بين الفصح والعنصرة تأتي قراءات الإنجيل من بشارة يوحنا وهو الذي تحدّث عن القيامة أكثر من بقية الإنجيليين. لكن قبل ان أُحوّل أنظاركم إلى الإنجيل، لا بدّ أن أَلفتكم إلى الرسالة التي تُقرأ اليوم، فقد جاء فيها معجزتان: معجزة أولى تُذكّر بحادثة الإنجيل، وهي معجزة شفاء بطرس لرجل في اللد يُدعى أينياس. كان هذا مخلّعًا مثل مخلّع الإنجيل، والمعجزة الثانية إقامة بطرس لطابيثا.
كأن كتاب أعمال الرسل أراد ان يُظهر أن القوة التي كانت في المسيح انتقلت إلى بطرس وكل الرسل الذين صاروا قادرين على اجتراح العجائب. وإتمامًا لهذا المعنى، نستطيع أن نقول ان القوة التي كانت في المسيح قد انتقلت أيضًـا إلى الكنيسة في إتمامها الأسرار وهي عجائب لأنها شفاء، وان هذه القوة انتقلت إلى القديسين أيضا الذين يصنعون معجزات في المؤمنين جيلا بعد جيل.
المسيحية تنتقل وتفعل يوما بعد يوم. قوّة المسيح وفعله لم يتوقفا في عصر لأن الروح القدس الذي أَرسله من لدن الآب هو معنا يوما بعد يوم كأن المسيح حاضر في ذاته وحاضر بفعله بالروح القدس.
اما إذا تحوّلنا إلى الإنجيل فنجد مخلّعًا لا يلتفت اليه أحد ليرميه في بركة بيت حسدا التي تعني بالعربية بيت الرحمة. إنسان ينتظر حتى وجد مصدر الرحمة في يسوع. غير أن يسوع لا يستعمل وسيلة كانت في العهد القديم، أي البِركة، بل شفى المخلّع بكلمة منه.
غير أني أَودّ أن أَلفتكم إلى شيء أساسي وهو سؤال السيد للمخلّع: «أتريد أن تشفى؟»، وكأن الشفاء مشاركة بين الله والإنسان. يجب ان يقبل الإنسان أولاً ثم يفعل الله. كل خلاصٍ اشتراكٌ بين الخالق والمخلوق. أراد الإنجيل ان يتكلّم هنا عن الغفران. الغفران مشاركة بين الله والإنسان، يحتاج إلى توبة الإنسان ونعمة الله. التوبة ممكنة لأن الإنسان قادر أن يريد ولأن الله قادر ان يعطي. كل إنسان معذّب جسديا وروحيا، وهو بحاجة إلى نظرة إلهية. ليس من السهل ان يعترف الإنسان بأنه ساقط وانه محتاج إلى الله.
المريض من أورشليم ما كان واعيًا بأنه خاطئ، لكن السيّد قال له: «اذهب ولا تخطئ لئلا يُصيبك أشرّ». عمّق المسيح رؤية هذا الشفاء. أدخله من المرض الجسدي، المرض القاهر، إلى المرض الروحي الذي كان فيه وهو أفتك من العلّة الجسدية.
لذلك عندما تصلّي الكنيسة على مريض تصلّي أولا من أجل الغفران ثم من أجل مرض الجسم. نعرف، علميا، أن الأمراض تتأثر أحيانا بالوضع النفسي للإنسان. روحيا الأمراض متشابكة بالخطايا. من هنا أننا، إذا مرضنا، واجبنا الأول أن نتوب إلى الله لنشفى ونعود أصحاء.
جاورجيوس، مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
عن “رعيّتي”، العدد 21، الأحد ٢٢ أيار ٢٠١٦