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني، لأنّ من أراد ان يخلّص نفسه يُهلكها، ومن أَهلَكَ نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلّصها. فإنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، ام ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ لأن من يستحيي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحيي به ابنُ البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القديسين. وقال لهم: الحق أقول لكم إنّ قوما من القائمين ههنا لا يذوقون الموت حتى يرَوا ملكوت الله قد أتى بقوّة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة الراعي

الصليب